يتجه الشباب السوري إلى الهجرة عن بلاده بعدما ضاقت به السبل داخل سوريا بسبب ظروفها الراهنة وما أدى إليه القتال بين المعارضة وقوات نظام بشار الأسد من دمار وشلّ للحياة، لكن الهجرة ليست خيارا سهلا أو آمنا بالضرورة. وتتزايد الهجرة نحو أوروبا بالخصوص يوما بعد يوم، الأمر الذي سيشكّل لاحقا حسب مراقبين خطرا كبيرا يتمثل باستنزاف جيل كامل، فيما يبرر آخرون ما يحدث بأن هذه الهجرة قد تكون الحل الأفضل حاليا على أساس أنها ستساعد في تأهيل الشباب المهاجر للعودة يوما إلى المساهمة في صنع مستقبل بلاده بشكل أفضل. والمثير أن حديث الهجرة بات قاسما مشتركا في جلسات الشباب وتجمعاتهم خصوصا في حلب وريفها، حيث يتحدثون ويحلمون بالهجرة إلى دول أوروبا بطرق غير شرعية عبر تركيا، وكثيرا ما تسمع شبابا ينشغل بالمقارنة بين الخدمات التي تقدمها الدول المختلفة للاجئين السوريين إليها حتى يختاروا الوجهة الأفضل للهجرة. الشاب علي يقول إنه قرر السفر إلى السويد ويبحث الآن عن مهرّب يطلب سعراً مناسباً لإيصاله إليها موضحا الأسباب التي تدعوه للسفر "كنت طالبا جامعيا أدرس اللغة العربية في حلب ولكني اليوم توقفت عن الدراسة وبحكم ضيق فرص العمل في ريف حلب، حسمت أمري وبدأت أبحث عن مهرب يكون أميناً وصادقاً بالتعامل وما زالت أبحث حتّى الآن". أما الشاب ياسر فقد تمكّن من الوصول إلى لندن بعد معاناة كبيرة خلال رحلته من تركيا إلى اليونان التي مكث فيها قرابة الثلاثة أشهر، وبعد عدة محاولات تمكن من السفر بجواز سفر مزور من مطار أثينا نحو إيطاليا، وبعد يومين في إيطاليا استقل القطار خفية نحو لندن مباشرة، وما إن وصل لندن حتّى سلم نفسه للشرطة البريطانية ليتم تسجيله لديهم. يقول ياسر عن رحلته في حديث للجزيرة نت "لقد كلفتني الرحلة قرابة الستة آلاف دولار وقضيت أياماً كثيرة أعاني التوتر بسبب وجودي للمرة الأولى في مناطق لا أعرفها، أما اليوم فأنا أتعلم اللغة وحلمي أن أكمل دراستي الجامعية في لندن". ويرى البعض أن الشباب الطامح في السفر نحو دول أوروبا هم من الطبقة الثرية كون تكاليف السفر لا يقوى عليها سوى المقتدرين ماديا، فقد تصل أحيانا إلى ما يزيد عن عشرة آلاف دولار بغية الوصول نحو دولة ما. أيمن الحلبي يحلم بالسفر نحو بريطانيا ولكن ظروفه المادية صعبة جدا إذ يقول للجزيرة نت "إن تأمين مبلغ يتجاوز المليون ليرة سورية (5800 دولار) شبه مستحيل بالنسبة إلي خاصة وأنني أنفق على عائلتي بعد أن فقد والدي وظيفته بسبب انشقاقي عن الجيش، ولكن لا يمنعني أحد من أن أبقي هذا الحلم في مخيلتي". الطريق لأوروبا كما يواجه من يود الهجرة إلى دول أوروبا خطر التعامل مع المهربين ممن أخذوا هذا العمل كمصدر دخل لهم، فمن يجهل طرق التعامل معهم سيقع لا محالة بين براثن مهرب محتال. ويتحدث عبد الحميد -أحد المهربين من مدينة حلب- عن تفاصيل التهريب قائلا "كلما تجمع لدي مجموعة من الشباب لا تقل عن عشرة أذهب بهم إلى تركيا عن طريق التهريب ثم نسلك الطريق إلى مدينة "إدرنة" على الحدود اليونانية التركية. ويضيف في حديث للجزيرة نت "بعد أن نصل اليونان إما أن استخرج لهم جوازات سفر مزورة تحمل صورهم الشخصية بأسماء تعود لمواطنين من أوروبا أو أتركهم في أثينا حسبما يرغبون هم". المصدر : الجزيرة