يستغرب البعض من التقارب المريب بين عائلة علي صالح وأتباعه من جهة، وبين الحوثي والمغرر بهم معه من جهة أخرى، خاصة بعد أن خاض الطرفان عدة حروب ضد بعضهما – ولو في الظاهر – وسفكت الدماء وخسرت اليمن المليارات جراء تلك الحروب. والحق أن التأمل في نهج الطرفين ومشاريعهما يصل إلى قناعة بحتمية التقارب المشؤوم بينهما، نظرا للتوافق التام في مشاريعهما اللاوطنية. إن القواسم المشتركة التي بينهما والتي ظهرت بجلاء بعد قيام الثورة الشعبية لكفيلة بجمعهما رغم وجود بعض التناقضات. ولعل الثورة كانت أهم عامل من عوامل إظهار الحلف الثنائي، ذلك أن الثورة بما حملته من قيم قد شكلت نهاية حقيقية لمشروعيهما العائلي والسلالي. وبقدر ما كانت الثورة على نظام العائلة، فهي ثورة على المشروع الحوثي، والحوثي أكثر الناس علما بذلك. وقد يستغرب القارئ بعد هذا السرد، ويقول: كيف يشارك الحوثي في ثورة هي عليه؟ وهذا تساؤل مبرر، وهو ناتج عن ضبابية في الرؤية نحو الحوثي وعن الحروب الست وملابساتها، والتي كانت في ظل نظام حكم مستبد يتعمد التجهيل والتضليل ومخادعة الجماهير. إن التحاق الحوثي بالثورة السلمية كان التحاق المضطر لا المختار، وإلا فهل عرف الشعب اليمني الحوثي يوما قد شارك في فعالية سلمية قبل الثورة، أم إن نهجه واضح منذ نشأته وهو نهج العنف والسلاح، بل إنه كان يسخر من النضال السلمي والذي اختط نهجه اللقاء المشترك، وفي ليلة وضحاها أصبح الحوثي مناضلا سلميا في ساحة التغيير، ألا يدل ذلك على سلوكه الخيار السلمي مضطرا، وما هي الخيارات التي أمامه لو لم يعلن انضمامه للثورة السلمية، هل سيقبل منه الواقع المحيط به إعلان انضمامه مع العائلة من بداية الثورة، وخاصة أنه يعلم أن القطار قد فات العائلة وأزلامها، ولم يعد ينفعهم الوقوف معهم، وإلا لوقف معهم كما يقف اليوم –ولن ينفع الوقوف اليوم أيضا. إن الثورة التي فهم منها الحوثي نهايته كما فهم منها علي صالح نهايته أيضا قد جمعت بينهما ليلفظا أنفاسهما الأخيرة سويا، ومما زاد الأمر حميمية بين الطرفين، توحد نظرتهما لعدو مشترك من وجهة نظرهما، يريا فيه أنه عمود الثورة، وركيزتها، وأن في توجهه ونشاطه السياسي والشعبي عاملا مهما من عوامل ترسيخ قيم الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية، والتي يريا في تلك القيم وفي من يتبنى نشرها وترسيخها في المجتمع عدوا لهما. ومما يزيد الأمر ضرورة بحتمية الالتقاء بينهما، افتقار كل منهما لمقومات حياته بمفرده ظانا أن في هذا الحلف بصيص أمل في استعادة الحياة وان في التكامل السلبي بينهما سيحقق أهدافا مشتركة لديهما، فالعائلة وأتباعها لم يعد لديهم مشروع سياسي يمكن أن تتقبله الجماهير، فقد احترقت كل الكروت التي كانت تستخدم سابقا، حتى المؤتمر الشعبي العام لم يعد ورقة جاذبة إذا كان المتحدث باسمه رجل ثار الشعب عليه وتوسط الخليج بنجاته من تبعات جرائمه بإعفائه من المحاكمة، ولأن علي صالح يفضل العيش في الأوهام فقد ظن أن في حلفه مع الحوثي ملاذا آمنا له ولعائلته لينفس عن أحقاده على الشعب الذي ثار عليه من خلال تلك الحركة المسلحة، ناسيا أو متناسيا أن الثورة مثلما أنها تجاوزته فقد تجاوزت حليفه المفضل، وبالمقابل فقد رأى الحوثي بعين بصيرته الحذقة أن علي صالح وعائلته والذين عفا عليهم الزمن خير حليف لمشروعه الوهمي، طمعا منه في ما تبقي لديهم من سلاح الحرس الجمهوري – قبل القرارات الأخيرة – وطمعا منه في الأموال التي نهبت من الشعب والتي يراد لها أن تعود ضده، هذه بعض من عوامل التقارب والوئام العائلي السلالي، وكما يبدو للكاتب ايضا أن هذا التقارب كان نتيجة لعهد قديم وحلف سابق ما زالت حلقات سلسلته تتوالى في منظر مقزز أمام شعب لفظ كل المشاريع الصغيرة.