أكدت منظمة دولية بأن ميليشيا الحوثي بمساعدة حلفائهم من المسلحين الموالين للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، انتهكوا القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يحظر ممارسة الإخفاء القسري واحتجاز الرهائن والاعتقال التعسفي، كما يحظر العقوبات الجماعية، ويعتبر أي مخالفة لهذه القواعد بمثابة جرائم حرب. وقال تقرير حديث أصدرته منظمة العفو الدولية إن أدلة قاطعة تشير إلى موجة من عمليات الاعتقال التعسفي والاحتجاز والاختطاف، والتي سجلتها المنظمة ونفذتها جماعة الحوثيين والموالون لصالح، منذ بدء عملية قوات التحالف في ال26 من مارس/آذار الماضي، ضد عشرات الأشخاص من مختلف المشارب السياسية وأغلبهم من حزب التجمع اليمني للإصلاح. وأوردت المنظمة في تقريرها إحصائية للمحتجزين قسرياً خلال شهرين فقط، وقالت إنه تم اختطاف أكثر من 60 شخصاً في العاصمة، صنعاء، ومدينة إب، وسط اليمن، في سياق حملة كاسحة استهدفت الصحفيين والناشطين الذين ناهضوا استيلاء الحوثيين على المؤسسات الحكومية، وضد شخصيات سياسية من قيادات حزب الإصلاح، بذريعة عدم انتقادها للضربات الجوية لقوات التحالف. منظمة العفو الدولية، قالت إن فريقها قابل عشرات المعتقلين السابقين وعائلات معتقلين في مدينتي صنعاءوإب ممن قبض عليهم تعسفاً دون مذكرات قبض واحتجزوا بمعزل عن العالم الخارجي في أماكن مجهولة دون أن يتاح لهم حتى الاتصال بعائلاتهم. وذكرت بأن بعض العائلات والمعتقلين السابقين رفضوا إجراء مقابلات خشية أن يستهدفوا بأعمال انتقامية من جانب الحوثيين. وغالبية الحالات التي رصدتها المنظمة، تمت من خلال اقتياد الأفراد عقب اقتحام الحوثيين والموالين لصالح منازلهم، بدون أي صفة رسمية تخوّل لهم ذلك. كما تنوعت أماكن احتجاز المختطفين، أغلبها عبارة عن مراكز احتجاز غير رسمية مثل المنازل الخاصة، التابعة للحوثيين وصالح. وفي كل الحالات، لم يُمنح هؤلاء فرص الطعن بقانونية احتجازهم، أو يتم إبلاغهم عن أسباب الاحتجاز. وتحت عنوان «الاعتقال التعسفي وبمعزل عن العالم الخارجي لأعضاء "الإصلاح" في صنعاء»، أورد التقرير إفادات لأقارب مختطفين من قيادات وأعضاء حزب الإصلاح، وتوضح مدى الخوف وعدم اليقين اللذين مر بهما ضحايا الاختطاف والاعتقال التعسفي وعائلاتهم. عملية احتجاز عضو مجلس شورى الإصلاح وعضو هيئته العليا الشيخ محمد حسن دماج، أحد أسوأ النماذج وأكثرها بشاعة تلك التي أورد تفاصيلها تقرير منظمة العفو الدولية، على لسان نجليه الحسن والحسين دماج. حيث اقتادته، وهو رجل مسن يبلغ من العمر (77 سنة)، خمس عربات عسكرية مليئة بالجنود من منزله في حي الروضة بالعاصمة، دون مذكرة جلب رسمية ونقلوه إلى مكان مجهول. وبعد 16 يوماً من انقطاع التواصل عن أبينا –يقول الحسن – «اتصل بي رقم غير معروف وطلب مني أن أتحدث إلى أبي. تحدثت إلى والدي وأبلغني أنه محتجز داخل مستودع للأسلحة في جبل نقم، بينما كانت الضربات الجوية تنهال على الجبل نفسه وعلى محيطه. ولم نسمع منه شيئاً بعد ذلك. وفي هذه الأثناء، توفيت زوجته أثناء وجوده رهن الاحتجاز، ولم يودعها». ولتبني الحوثيين والمسلحون الموالون لصالح حملة اختطاف تركزت على منتسبي حزب الإصلاح، فقد عمدوا –حسب تقرير المنظمة - إلى استهداف آخرين من عائلاتهم لا شأن لهم بالحزب كطريقة للوصول إلى مسؤولين فيه والقبض عليهم، كما حدث حين اختطفوا محمد عبدالوهاب الانسي بغرض الوصول إلى والده الذي يشغل منصباً قيادياً في الحزب. وقال تقرير المنظمة إن عائلات وأقارب المختطفين يُمنعون من زيارتهم، وغالباً لا يعرفون شيئاً عن أماكن اختطافهم. وتحدث إلى المنظمة أفراد عائلة عضو الهيئة العليا لحزب الإصلاح محمد قحطان وقالوا إنه سمح لهم بعد القبض عليه في ساعات بعد الظهر في السابع من إبريل من منزلة بحي النهضة في العاصمة، بزيارته لمرة واحدة فقط، حيث يحتجزونه في منزل تحتله الميليشيات وتعود ملكيته للشيخ حميد الأحمر، قيادي آخر في الحزب أيضاً. والحال ينطبق كذلك على أسرة الدكتور فتحي العزب، التي لم يسمح لها بزيارته إلا بعد فترة ولمرة واحد فقط، حيث يحتجزونه في منزل اللواء علي محسن الأحمر، الذي احتلوه عند اجتياحهم للعاصمة صنعاء في ال21 من سبتمبر من العام المنصرم. ممارسة هذا الانتهاك، لا يقتصر على المقيمين من أعضاء الإصلاح وقياداته في منازلهم فقط، فقد تحدثت عائلات أخرى للمنظمة عن اعتقال أقارب لها أثناء سفرهم في أنحاء مختلفة من البلاد أو إلى خارج اليمن، كما حدث مع رئيس دائرة التخطيط في الحزب عبدالجليل سعيد حين اختطفوه في نقطة تفتيش بمحافظة إب وكان برفقة زوجته وابنته ، وما حدث للدكتور عبدالمجيد سيف المخلافي الذي اختطف مع نجله فكري وهما في طريقهما إلى المملكة العربية السعودية، ولم يعرف بعد مكان احتجازهما. كما أورد التقرير تحت عنوان «اقتحام منازل أعضاء الإصلاح واستهداف الناشطين السلميين في إب»، حالات من هذا النوع حدثت في محافظة إب على مدار الأسابيع الستة الأخيرة. وأبرز حوادث الانتهاك في إب، والتي أوردتها منظمة العفو الدولية، هي تفجير منزل القيادي في إصلاح إب الشيخ محسن الحماطي، عقب أن فشل الحوثيون والموالون لصالح في العثور عليه، ما دفعهم إلى تفجير المنزل بواسطة خمس اسطوانات غاز أفرغوها داخل المنزل بعد إغلاقه بإحكام، حسب رواية نجل شقيق الشيخ الحماطي للمنظمة. وعدّت المنظمة تلك التجاوزات بمثابة جرائم حرب، على اعتبار أنها انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان، في وقت أحصت المنظمة 60 حالة خلال شهرين، وفي أمانة العاصمة، ومحافظ إب فقط، الأمر الذي يزيد من نسبة ارتكاب الحوثي وصالح لهذا الانتهاك فيما لو تم معرفة ضحايا هذا الأسلوب والأساليب الأخرى في بقية المدن والمحافظات اليمنية.