مشكلة قديمة جديدة موجودة فقط في العالم العربي، وهي تضييق الخيارات أمام الطالب والحد من إبداعه ووضعه أمام خيارين لا ثالث لهما وهي: إما أن تدرس طب أو هندسة!! الكثير من الآباء والأمهات أثناء التحاور معهم تستشف من حديثهم أن النجاح والإنجاز لا يكمن إلا في كلية الهندسة أو الطب، وأنهم لن يفخروا بابنهم إلا إذا كان حائزا على لقب الباش مهندس أو الدكتور!! فعند زيارة الكليات بداية كل عام تسمع العجب العُجاب من الطلبة المستجدين، أحدهم يقول: هذه السنة الثانية أقدم في كلية الهندسة! وآخر يقول هذه السنة الثالثة ولم يقبلوني!! أما ما أدهشني حقا هو موقف تلك الفتاة التي رأيتها تبكي تحت شجرة في كلية طب الأسنان، سألتها: لم البكاء؟ أجابت: ما قبلوني في طب الأسنان. قلت لها: لا بأس إن شاء الله يقبلوكِ في كلية أخرى وتخصص آخر. نظرت قليلا وقالت: ما أسهل الدنيا في عينك، هذه السنة الخامسة ولم يقبلوني. وقفت مندهشة هل أنا أمام فتاة عاقلة أم مجنونة حينها أصبت بداء الدهشة ورددت: "كلٌ بعقله يعيش"!! ما يحدث في العالم الغربي مختلف تماما عما يحدث في عالمنا، فكلية الشريعة والقانون في العالم لا تقبل إلا من كان ذكاؤه حادا، أما عندنا وللأسف من لم تقبله أي كلية ذهب لكلية الشريعة والقانون لتصبح كلية لمن ليس له كلية، ونصبح على ما نصبح عليه اليوم من واقع معجون، فإذا كان كثير ممن يدعون بأنهم صوت الحق (المحامون) لا يستطيعون أن يفرقوا بين القوانين ، فهل نطوق لواقع أفضل!؟ عالمنا العربي للأسف لا يزال محصورا في زاوية ضيقة، فإذا وجد طالب بمعدل عالٍ وأراد أن يلتحق بتخصص مثل: الصحافة أو التربية أو الفنون الجميلة، قالوا: حرام عليك تدفن مجموعك في هذه الكليات التافهة! فسؤالي لمن يقول ذلك: هل سيحيى الطالب إذا ألتحق بكلية لا رغبة له فيها؟! ثم هل للإبداع كلية محددة؟! ختاما نصيحتي لكل طالب وطالبة تخرج من الثانوية -بصرف النظر عن مدة تخرجه- تمسك بأحلامك وبالمكان الذي رسمته لنفسك ولا تحصر نفسك في خيارات ضيقة بل أطلق العنان لأحلامك وضع أولويات لحياتك واحمل هما واحدا فقط وهو كيف سأصنع من دراستي وعملي عبادة وكيف سأخدم الأمة. ولا تستهينوا بأي تخصص فكل التخصصات مرتبطة ببعضها وتمثل منظومة متكاملة ومترابطة غايتها خدمة الوطن والأمة الإسلامية والعالم بأسره.