قابل علي خامنئي المرشد الأعلى الإيراني التصريحات الغربية التي تظهر الودّ لطهران، بالكثير من التحدي والتصعيد والتلويح بالمواجهة، وذلك عشية استئناف مفاوضات جنيف حول الملف النووي لبلاده. وقال خامنئي إن بلاده لن تتراجع "قيد أنملة" عن حقوقها النووية وإن هناك حدودا لن يتخطاها فريق المفاوضات الإيراني في المحادثات بشأن برنامج طهران النووي والتي تستأنف في جنيف اليوم. وأشار خامنئي في كلمة ألقاها أمام عشرات الالاف من المتطوعين في ميليشيا الباسيج في طهران إلى أنه يقدم دعمه الكامل للمفاوضين الإيرانيين، لكنه شدد في الوقت نفسه على ضمان حقوق بلاده النووية. وأضاف "إنها مهمة شاقة وهم يحتاجون إلى الدعم والمساندة وأنا ساعدتهم وساندتهم (الحكومة ومسؤوليها) – هذا جزء مهم من الاتفاق وهذا واضح جدا. لكن الجزء الآخر من الاتفاق هو أنني أصر على الحفاظ على حقوق الأمة الإيرانية بما في ذلك حقوقها النووية". وأردف خامنئي أقوى شخصية في إيران "لا نتدخل في تفاصيل هذه المحادثات. هناك خطوط حمراء وحدود معينة تجب مراعاتها. وجهت إليهم تعليمات للالتزام بهذه الحدود". وقال مراقبون إن خامنئي استفاد من الموقف الأميركي والبريطاني المهادن والباحث عن الوصول إلى "الاتفاق" بكل السبل، ليقوي موقف بلاده في المفاوضات. وأضاف المراقبون أن المرشد الأعلى يبحث عن الوصول إلى اتفاق في موقع قوة. وفي سياق التصعيد الذي يسمح لخامنئي بإرضاء المتشددين، أصدر أوامر ببدء المرحلة الثانية لمناورات الحرس الثوري وقوات التعبئة (الباسيج) المسماة "إلى بيت المقدس". وأفادت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية أن المرحلة الثانية من مناورات "إلى بيت المقدس" انطلقت في تسع محافظاتإيرانية وبمشاركة واسعة من رجال الحرس الثوري وقوات التعبئة (الباسيج). من جهته، أكد الرئيس حسن روحاني أن المنطق والعقلانية يجب أن يكونا موجودين على طاولة المفاوضات، وأن خيار "التهديد والبارود" لا يمكنه أن يؤثر على المفاوضات. وأضاف أن الشعب الإيراني "كان دوما مستعدا للتعامل في إطار المنطق، والآن هو مستعد للتعامل"، معربا عن أمله "بأن تتصرف الأطراف المتفاوضة مع إيران بناء على المقررات الدولية وفي إطار المنطق وعدم التمييز، لأن شعبنا سيرفض، لأن هناك حقوقا يجب أن تكون متساوية للجميع". وبمقابل هذا التصعيد، اعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الأربعاء في إسطنبول أن المفاوضات المرتقبة في جنيف حول الملف النووي تشكل "فرصة تاريخية". ورفض هيغ التعليق على مواقف المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الذي اعتبر الأربعاء أن إسرائيل "آيلة إلى الزوال"، مؤكدا أن "جوهر هذه المفاوضات هو الذي يهم". وقال هيغ "إنها أفضل فرصة منذ زمن لإحراز تقدم في إحدى أكبر المشكلات في السياسة الخارجية". ويأتي هذا "التودد" الهادف إلى عدم إغضاب طهران بعد يوم واحد من مكالمة أجراها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الثلاثاء مع روحاني في خطوة غير مسبوقة منذ "أكثر من عشرة أعوام". وأورد داوننغ ستريت في بيان أن كاميرون بات "أول رئيس وزراء بريطاني يتصل برئيس إيران منذ أكثر من عقد". ويعود آخر اتصال هاتفي مماثل إلى العام 2002 وقد جرى بين توني بلير ومحمد خاتمي. وتأتي هذه المكالمة لتدعم الخيار الغربي الذي تقوده الولاياتالمتحدة وبريطانيا بالانفتاح على إيران. وهو ما بداه باراك أوباما بالمكالمة الشهيرة مع روحاني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.