على الرغم من أننا نفتخر بحضارتنا, ونستمد من ماضينا أفضل ما فيه, ولكننا لن نهاجر إليه, أو نستحسن السكن فيه, أو نقتات على أمجاد حضارتنا التليدة! يتعين ألا نكتفي بتعديد مآثر الأجداد, أو الاحتماء بحضارتنا؛ هرباً من مشكلات حاضرنا وتحدياته ! كم ينتابني من حزن؛ حينما أشاهد البعض يتصدر إشعال معارك وهمية, ويلهث وراء أخطاء الماضي, ويسعى لإعادة إنتاجها حاضراً! بل ويطلب منك أن تناصره على ما هو فيه, أو يتخذ منك موقفاً, بل يستدعي العصا, ويتهمك بمسكها من الوسط! بل يُلاحظ على البعض التشبث بالماضي, بكل مآسيه, ويستميت لاستعادة أسوأ ما فيه, وبشكلٍ انتقائي, ويستجر صراعات الماضي؛ عبر محاولة إحياء ثاراته ومعاركه وإسقاطها على الحاضر. والمحزن أنه يسعى لشرعنت أخطاء الماضي, وتقديس مآسيه ورجاله معاً ! يتعين ألا نسمح لأولئك المولعين بمعارك (داحس والغبراء) و(حرب البسوس), بإعادة إنتاجها واستنساخها في حاضرنا؛ عبر تلبيسها عباءات طائفية, وأردية مذهبية! يا هؤلاء: لا يمكنكم مصادرة حاضرنا ومستقبل أجيالنا من بعدنا؛ عبر اصطناع معارك (ثأرية) توارت, ومات أبطالها ومشعلوها. فلتكتفوا بطلب الرحمة والمغفرة لنا ولهم! ما زلت عند قناعتي أن معركتنا ومقاومتنا للاستبداد والفساد مقدمةٌ على التمذهب والتشيع, مهما تمذهب المتمذهبون, وتشيع المتشيعون. يا هؤلاء: تمذهبوا كما تشاءون, وتشيعوا كما تريدون. ولكن فلنتحد في مواجهة الطغاة والغزاة في آن, يرحمنا ويرحمكم الله.