(لا أستطيع أن أقول على الحادثة أنها حادثة بريئة لكنها هي (موتور سياسي) وهي ناتجة عن عدد من القضايا التي كنت أطرحتها على المشترك). جملة مفصلية في تاريخ الدكتور محمد عبدالملك المتوكل تحمل بدلالاتها تهم ضد طرف سياسي يقع في بوتقة واحدة اسمها: "تحالف اللقاء المشترك". تعرض الدكتور المتوكل لحادث سير سُرعان ما سيسته الظروف بعد تفكير عميق من قبل الرجل الذي حصل على الماجستير في الإعلام الإداري من الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1980م، وليس في الربط بين حادث السير وشهادة الماجستير في الإعلام أية تلميحات!.. الجريمة مُدانة، وخلف سطور الحوار التي أجرته الزميلة "الهوية" الأسبوع الفائت" مع محمد المتوكل إشارات ليست محددة بالنص، وخلف الإشارات تلك إفصاح واضح لموقف الدكتور من الثورة. لماذا لا يكون العسكر الذين يتبعون الثورة يتبعون السلطة المدنية، ويربوا تربية جديدة للعسكر الذين نريدهم غداً للدولة؟! تساءل الدكتور المتوكل رئيس اتحاد القوى الشعبية في لحظة نقاش مع محمد قحطان وأمين عام الإصلاح عبد الوهاب الآنسي بعد اتهام الإسلاميين في "العالم العربي كله" بأنهم جاءوا بالعسكر إلى السلطة في سياق حديثه عن حادثة الموتور التي تعرض لها في فبراير العام الماضي. للدراجة النارية (أو الموتور) دلالة رمزية عند اليمنيين لا تخرج عن معنى المغالطة كأن يتحدث أحد المغرر بهم من قبل أزلام صالح عن الثورة فيقول: روؤساء الأحزاب ركبوا الشباب موتور، أو أحد أنصار الحداثة "المجاهدين في معارك الفس بوك" في سبيل التشاؤم، كذلك قال المتوكل: "الشباب مساكين ولا أحد يوبه لهم"!. كان عبدالملك المتوكل والد الدكتور عاملاً عند الإمام يحيى ثم وكيلا له في محافظة حجة ووالياً مشرفاً على تكبيل الشعب، وقتها كان محمد يغار عندما يسمع الناس ينادون بضرة أمه بالشريفة ويكتفون بمناداة أمه باسمها جافاً كما يقول. يُصنف المتوكل على أنه "الجناح السياسي لجماعة الحوثيين رغم انضوائه تحت اتحاد القوى الشعبية إضافة على التصنيف ذاته الذي يلحق بأمين عام حزب الحق المقال الذي وصفه الناطق الرسمي باسم النظام السابق بأن حزبه "يشبه الموتور يزعج حياً بأكمله وعندما تخرج لرؤيته تتفاجأ بأنه محمل راكب واحد". حد تعبير وتحليل المتوكل الرجل الذي خبر السياسية جيداً فإن هناك قضايا تقف خلف الحادث: قضية عسكرة الثورة ومجيء الإخوان المسلمين في العالم كله بالعسكر إلى السلطة وقضية الدعوة إلى ضرورة تواجد قوى كي يحصل توازن –وفي هذه حصل الحادث بعد دعوة وجهها له عبدالكريم الإرياني- وكذلك دعوته لإعادة التفكير في هيكلة الجيش والذين منعوه من الدراسة في جامعة صنعاء هم الفقراء أما الأغنياء دخلتموهم في الجامعات الخاصة. أحياناً تُصاب القصص في خلل كارثي في الحبكة خاصة عند اطراد الأحداث الدراماتيكية التي يخلقها المؤلف ليصل إلى "العقدة" ويتوقف عندها، لكن ليس في كل الوقت، ويبدو أن المتوكل وقع في مربع "أحياناً". يؤكد الدكتور الذي حصل على ليسانس صحافة من القاهر عام 1966م أنه مقتنع بأن صاحب الموتور" كان شخصاً مضللاً مدفوعاً له، ولكن على الأجهزة الأمنية أن تهتم بماذا وراء ذلك."مقتنع أنه عمل سياسي ناتج عن تلك القضايا الأربع" يقول. يحكي المتوكل: (وطبعاً جاءت إلي' عائلة الولد صاحب الموتور وشرحت لي حالتها المعيشية الصعبة، وموضحة أن الولد في الصف الثاني الثانوي، قلت لهم: أنا لا يوجد بيني وبينه شيء، فهو ضحية تضليل، ولكن لي شرط أريد أن أقابله وأسمع منه، فوجدته فعلا وهو متحسر على ما عمله، وأقسمَ أن لا يكرره، فعفوت عنه، ولكن الشيء المثير للدهشة أن السلطة والمشترك لم يتحدثوا عما حصل وكأنه قضية عادية)!.. انضم المتوكل إلى ركب من يقول (أن المشترك سرق الثورة ) وقالها صراحةً -ناسياً أنه من قيادة اللقاء المشترك: "لهذا المساكين الشباب هم الذين قدموا التضحية، ولا أحد يفكر فيهم، ولكن هذا شيء طبيعي في الدول المتخلفة ونصح الشباب من الانتقال من ولاء الطاعة إلى ولاء القناعة". ونسى الإعلامي الأول للإمام البدر بن الإمام أحمد بن يحيى بن حميد الدين بأنه كان في صف نظام الإمام حينها ومع ذلك تحدث عن الثورة بصفته أحد الثوار وهو يخاطب الشباب: "أنا قلت لشباب الثورة في لقاء معهم إن ثورتنا السابقة ضد نظام آل حميد الدين كانت ثورة حرمان وقهر، واليوم أضيف إليها ثورة هي ثورة الوعي، فإذا استطعنا أن نوسع قاعدة الوعي سنصل إلى ما نريده.. غير أن المشكلة اليوم هي في كيف نستطيع أن نجنب قضايا الوعي لصناعة المستقبل، فاليوم للأسف الشديد ما زال شباب الثورة مثل رجل بلقيس، يمين يمين شمال شمال". وفي موقف ينم عن نظرة المتوكل من الثورة تحدث عن هيكلة الجيش: "ولمن يقول أنه لا يمكن أن يكون هناك حوار إلى بعد رحيل أقارب صالح من اليمن فقد قلت لهم: إن هؤلاء هم من يريدون أن يتحكموا في زمام الأمور بعد خروجه وفق تصوراتهم وتكون المسألة وكأنهم سيطروا أو انتصروا وهذا كلام غير مجدي وجهل"، موقف صريح ببقاء صالح وعائلته في زمام الأمور. يرتبط مصطلح "البَرَمات" بالموتور في ذهنية اليمني.. أشار المتوكل بذلك في معرض حديثه عن هيكلة الجيش والمستعجلين فيه لديهم برنامج "يريدون أن يبرموه". يقول المتوكل: " هؤلاء أنا قلت لهم بوضوح: أنتم الذين تريدون أن تتحكموا بالقضية وتحركوها كيفما تريدون، وأرى أن نضع تصوراً واضحاً ونتفق على الدولة وهيكلة القوات المسلحة من خلال الحوار حتى لا يؤدي مضمون الهيكلة إلى نتائج عكسية، وإذا ما تم الاتفاق على هذه الأشياء تبدأ اللجنة المختارة بالعمل.. لكن المستعجلين على هيكلة الجيش الآن لهم برنامج يريدون أن يبرموه". يكثر المؤولين للجمل العابرة وسيضربون أخماساً في أسداس ويحومون حول: (الثورة.. والموتور.. والإمامة.. والمكبرين.. صالح وأولاده).. وقد يستنتجون في النهاية أن المتوكل عدو الثورات عبر التاريخ، فهل من توضيح؟!