للمرة الثانية يجمع مجلس الأمن تنظيم القاعدة والحوثيين في بيان واحد، وهذا عمل سياسي من شأنه تشويه القيمة السياسية للجماعة الحوثية الصاعدة، ما يعني أن أي إشراك لها في الحكومة القادمة يمثل استخفافا بالعمل السياسي، وإهانة للشعب اليمني، إذ كيف سيتم التعامل وكيف يأمن الشعب على أداء وزراء ينتمون إلى جماعة مدانة دولياً، بل أنه تم تسمية زعيمها "الحوثي" وقائدها العسكري الميداني "أبو علي الحاكم" كمدانين في أعمال خرقاء يرفضها القانونان المحلي والدولي. البيان الأممي شدد على النقاط الثلاث التي ذكرت في رسالة الرئيس هادي للحوثي: 1- تفكيك المخيمات المسلحة من مداخل وضواحي وشوارع العاصمة. 2- الخروج الفوري من عمران وتسليمها للسلطة الحكومية 3- توقيف إشعال الحروب في محافظة الجوف. أما بقية البيان فقد قذف كرة المسئولية في مرمى الرئيس هادي.. خاصة وأنه قد صدر بعد ساعات قليلة من حشد جماهيري استثنائي داعماً لجهود الرئيس هادي.. والرئيس أرجع البصر كرتين، وقرر إعادة اللجنة الوطنية إلى صعدة للتفاوض مع الحوثيين، وأخاف أن ينقلب إليه البصر خاسئاً وهو حسير. التمدد العسكري للحركة الحوثية الموالية لإيران في أكثر من محافظة في شمال الشمال، وافتعالها لأزمات قبلية تنتهي بمواجهات مسلحة في أكثر من مكان، جعلها بؤرة قلق محلي ودولي، إذ أن الجماعة تتمدد تحت أية مبررات وتقاتل تحت فكرة "المظلومية" التي تتعرض لها، وحالات الدفاع عن النفس، وهي فكرة مختلقة إذ لا مظلومية لجماعة لديها مليشيات وعتاد عسكري يناهض جيش الدولة، وتنطلق في مسيرات شعبية ضد قرار حكومي خاطئ، لكن تحت شعار: "الموت لأمريكا" وهو ذات الشعار الذي ابتدعه آية الله الخميني، عقب الإطاحة بنظام الشاه، أواخر سبعينيات القرن الماضي، ويكشف الشعار عن ولاء مطلق لإيران حتى في مضامين المادة اللونية: الأبيض الأخضر، الأحمر، وهي الألوان التي يتكون منها علم الدولة الإيرانية. وتحت مبررات ضرورة تغيير محافظ عمران، تم حصار المحافظة من كل ناحية، وحين تم تغيير المحافظ، طالب الحوثيون بضرورة تغيير قائد اللواء 310 مدرع، حتى اسقطوا اللواء بأكمله، وقتلوا قائده واختطفوا جثته لأكثر من أسبوع. أما تهوين الجماعة الحوثية من القرار الأممي، فهو ابتسامة مهزوم، يريد أن يفقد المنتصر لذة النصر. فالعقوبات الدولية التي ربما تلحق البيان الأممي في حالة عدم الاستجابة له، قد تأخذ شكلاً متناسباً مع طبيعة عمل وتحركات الجماعة الحوثية، وليس بالضرورة أن يكون منع من السفر وتجميد أموال، لجماعة محصورة في كهوف صعدة، فقد يتم تحذير الحكومة اليمنية من التعامل مع الحوثيين أو إشراكهم في أي شراكة حكومية، وقد يتم إدراج الجماعة الحوثية في قائمة الجماعات الإرهابية المحظورة دولياً، وقد يتم إستصدار مذكرة توقيف أممية تصبح ملزمة للحكومة اليمنية وكل دولة في العالم بتوقيف القيادات الحوثية وضبطها في أي مكان تتواجد فيه، وقد يتطور البيان إلى قرار، ويتحول القرار إلى خطوات عسكرية، أقلها تفويض حلف الناتو بضربات وقائية للجماعة الحوثية، خاصة مع تأييد دولي من أكثر الدول تأثيراً وحضوراً في اليمن: أمريكا، بريطانيا، السعودية. وأرجح الظن أن الحركة الحوثية ستحني رأسها للعاصفة، وتتخذ المرونة سبيلاً للتعامل مع القرار الأممي، فهي هنا تتعامل مع مجلس الأمن وليس مع محافظ عمران. *نقلا عن صحيفة الناس