خاض النظام السابق ستة حروب ضد جماعة الحوثي. لم تكن تهدف إلى إخماد تمرد الجماعة ودحرها والإنتصار عليها. كانت تهدف إلى صناعتها وتقويتها وتصويرها على أنها قوة من الصعب الانتصار عليها؛ عدا الحرب الأولى التي انتهت بمقتل مؤسس الجماعة حسين بدرالدين الحوثي. الحرب التي تنتهي دون أن يحسمها طرف لصالحه مع امتلاك أحد هذه الأطراف القوة والإمكانات التي تجعله قادرا على الحسم يعد انتصارًا للطرف الأضعف الذي لا يمتلك تلك القوة، هذه الطريقة هي التي استخدمها علي صالح في صناعة جماعة الحوثي، أضف إليها فتح المخازن ومدّ الجماعة بالعتاد. صالح كان يهدف من وراء صناعة هذه الجماعة ابتزاز الداخل والخارج لاستجلاب الدعم اللازم للحفاظ على السلطة بيده فقط.. وبالعودة إلى الحروب التي خاضتها جماعة الحوثي سواء مع الدولة أو مع أطراف أخرى؛ نجد أن الجماعة لم تنتصر إلا في تلك الحروب التي خاضتها مع الدولة، أما التي خاضتها هنا وهناك ضد أطرف أخرى لم تحقق أي انتصار!.. ففي 2011م واثناء الثورة الشبابية السلمية خاض الحوثي حربا خاسرة امتدت لشهور مع قبائل الجوف بهدف السيطرة على المحافظة وبسط نفوذه. سحب صالح قوات الجيش والأمن منها ليسهل عليه ابتلاعها؛ إلا أن أبناء الجوف كانوا ندا صلبًا للحوثي أرغموه على التقهقر والعودة إلى أدراجه. وكذلك الحال في الحروب التي شنها على قبائل العصيمات وكتاف وحرف سفيان شمال عمران, أوفي منطقة الرضمة محافظة إب وبعض مناطق حجة وحرب دماج الأولى؛ لم يحدث أن انتصر الحوثي في تلك المناطق أو استطاع السيطرة حتى على أجزاء منها. كان الحوثي يهدف من وراء تلك الحروب العبثية التي خاضتها جماعته - منذ الحرب الأولى عام 2004 م إلى اليوم- كان الغرض منها السيطرة على مناطق جديدة وبسط نفوده عليها بقوة السلاح تمهيدا لاستعادة ملكه وحقه الإلهي المزعوم في الحكم؛ أما حربهم الحالية على دماج فلم تكن للأسباب السابقة لعوامل عدة منها: وقوع منطقة دماج داخل صعدة. السلفيين أقلية ولا يشكلون أي خطر على الحوثيين ولا يمتلكون السلاح الذي يمتلكه الحوثي ولم يكن السلفيين هم من بدأوا بالعدوان؛ إلا أن التوقيت الذي بدأ فيه العدوان يكشف السبب الحقيقي الذي يقف وراء مايجري في دماج، فالحوثي يرى أن الحوار الوطني شارف على الانتهاء وأن مخرجاته ملزمة لكل الأطراف وأن هذه المخرجات ستفضي إلى بناء الدولة اليمنية الوطنية الحديثة التي لن يستطيع معها إلا أن يكون حزبا سياسيا ينتهج العمل السياسي السلمي الديمقراطي في الوصول الى السلطة ونشر أفكاره، وهذا ما لا يرضاه الحوثي، فشن هذا العدوان على دماج وبهذه الشراسة بهدف إفشال الحوار الوطني والتنصل عن مخرجاته وإدخال البلاد في دوامة الاقتتال الشامل الذي يتنافى مع أبسط أسس بناء الدولة الحديثة بقدر ما يقوضها. وإذن؛ هناك مقاومة شديدة تقف في وجه بناء الدولة اليمنية يقف الحوثي في الواجهة مسنودا بسلاح صالح وأنصاره وهم يسعون لتفجير الوضع في أي وقت؛ ولكن ومن خلال محاولات المخلوع والحوثي بقايا الأنظمة البائدة. سيهزم الحوثي في دماج كما هزم في معاركه السابقة ولن يستطيع والمخلوع إيقاف بناء الدولة فالماضي لا يمكن أن يقف أمام المستقبل أو أن ينتصر عليه .