الصباح الذي مد لقلبي ملامح وجهك الملائكي هو نفسه الذي يمد لي كل يوم خيوط أشعة الشمس وترانيم العصافير، مازلت أنا ذلك الذي جاء من ليل أحزانه فأضئتيه بنصف إبتسامتك البريئة فصارت إبتسامتك شمعته التي يطرد بها عتمة روحه ، هاأنذا أعبر الحواجز التي شيدتها نظرات الجهلاء حاملا قلبي النابض بك أمر من خلالهم دون أن أتعثر بغيبتهم لي مادام وأنت في الضفة الأخرى من الحب في إنتظار قلبي الذي يتسع لك، أخيرا أشتم رائحة مشاقرك وهي تفوح فترتبك مشاعري في حضرة عطرك ، أنت يا لحن النهر الذي كان ملاذنا لممارسة الحب،ويا نهر الحب الذي يجري الآن بقلبي فتتلاشى أمامه رمال الموت، هاأنذا أصلي في محراب قلبك راحلا نحو الله عل روحي تتخلص من أدران الحياه ، أنت يا وجه الوطن الأصيل وعطره العابق بالحب ، أنت يا صنعاء التاريخ والأصالة مازلت كطفلة تهدهد أحلامها في حضرة أعداء الأحلام، أخاف على عطر مشاقرك من رائحة البارود وعلى هدوءك من أزيز الرصاص وعلى جمالك من قبح هولاء جميعا، أخاف على حناءك من دماءهم وعلى وجهك المشرق من غبارهم، أخاف على باب اليمن وبخوره وعقيقه، وعلى سوق الملح وتوابله الأزكى منهم، أخاف على التحرير وميدانه الفسيح والكتب التي تباع على أرصفته وجامع قبة المتوكل والمتحف الوطني والمتحف الحربي، أخاف على صنعاء القديمة وجامعها الكبير وبيوتها المبنية بالياجور وقمرياتها ذات الألوان الساحرة والأشكال الجميلة، أخاف على قصر غمدان وقرية حدة وحي بير العزب ودار الحجر ومنطقة الروضة والسبعين، أخاف عليك ياصنعاء من السياسة والمذهبية من شعارات الأحزاب والمذاهب من صراع الإخوة الأعداء ومن عبث الرعاع ونسل الماضي وهمجية القبائل ومن طقوس العنف وزوامل الموت ، أخاف عليك من الثورات حين تضع عليك رهاناتها وتجعل منك قصب السبق لمن سيقدم أكثر الشهداء من هذا الشعب، سلام عليك ياصنعاء يوم جئتي سبئية الملامح أصيلة التاريخ حاضرة الحضارة ويوم أصبحتي عاصمة اليمن وحضن اليمانيين ويوم تغادرين زمانك البهي والأنيق نحو المتارس والبراميل وشعارات الموت والأربيجي والكلاشنكوف وفكرة قادمة من غابر الظلام بثوب زائف.