أصدرت اللجنة الأمنية العليا، قبل أشهر، قرارا بحظر حركة الدراجات النارية في أمانة العاصمة بشكل نهائي، لم تحدد اللجنة مهلة للحظر وأقرت إغلاق محلات بيع الدراجات عدد قرارات حظر الدراجات التي امتدت إلى محافظات أخرى إلى 24 قرارا قادت إليها استمرار أعمال الاغتيالات التي طالت قيادات عسكرية وأمنية وسياسية. تضررت كثير من الأسر التي كانت تعتمد على عائدات (المتر) وزادت حالتها سوءاً، وتحت ضغوط الملاحقات والمصادرات فكر بعض ملاك الدراجات في حيلة تخلصهم من دائرة الحظر المفروض. تشير تقارير أن صاحب فكرة (الخلاص) هو مالك دراجة نارية يدعى عبدالسلام العواضي، من أبناء مديرية العدين محافظة إب، يعول أسرة كبيرة وتعتبر دراجته مصدر رزقه الوحيد. يقول العواضي إنه شعر بالخطر على أسرته بمجرد معرفته بأن القرار سوف يمدد حتى إشعار آخر، مشيرا إلى أنه تفهم خطورة المرحلة وأن القرار لم يأتِ من فراغ بل من أجل تعزيز الأمن والاستقرار والحد من مسلسل الاغتيالات في شوارع العاصمة. فكّر كثيراً وقرر مواجهة محنته واستئناف عمله، دون مخالفة القرار واحتراماً للقانون والأمن، فاخترع عجلة ثالثة تقابل العجلة الثانية للدراجة لتحمل العجلتين كرسي يجلس عليه الراكب، يوجد في المقعد الاضافي نافذتين جانبيتين ولمبة ضوئية وسماعة، وهي طريقة تحاكي (التك تك) الذي كان بدأ بالانتشار داخل العاصمة، تلك الفكرة مميزة ومناسبة وأكثر سلامة وأمان من قبل، فالكرسي سيحمي الراكب من الشمس والمطر والرياح ومن أي حادث. ميزة الإضافة التي انتشرت سريعا أنها تقلل من سرعة الدراجة وتجبر السائق على الالتزام بحركة السير مثل السيارات، ويصعب عليه تجاوز الرصيف ومخالفة الإشارات المرورية أو الفرار من أزقة الحارات والشوارع الفرعية. بعض من لم يتمكن من تنفيذ الفكرة التي تتطلب كثير من المال اضطر للعمل متخفياً بعيداً عن أعين الأمن، وبعض آخر لم يتحمل الخوف على مصادرة دراجته فاضطر للبحث عن المال الكافي لتحويل دراجته إلى "تك تك". ماجد العماد، يقول إن "التك تك" كلفنه الكثير من التعب والبحث عمن يسلفه (60) ألف "حتى أحصل عليه ولا تكفينا ابتسامة رجال الأمن في وجوهنا عندما نمر من أمامهم من نسيان ما قاموا به سابقاً من ملاحقتنا". علي محمد حاتم بقول هو الآخر: ضحينا بالكثير بسبب قرار الحظر، اشتريت دراجتي النارية بغرض الحصول على لقمة العيش لأسرتي لكن الحكومة واجهتنا بالتعسف ومنعتنا من مزاولة العمل، لكني لم أيأس وكنت أعمل في الحارات متخفياً وذات يوم ألقي القبض عليّ من قبل دوريات الأمن، وأتذكر أن العسكر سحبوني خلف السيارة لبضعة أمتار وبعد مناوشات معهم قال لي أحدهم: ادفع خمسة ألف ونسلم لك المتر ففرحت وانطلقت إلى البيت لأخذ مصروف أطفالي الجوعى فوصلت إلى البيت وشرحت لزوجتي الموضوع فأعطتني المبلغ وعينيها تغرق بالدموع وأطفالي حولها يبكون لكنهم لا يعرفون السبب وأعطيت المبلغ للعسكر وسلموني دراجتي". مختتما حديثه: "هناك أسر بعض سائقي المترات تحولت بعد قرار الحظر إلى متجولة في أماكن تجمع القمامة للبحث عن العلب الفارغة لكي يحصلون على الطعام". مطيع القباطي يقول ل"الأهالي" إنه اشتغل عدة سنوات جاهداً لإعالة أسرته وجمع مبلغا ضئيلا من المال واقترض مائة ألف ريال من أحد أصدقائه واشترى دراجة نارية "ولم يمضِ شهرين حتى حظرتها الحكومة وشعرت حينها أن أحلام أسرتي ذهبت خلف ذلك القرار المؤلم ولم أستطع النوم تلك الليلة من شدة الحزن وفكرت أن أبيع الدراجة". ويضيف: ذهبت إلى أحد المحلات وعرضت عليهم بيع المتر فأعطوني مبلغ (80) ألف ما يعادل نصف قيمة الشراء، فقلت لهم: لم يمض على شرائي له سوى شهرين. فقال: لي صاحب المحل بسخرية أعجبك المبلغ ماشي روح بيعه قطع غيار في الحراج بعشرين ألف، الرد القاسي الذي لقيته من صاحب المحل دفعني إلى الاحتفاظ بالمتر؛ وفكرت أن اقترض من أحد أصدقائي مبلغ (60) ألف لتحويل المتر إلى تك تك فاتصلت به فوافق على شرط أن أسدد المبلغ بعد خمسة أشهر بالتقسيط فشعرت حينها ببعض السعادة لأني سوف أعيد لأسرتي قوت عيشهم فأسرعت إلى إحدى الورش وسلمت لهم المبلغ على موعد أن أتسلم التك تك بعد أسبوع جاهزاً لكني أتيت بعد أسبوع ولم يتم تجهيزه وظللت أتردد على الورشة قرابة الشهر وخسرت عشرين ألف أخرى مقابل أجر العامل ومواصلاتي". وعن تجربته مع التك تك المحلي يقول مطيع: العربية هذه متعبة، من حيث حركتها فأنا أعود للبيت وجسمي منهار تماماً، كأنني أشتغل في أعمال ثقيلة". تنافس أصحاب الورش يقلل من الجودة تبتكر كل ورشة شكلاً ونموذجاً لها يميزها عن باقي الورش المصنعة لتلك العربات المرفقة؛ سواء من ناحية التركيب الذي نستطيع وصفه بالبدائي وغير المأمون أو من ناحية السعر، فبعض أصحاب الورش تقوم بتلحيم هذه العربات على الدراجات بمبلغ يصل إلى ستين ألف ريال، وأخرى أقل وتختلف الأسعار بحسب جودة العمل. "الأهالي" زارت بعض الورش المتخصصة لصناعة "التك تك" لمعرفة كيف يتم عملها لكنهم رفضوا التصريح لنا واكتفى البعض بالقول المبلغ الذي يدفعه الزبون هو مقابل الحديد والإطار الثالث المضاف وتكلفة بقية متطلبات العربة. المشاكل التي تسببها تلك العربات المؤلفة كثيرة، فهذه العربات سريعة الانقلاب خاصة في المنعطفات والطرق كثيرة المطبات، وما أكثرها في بلادنا، كما أنها تبث في قلب راكبيها الرعب لكثرة الاهتزاز والشعور بأن إمكانية انفصالها عن الدراجة النارية حتمياً، ليس هذا فقط ف"التك تك" يتم تركيبه في ورش بدائية باستخدام مواصير المياه العادية التي تعتبر قاعدة أساسية يوضع فوقها الكرسي وهذه القاعدة الركيكة معرضة أكثر من غيرها للكسر عند كثرة الاحتكاكات بالمطبات والحفر مما قد يعرضها للانفصال أثناء السير وتعرض الراكب الذي يجلس عليها للسقوط، حسب ما أكده عبدالحفيظ الشرعبي، معلم حديد في ورشة. وأضاف: أما أصحاب الدراجات النارية الذين قاموا بتركيب قاعدة حديدية صلبة لتثبيت الكرسي الجانبي فإن ذلك من شأنه أن يوقف الدراجة النارية في أي مكان وبدون مقدمات بسبب الثقل الزائد لهذه القاعدة". لاعودة للخلف يقول العقيد محمد المطري –أحد ضباط أمن العاصمة ل"الأهالي" أن التك تك حلاً للمشكلة وأن أعدادها في العاصمة مرشح للارتفاع مما ينذر باختناق مروري شديد في حركة السير وأن قيادة هذه الدراجات ليلاً خطيرة جداً حيث أن إضاءة الدراجة تكون بعين واحدة والعربة لا يمكن رؤيتها من قبل السائقين فإذا أتت سيارة مقابلة يتوقع السائق بحسب الإنارة أن الذي أمامه دراجة نارية عادية؛ ولا شيء ملتصق بها فحينها قد يحدث ما لا يحمد عقباه، وهناك مشكلة أخرى تضاف لقائمة المشاكل السابقة ف(التك تك) لا يمكنه العودة للخلف إلا إذا نزل سائقه وقام بدفعه، فتخيلوا كيف سيكون الحال إذا علق هذا التك تك في الزحام في إحدى الجولات، أظننا وقعنا في مشكلة جديدة تضاف إلى مشاكل الازدحام المروري التي لم تحل بعد. يقول العقيد. ويضيف: تحتكر بعض الورش صناعة "التك تك" مما يجعل من عملها رديء جداً وقد تتهالك سريعاً ويحتاج التك تك إلى توازن حتى لا يُعرض الدراجة للتأرجح والسقوط نتيجة لإضافة الإطار الثالث إليها؛ فالكثير من عمال الورش يضيفون الإطار الثالث بعشوائية وبدون خبرة وهو ما يجعلها تبدو عشوائية إلى حد كبير من حيث الحجم والشكل والكثير من تلك الإضافات تتم في ورش الحدادة العادية التي لا تمت إلى مهنة الصناعة بصلة، وهو ما يجعل العيوب تظهر بكثرة عليها، فيقلل من جاذبيتها لدى الكثيرين إلا أن الزحام الشديد في شوارع العاصمة جعل المواطن اليمني يتقبلها رغم عشوائيتها. حد قوله. اقتراح بإنشاء مصنع وطني يضع منصور الهتاري، أحد مالكي العربات مقترحا للحكومة بإنشاء مصنعا وطنياً لصناعة التك تك بالتقسيط لمالكي الدراجات النارية، ويؤكد أن الكثير من مالكي المترات لا يقدرون على دفع المبلغ كاملا دفعة واحدة لكن الدفع بالتقسيط المريح قد يضع حداً للمشكلة. وأعرب عن قلقه مما يتعرض له مالكي المترات من مضايقات من قبل عسكر الأمن. يرى ناصر الكميم –مرشد سياحي، أن قرار ترك المصير مفتوحاً أمام أصحاب التك تك يجعل الأمور تفلت من يد الجهات المختصة، ويؤدي لظاهرة جديدة تكون انعكاساتها أكبر على الوجه السياحي للبلد، وعلى حركة الشوارع التي هي أصلاً ضيقة فكيف بإضافة المئات منها، وعلى الجهات المختصة أن تتعامل بحزم مع هذه القضية، كأن توكل هذه الدراجات إلى شركات سياحية ويتم استحداث تك تك بمقاس وحجم وشكل واحد، لاستخدامها في الأماكن السياحية لنقل السياح والزوار، كما في بعض الشوارع السياحية الضيقة وهو ما سيخلق فرص عمل لأصحابهما وينشط العملية السياحية في البلد.. وإلى حين يتم الإفراج عن الدراجات النارية التي تعج بها أحواش المرور ستكون شوارع العاصمة مكتظة بمثل هذه العربيات العشوائية التي ستصبح مشكلة حقيقية أمام العملية السياحية في البلد، وهو ما سيجعل هذه السلطات تهرع إلى منعها من جديد ونأمل من الجهات المختصة وضع الحلول الفورية السريعة لهذه المشكلة. تضاعف مستمر يبلغ عدد الدراجات المحتجزة في لعاصمة صنعاء حوالي 4414 دراجة. وكشف وكيل وزارة الداخلية لشؤون الأمن، عبدالرحمن حنش، أن عدد الدراجات المستخدمة لنقل الأفراد تضاعف من 100 ألف إلى أكثر من 250 ألف دراجة ما بين عام 2010و2014م.