"موقع قيادة الأمة هو الأهم وهناك مؤهلات خاصة بتولي هذا الموقع ولاتنطبق على القيادات والحكام الحاليين". من خطاب عبده الحوثي أمس. هذه الفكرة لوحدها، وهي أساس الفكرة الحوثية بشكل عام، تعني أن هذه الجماعة لا تعترف بالديمقراطية ولا بالدولة ومؤسساتها، ولا بالشعب وإرادته!!. هذه الفكرة الخطيرة، والتي تمثل خطرآ مباشرآ على أي عملية سياسية قائمة أو مستقبلية، تحيل الى أنه لا يمكن الاتجاه نحو بناء مجتمع حديث يمارس الديمقراطية في ظل دولة مستقرة ومتقدمة الا بعد عملية إصلاح فكري وديني عميق يقضي على الأفكار المعيقة لعملية التحول المنشودة. في تراثنا الفكري/الديني كم هائل من الألغام التي ستظل قابلة للانفجار في أي لحظة وما الحوثية والجهادية السنية الا بعض من تجلياتها. إن عملية القفز الى المستقبل المنشود دون التوقف عند هذه الاشكاليات الكبرى في التراث تبقى عملية محفوفة بالمخاطر ولن تحقق شيئآ مما تسعى اليه لأنه في كل مرحلة تاريخية من مراحل بناء الدولة الحديثة ستظهر جماعة تعتمد على مثل هذه الأفكار الأصولية، والتي حلت محل القرآن، لتثير العديد من المشاكل المعيقة للتحديث وتجعل كل جهود البناء تتوجه نحو محاربة تلك الجماعات ومواجهتها فكريآ وعسكريآ. تبدو هذه المرحلة كمرحلة مثالية للتأسيس، على الاقل، لعلمية نقدية تعمل على أرضية إصلاح فكري ديني، لأني أشك كثيرآ في توفر ظروف أفضل إذا ما فاتتنا هذه اللحظة الفارقة. فهل نستوعب الآن أم أننا سنظل كالعادة نشتغل على الحيز التلفيقي في محاولة منا للهرب من استحقاقات المستقبل وعواقب مواجهة الماضي؟!! مع ملاحظة أن إستمرار هذه المحاولات التلفيقية لن يوصلنا الى أي مكان آخر عدا التراجع الى خطوط الحرب الدينية وضياع الدولة القطرية كآخر ما تبقى من إنتاجات التيارات التلفيقية.