كُنا نقول دائما شر البلية ما يُضحِك.. وللأسف, ولى ذلك الزمن ! فبلايا اليوم لا تُضحِك أحدا بل تُبكي الحجر والشجر قبل البشر! مِن المُبكي أن تمُر عشرةُ أيام دون أن تُنشر التفاصيل الكاملة لجريمة الهجوم على وزارة الدفاع ومستشفى العُرضي وأن يُترك الشعب نهباً لإشاعات المتخاصمين وأوهام المتحاربين.. مِن المُبكي أن تصل وفودٌ أجنبية لتقديم العزاء بينما لم تكلف دولةٌ عربية واحدة نفسها بذلك.. حتى الدول القريبة والجارة والراعية والداعمة.. إلى آخر الأغنية!.. لم تكلف نفسها إرسال وفد عزاءٍ ومواساة !.. اللياقة تحتم ذلك , والواجب يفرضه!.. ولكن : مَن يَهُن يَسهُلُ الهوانُ عليهِ.. ما لِجُرحٍ بميتٍ إيلامُ ! كما قال سليل كِندة عمنا المتنبي. مِن المُبكي أن نكون نحن اليمنيين ملكيين أكثر من الملك !.. فالصحافة العربية والخليجية الرسمية على وجه التحديد نشرت عن تفاصيل جريمة الهجوم على وزارة الدفاع أكثر وأخطر مما تم نشره في الصحافة اليمنية ! بينما نحن ما نزال مسكونين بأوهام سبعينيات القرن الماضي وجهالاته حين كان البعض يظن أن مقالاً يمكن أن يهد دولةً أو يخرب شعباً ! وللأسف.. ها هو الزمن يُخَلفنا وراءه ! فالدول المحافظة في الجزيرة العربية أصبحت محور الإعلام الجديد والمتجدد والمنافس في العالم العربي فضاءً وأرضاً.. بالصوت والصورة والكلمة المقروءة.. أما نحنُ فغائصون في رمال الأوهام تائهون في حروب الغبار. هكذا كُنا .. وهكذا نحن اليوم ! ولا يبدو في الأفق بارقُ ضوءٍ من عِلمٍ أو فهم.. نضخم بالوهم , ونقاتل في معركة طواحين هواء لا أحد يراها سوانا ! مِن المُبكي أن تنشغل النخبة الخائبة بقضية تغيير أو تعديل الحكومة أكثر من انشغالها بضحايا الطائرات بلا طيار في رداع الأسبوع الماضي.. وهي لامُبالاةٌ انحدرت بالنخبة الخائبة إلى دَرَكِ النخبة الخائنة ! فدماء الشعب تراق عياناً وبياناً وفي موكب عُرسٍ أصبحَ مأتماً كبيراً ولم يُحرك أحدٌ إصبعه احتجاجاً أو يرفع صوته انتفاضاً. مِن المُبكي أن مؤتمر الحوار الحائر لم يجد ما يُحفز على توصيةٍ عاجلة للدولة والأمريكان بإيقاف ومنع الطائرات العمياء عن قتل المواطنين اليمنيين فوراً وليس بعد انتهاء الحوار الذي لن ينتهي إلا بعد الانتهاء من قتل محافظاتٍ بأكملها. مِن المُبكي ألا يلتفت أحدٌ إلى توقيت جريمة القتل بالطائرات بدون طيار لأبناء رداع وِلد ربيع وكأنها مجرد تغطيةٍ لجريمة الهجوم على وزارة الدفاع.. من يكشِف المخبأ.. من يجرؤ على الكلام ! مِن المُبكي والمخجل معاً ألا تذهب قناةٌ تلفزيونية يمنية واحدة إلى رداع لمعاينة ضحايا العرس/المأتم والتأكد من الشهود وأهالي ضحايا الظلم والغدر وصمت النخبة السياسية والإعلامية الحاكمة والمتحاورة الحائرة. مِن المُبكي والمخزي أن أحداً لم يقدم استقالته بعد جريمتي وزارة الدفاع ورداع ولم يتم إقالة أحد.. وللمقارنة فقط , فقد قدم عمداء كليات ووكلاء جامعات في مصر استقالاتهم احتجاجا على مقتل طالب في الجامعة ! أما اليمنيون فحاذقون حِذقَ فئران.. متربصون تربصَ قِطط.. وبين الحِذقِ والتربص يحسبون أنفسهم سياسيين ! ولم تعد هناك قيمةٌ لموقفٍ أو احترامٌ لمعنىً وسط جوقةٍ صاخبةٍ لا تقول شيئاً! قلتُها مراراً وأقولها اليوم.. الشعب أصدق إنباءً من النخَبِ , والوطن أبقى من الأصنام القديمة والجديدة.. الدولةُ أولاً أو الطوفان.. وكرامة الإنسان هي كرامة الأوطان.. والمشكلة متى تقتنع الفئران الحاذقة والقطط المتربصة ! *من صفحة الكاتب على الفيس بوك