قتلوه برصاصة في الرأس.. العثور على جثة منتفخة في مجرى السيول بحضرموت والقبض على عدد من المتورطين في الجريمة    بعد القبض على الجناة.. الرواية الحوثية بشأن مقتل طفل في أحد فنادق إب    كان يرتدي ملابس الإحرام.. حادث مروري مروع ينهي حياة شاب يمني في مكة خلال ذهابه لأداء العمرة    تعرف على آخر تحديث لأسعار صرف العملات في اليمن    الكشف عن هويات القتلى اليمنيين في تفجير حقل للغاز بطائرة مسيرة بدولة عربية (الأسماء والصور)    عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية على وسط وجنوب قطاع غزة    مأرب تقيم عزاءً في رحيل الشيخ الزنداني وكبار القيادات والمشايخ في مقدمة المعزين    السلفيون في وفاة الشيخ الزنداني    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    رفض قاطع لقرارات حيدان بإعادة الصراع إلى شبوة    قذارة الميراث الذي خلفه الزنداني هي هذه التعليقات التكفيرية (توثيق)    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    قيادي إصلاحي يترحم على "علي عبدالله صالح" ويذكر موقف بينه و عبدالمجيد الزنداني وقصة المزحة التي أضحكت الجميع    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    دوري ابطال افريقيا: الاهلي المصري يجدد الفوز على مازيمبي ويتاهل للنهائي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    عمره 111.. اكبر رجل في العالم على قيد الحياة "أنه مجرد حظ "..    آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    سلام الغرفة يتغلب على التعاون بالعقاد في كاس حضرموت الثامنة    ميليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف مواقع الجيش الوطني شرق مدينة تعز    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرق الاوسط الجديد الفوضى الخلاقة وضحايا التغيير
نشر في البيضاء برس يوم 26 - 10 - 2010

ان الفوضى الخلاقة التي بدا مسلسل حلقاتها في العراق سوف لن تنتهي كما كنا نظن على ارض العراق فقط بل انها ستنتشر الى كل دول المنطقة وبذورها بدات تنمو بقوة في العديد من دول المنطقة. ان ما يدعى الفوضى الخلاقة هي فرض السيطرة الامريكية بالريموت كنترول على الشرق الاوسط واعادة هيكلته وفقا للمصالح الامريكية. لن تنتهي فوضى العراق بل ستستمر وفق ما خططت له وستعمل امريكا على توسيع دائرة الفوضى لتعم كل دول المنطقة خلال عقد او عقدين من الزمن.
نرى اليوم بان الفوضى بدات في السودان واليمن والسعودية والباكستان كحلقات اضافية للعراق وافغانستان. ان وقوع السعودية في مسلسل الفوضى والفتن سوف يكون حلقة ذات سيناريو امريكي بامتياز وستمثل هذه الحلقة الانهيار الاقتصادي لكل الخليج ودويلاته وإماراته لصالح الشركات الامريكية العظمى وهذا لن يتم الا من خلال الصراعات التي ستتزايد بين المكونات الشعبية على الارض السعودية حيث سوف تتفجر فوضى المتناقضات والتصارعات وستكون السيطرة امريكية على كل ما يجري بشكل غير مباشر.
ستعمل امريكا على توفير كل مستلزمات الصراع المادية من سلاح ومعدات وتكنولوجيا قذرة واتصالات وشذوذ وخلاعة واعلام مبرمج لدعم وترويج افكار التناقض. وستدعم قوى التشرذم والفكر الاسود الذي سيغذي الصراع لاجيال قادمة مما سيولد تنافرات هائلة. بعدها سينهار الخليج الثري ليصبح ممر للفقر والالم في كل المنطقة. خصوصا وان الخليج لا يمتلك مقومات الاستقرار الاقتصادي بدون النفط.
انها الهمينة الامريكية الجديدة على الشرق الاوسط والعالم والتي ستعمل باستراتيجية خلق الفوضى لغرض جني الارباح والمكاسب الهائلة واحكام السيطرة على العالم. من المتعارف عليه بان الادارة الامريكية هي ادارة غالبا ما تعتمد المبدا البرغماتي الارتجالي في سياستها وتتنصل كثيرا من وعودها وعهودها وتسوف عن طريق تقلب حكوماتها وسياساتها من دورة انتخابية الى اخرى. ان المنهج البرغماتي غالبا ما يكون فعالا وحازما في حل المشاكل الانية. لكن امريكا لا تضحي بالمستقبل الاستراتيجي لصالح الربح الاني كما يفعل العرب غالبا. لذا فان البرغماتية سياسة معالجة احداث انية فقط بحلول عقيمة مستقبلا ستولد مشاكل عظيمة سيكون فيها رضوخ اكثر لامريكا. حيث ان الحدث الاستراتيجي لا يخرج عن نطاق السيطرة الامريكية المباشرة.
المنهج الامريكي ممكن فيه ان تتبدل خطط اليوم ويتبدل عملاء اليوم حسب مقتضيات الساحة لكن خطط واستراتجيات الغد ثابتة توظف فيها كل الامكانات لغرض النجاح فيها وفرض الرؤية الامريكية على العالم كواقع حال لا يمكن تجاوزه. اي مشكلة انية في الشرق الاوسط لا تحل الا وفق منظور آني اهوج. وتستند الحلول الى مربكات كثيرة ويؤسس الحل الى استقرار آني واتفاق آني يزيد من هشاشة الانظمة وهشاشة البنى ويمهد للفوضى الكبيرة والتي تعتبر هي الهدف الامريكي الاستراتيجي.
ما هي حلول لمواجهة ذلك؟!!
المفروض ان تكون هناك مؤسسات اكاديمية عليا ذات استقلالية عالية ورؤية واقعية تعمل في التخطيط للبلدان العربية لتقليل الخسائر وتوفير فرص نجاح اكثر لكسب الانسان والنهوض بالاقتصاد والحفاظ على خصوصياتنا الثقافية امام هجمات التغرب والعولمة. هذا المقترح يبدو وكانه افلاطوني لان حتى مؤسساتنا الاكاديمية العربية فصلت بشخصياتها على مقاسات الجهل والفساد. فمن سيضع الحلول اذن؟! من سيكون صاحب القرار؟! انه الشعب الذي يرفض الموت.. الشعب الذي يريد الحياة... اننا اليوم بحاجة الى كتاب ومفكرين لاستنهاض الهمم وتوحيد الرؤى وتوليد موجات التغيير.
القدسية الوطنية والحدود الوطنية ماذا تعني؟
انها وثنيات صماء وضعت من قبل فرنسا وبريطانيا في معاهدة سايكس بيكو ومعاهدات ما بين القوى العظمى التي كانت مسيطرة على الشرق الاوسط. فلماذا حتى اليوم تقدس اوثان المحتل اوثان من لا يريد من ذلك سوى مصالحه. للاسف الانظمة العربية ودول الشرق الاوسط بشكل عام اصبحت تابعا ذليلا لكل فكرة تطلق ولكل راي ولكل غباء امبريالي يرسخ الهيمنة على الشرق الاوسط من قبل الغرب. وهذا ما رسخ مفاهيم جديدة لقيام ونشوء الدول الهزيلة المتصارعة والفاقدة للقدسية الوطنية الجامعة والعميلة للقوى العظمى في العالم. وضعت الحدود لصالح ادامة وحفظ مصالح اسرائيل واوربا وامريكا.
ترسخت هذه المفاهيم في العصر الذي كان العالم فيه مكون من معسكرين الشيوعي والراسمالي. بدات مع سقوط الكتلة الشرقية سياسة نشر افكار الفوضى الخلاقة والعولمة (الامركة) واعاده هيكلة العالم بنشر افكارا جديدة لاعادة تقسيم العالم من جديد لصالح المعسكر المنتصر عالم القطب الواحد عالم الشركات العظمى التي ستحكم العالم بدلا من مفهوم الدولة القديم الذي كان ولازال سائدا ومنذ عقود. ان الفوضى الخلاقة التي تعمل على انهاء قدسيات الحدود بخلق الفوضى والصراع الفكري والثقافي والعرقي والمنطقي داخل حدود الدول.
بدأت الفوضى في العراق وافغانستان والبعض يظن بان الفوضى الخلاقة هي نظرية تخص العراق وحده لغرض اعادة تشكيل الخارطة السياسية العراقية والتخلص من الذين لا ينسجمون مع الرؤى الامريكية ومصالحها وخلق حكومة عراقية تابعة وراعية للمصالح الامريكية بظل هذه الفوضى. لكن يبدو ان هذا الراي ذو صحة جزئية فامريكا لا تسعى الى ذلك انها تسعى لخلق الفوضى في العراق وتهشيم كل اواصر التلاحم وايقاد نار الفتن هنا وهناك وجعل المجتمع في حالة صراع وضياع وتناقض مما يفقد المجتمع هويته الوطنية ليتقبل افكار جديد ويتقبل مفاهيم جديدة.
تدعم امريكا ذلك وتعمل على بقاء الفوضى في العراق ومن ثم تصديرها تدريجيا لكل دول الشرق الاوسط من العراق وافغانستان لتعم الفوضى الخلاقة المنطقة كما نرى الان بوادر ذلك في الباكستان والهند واليمن والسعودية والمغرب العربي والسودان وغيرها من الدول. الفوضى ستدخل الى كل دول المنطقة ولم يكون العراق سوى البداية. لا يمكن تقسيم العراق لخلق شرق اوسط جديد الا بعد تهيئة الارضية لتقسيم الدول الاخرى في المنطقة ككل وذلك لن يتم الا بالفوضى.
ايران يبدو ان اقدامها سحبت ايضا الى حلبة الفوضى بتيارات التناقض الداخلية المدعومة من قبل امريكا والغرب يبدو ان ايران كلما حاولت التخلص والخروج من الفخ وقعت فيه اكثر. اما السعودية فانها الطرف الاكثر سرعة باتجاه الدخول الى مستنقع الفوضى طبعا هذا كله ياتي بتشجيع امريكي عبر خلق ورسم اشباح واعداء وهميين لغرض تنمية روح العداء وشراء وتكديس السلاح الامريكي في سباق تسلح سيدمر المنطقة. ان وفرة السلاح ستمهد الى استخدامه لخلق شيء من الفوضى البسيطة والتي سينفلت زمامها بضربات اقتصادية كبيرة للخليج مما يمهد الى فوضى عارمة لا يمكن ان تستوعبها حكومات المنطقة وتبقى اللعبة بيد امريكا التي تتحكم بها بالريموت كونترول تتحكم بكل اقزام الشركات الاقليمية واقزام الاستثمار الاغبياء. انها تعرف الجرع التي تحتاجها كل دولة هنا وهناك وتعرف كيف تعطي السلاح ولمن تعطيه لخلق الفوضى وبذلك ستنتشر الفوضى وتعم المنطقة ككل.
القيم الوطنية التي اسس لها الاستعمار القديم تحت اطر الحدود التي رسمت من قبل بريطانيا وفرنسا ستكون في مهب الريح وتنشأ صراعات ضياع الهوية لتنمو الهشاشة في المنطقة وتتصارع المكونات العرقية والطائفية في المنطقة بظل الفوضى والجهل والعولمة والتغرب ونشر الفاسد ونشر الخلاعة. مما سيسبب ليونة ونزوحات شعبية وصراعات دموية قد تستمر الى عقد او اكثر من الزمن مما سيسهل على امريكا رسم خطوط مقدسة جديدة وحدود جديدة للدول حيث ستنمو سيطرة الشركات العالمية العظمى وتنشيء مافياتها هنا وهناك. وستتجاوز الشركات مفهوم الحدود وتدخل العالم كله في صراع الفوضى بين النمو الاقتصادي المزعوم الذي سيعمل على الاجهاز على البساطة والسلام وتدمير البيئة لصالح المجتمعات في دول العالم الثرية والتي ستصدر السموم الى بلدان العالم الفقيرة والضعيفة.
لا نعرف هل المقدسات التي ستخلق شرق اوسط جديد هي فعلا تستحق ان تحترم ام لا؟ ان الكثير من الكتاب والمواطنين العاديين عندما يسمع الشرق الاوسط الجديد وخارطته ينتفض صارخا ورافضا لها وهو لا يعرف ان واقعه الذي يعيشه ويعتبره مقدس هو ايضا ليس بمقدس لانه وضع من قبل محتل سابق. فهل القدسية الجديد التي تسعى لخلقها امريكا وفق حدودا وطنية جديدة لشعوب المنطقة افضل من القدسية السابقة ام لا؟
من المتوقع بظل الفوضى التي ستنفذها امريكا في الشرق الاوسط ستكون هناك صرعات ونمو افكار جديدة وتغربات فكرية هائلة ستجعل الصراع على اوجه لعقد او اكثر من الزمن مما سيمهد لتقبل فكرة اعادة التقسيم التي يرفضها الجيل الذي كان يعيش استقرار او انه كان يعيش الرفاهية الظالمة لحقوق المجتمع وفقا للقدسية القديمة لحدود الدولة والوطن. ان مفهوم ؛؛القومية والوطنية والعرقية والاثنية؛؛ مفاهيم حديثة لم تكن متداولة في العهود الاسلامية القديمة انها مفاهيم جاءت وافدة نتيجة ترجمة افكار نشوء الدول الاوربية بمفهومها الحديث بعد الثورة الصناعية وتم على اثر ذلك حدوث كوراث عالمية منها الحربيين العالميتين ومن ثم حدوث كوارث في كل من تبنى هذه المفاهيم في الشرق.
ان مفهوم الدولة الجديد الذي تسعى الى خلقه امريكا في عالم القطب الواحد يعد مفهوما يصعب ادراكه اليوم وتوقعات احداثه واشكاله تكاد تكون خيال. لكن امريكا لها استراتيجيتها وستنفذها وعلى مدى عقود من الزمن. وسيكون الخاسر الاكبر من كل هذه التغييرات هم من لا يؤمنون بهكذا تغييرات حيث ستستغل امريكا الجهل المسلح والفوضى لتجبر هؤلاء اما الى الرضوخ او تعمل على تصفيتهم وسيحاول ذوي التفكير الاني الارتجالي من المفكرين الى خلق اجواء افلاطونية لتوعية المجتمع لكن كل ذلك سيضيع بظل موجة الفوضى الخلاقة التي سيكون اول ضحاياها هم المفكرون الوطنيون الذين لديهم رؤى وطنية في بناء دولهم بشكل سليم ومثالي فكلما سيتقدمون خطوة سيجدون انفسهم ابعد عشرين خطوة الى الوراء عن هدفهم بسبب الارتجال والتغرب والجهل الذي سينمو بقوة بظل الرعاية الامريكية فلا فوضى الا بجهل، والجهل اليوم اخذ مفهوما جديدا فقد لا يعني من لا يعلم ولا يعرف بل انه يعني المتعصب الذي يقرأ لونا واحدا من الافكار السوداء التي ستجعله يحارب جميع الافكار الاخرى التي لا يؤمن بها وليس لدي الجيل الجديد الوقت لقراءة الرؤى الصالحة في ظل العولمة الهائلة ونشر الخلاعة ونشرى الامراض النفسية في المجتمع مما سيزيد التناقض ويزيد التغرب ويزيد جهل المجتمع وتناقضاته.
فلو نشر في مدينة ما مراكز ثقافية تدعو لفكر معين باستغلال تاريخ وثقافة هذه المدينة وتم دعمه هذا الفكر بشكل غير منطقي لينمي روح الصراع والعنصرية وفي مدينة اخرى مجاورة لهذه المدينة عمل نفس الشيء واستغلت ذات الظروف وتم دعم افكار التطرف والتناقض مع المدينة الجارة فخلال فترة 10 سنوات سيكون هناك جيل التغرب والصراع الكبير بين هاتين المدينتين وبذلك ممكن تهشيم اواصر التلاقي بينهم مما سيولد تشرذم يخدم مفهوم الفكر والاخلاق الغربية التي تؤسس لخلق الفوضى والضياع لتسهل عملية نشر العولمة (الامركة) وهذا سيخدم العولمة والاجهاز على القيم والتقاليد المحلية واواصر التلاحم الوطنية والانتماء. هذا ما يحصل في العراق اليوم ويبدو ان هذا بدا يتسرب الى كل دول المنطقة وباساليب مختلفة.
لذا يجب ان نحدد مفهوم الوطن والارض والثروة والعدالة لماذا الانسان الشرقي مستعد للتنازل عن هويته مقابل الحصول على جنسية دولة اوربية، اين مفهوم قدسية الوطن؟؟ لماذا وزراء ونواب عراقيون اليوم لا يتخلون عن جنسياتهم الاخرى ويفضلونها على جنسيتهم العراقية؟!!!!! وهل هناك معنى للوطن بظل وجود الفساد والظلم؟!!! وهل الوطن يمكن ان يعيش على ارضه اعراق واطياف مختلفة؟ ما هي قدسية الحدود الوطنية؟ هل حدود الصحراء مقدسة؟! ام انها رمال تجلب الهم والفقر والبؤس!! هل الوطن هو الثروات ام انه شعور بالانتماء وشعور بالحب والالفة مع من نعيش معهم على ارضا واحدة؟!! ومتي يكون هذا الشعور صادق؟ ما هي منطقيات الكلام عن الوطن وقدسيته؟ ان قدسية الحدود يجب ان تعاد صياغتها بتفاهمات اقيليمة ناضجة لتجنب كوارث ما سيحصل. ان قدسيات الحدود ستزول بمفهوم الولايات المتحدة الشرق اوسطية فهل ستكون هذه الدولة هي دولة عظمى تحترم حقوق مجتمعاتها وتنمي الثقافات الجامعة لكل الشرق بعيدا عن التغرب ونكران الذات الاقليمية؟؟؟....
الساحر الاكبر والتحكم بكل خيوط اللعبة
الاخطاء العربية في دعم الارهاب يبدو انها ستكون اساس تغيير انظمة الحكم في كل الدول العربية وفقا لمفهوم الفوضى الخلاقة وأعادت هيكلة الشرق الاوسط وفقا لمنظور الفكر الامريكي في عالم القطب الواحد. كانت امريكا قادرة عام 1991 من القضاء على نظام صدام وعلى كل امكانته العسكرية والصناعية. لكن امريكا قررت فرض حصار على العراق وفرض لجان تفتيش ليس لغرض التفتيش عن السلاح بقدر ما هو اطالة مدة عدم الاستقرار تحت شروط قاسية فرضت على نظام الحكم الصدامي لاهداف كان الجميع يجهلها في تلك الحقبة الزمنية المظلمة التي مر بها العراق.
تم دعم بقاء صدام في السلطة من قبل امريكا لغرض استغلال ذلك وجعل العراق ضعيفا فقيرا جائعا. مما يمكن من تنشئة تيارات فكرية جديدة فيه بوجود الحصار والجوع والتجهيل الاجباري للمجتمع امام انهيار قيم واخلاق مؤسسات الدولة بشكل مروع. تلك الظروف تم التهيئة لها وصنعها واستغلالها من قبل امريكا لنشر التناقض والتطرف. كلنا نعرف بان صدام لم يكن يسمح لاي حزب بان يعمل في العراق. لذا كانت الطريقة الوحيدة لعراقيوا الداخل من الولوج الى عالم السياسة هو اللجوء الى الاسلام السياسي (استخدام التنشئة في المساجد والجوامع). هنا دخلت وشجعت بعض الدول العربية ومخابراتها للعمل على تنشئة ارضيات دينية متطرفة في العراق ضد التوسع الايراني المحتمل وفعلا نشات حركات دينية مدعومة من قبل الجور العربي لخلق معارضة جديد ة(ذات نهج متطرف معادي فكريا للمعارضة العراقية خارج العراق) وهذه المعارضة مدعومة من قبل مصر والسعودية وامريكا لغرض تحجيم دور المعارضة العراقية المدعومة من قبل ايران وسوريا. لم ينتبه نظام بغداد لهذا المخطط في باديء الامر وشجع على نشر افكار التناقض والصراع في الشارع العراقي. فبظل الحصار في عقد التسعينيات من القرن الماضي كانت هناك مئات الجوامع الفخمة تبنى وبدعم عربي كبير وتصرف عليها ملايين الدولارات العربية وذلك لغرض نشر افكار متطرفة جديدة في العراق كل ذلك حصل في الفترة التي كان المثقف العراقي يبيع كتبه ليعيش ويوفر لقمة لاطفاله وعائلته.
كانت هناك مؤسسات مجهولة تعمل على شراء الكتب الدينية المعتدلة التي تمثل ثقافة التعايش السلمي في العراق لسنين طويلة كانت تشترى هذه الكتب باثمان كبيرة وتختفي من الاسواق لا نعرف الى اين تذهب لربما تحرق وكانت تظهر بدلا عنها هنا وهناك كتيبات مستنسخة رخيصة الثمن تثير الفتن وتشجع على العنصرية والتطرف. مما ساعد على زرع بذور العنصرية والطائفية والشقاق في المجتمع الذي كان يعاني الامرين من الحصار والتجهيل المتعمد. لذا نشات حركات متطرفة بعيدا عن المثقفين في تلك الحقبة المظلمة من تاريخ العراق وتفاجاء الكثير من المثقفيين بعد سقوط الصنم بظهور الكثير من حركات التطرف بسرعة على الساحة العراقية.
فطن صدام حسين متاخرا الى ذلك وشعر بان نمو هكذا حركات يحجم التيارت الشيعية الموالية للمعارضة العراقية في الخارج لكن هذه الحركات بنفس الوقت تهدد كيان دولته وديمومتها واستقرارها لذا عمل نظام صدام على متابعة هذه الحركات والتنكيل باعضاءها وزج الكثير منهم بالسجون لكنه لم يعمل على ابادتهم بل تركهم ضعفاء غير قادرين على فعل شيء ضده. رغم ذلك فان الدعم العربي استمر لهذه الحركات خلال 13 عام واصبحت للمخابرات العربية اذرع سيطرة كبيرة على هذه الحركات التي تعمل في العراق ودعمها وتوفير المؤى لها خارج العراق ايضا. مما سهل عملية تحريك هذه العصابات واستغلالها بعد سقوط صدام وتمويلها وتنظيم عملها.
ان عملية الفوضى التي خلقت بعد السقوط ما كانت لتحدث لو تم اسقاط صدام في عام 1991. لذا فان امريكا بحجة التفتيش فرضت الحصار وزرعت افكار التشرذم والسوء في العراق لعقد من الزمن بمساعدة مخابرات الدول العربية ولعبت دورا سيئا في تغيير ثقافة المجتمع العراقي. مما مهد الارضية المناسبة للسيطرة على العراق ونشر الفوضى بعد سقوط صدام. ان هذه الحركات الدينية المتشددة والدموية بعملها في العراق تخدم المصالح الامريكة من حيث تعلم او لا تعلم. اغلب الحركات الجاهلة الفوضوية يسهل السيطرة عليها بالاموال ويسهل تصفية وتغيير قياداتها وفق البرنامج الامريكي الاستراتيجي.
ان نشوء افكار التطرف وافكار التشرذم والصراع وعدم احترام القدسيات الوطنية والدينية سهل عملية اسقاط النظام ليكون العراق بلد غير مستقر بلد فوضى الرابح الوحيد فيها من يعرف اصول اللعبة وهو من اسس لها. امريكا لا تلعب بيديها بشكل مباشر فلديها عملائها فكلما عمت الفوضى ظهرت السيطرة عن طريق الفساد باستخدام المافيا وهذه المافيا هي من يكسر القانون والنظام ولا يحترمه وهي من تجعل الرابح الاخيرة في اللعبة هو امريكا واستراتيجيتها اللعينة.
مصر والسعودية قامت باستثمار الحركات التي تم دعمها خلال عقد التسعينات وترويج افكار التكفير والارهاب والفتن حيث تم دعم الارهاب عربيا ضد العراق الديمقراطي الجديد لاسباب اقتصادية وسياسية وطائفية كثيرة. حيث ان اي ديمقراطية حقيقية في المنطقة ستكشف الانظمة العربية الدكتاتورية وتحرك شعوبها وتدفعها باتجاه استجداء التغيير من امريكا. كما ان اغلب الدولة العربية في المنطقة تخشى من نهوض المارد الشيعي الذي يمثل المكون الشعبي المستضعف والمنتشر في اغلب دول المنطقة وبنسب سكانية كبيرة قد تكون مشكلة كبيرة لتلك الدول فيما لو تم استنهاضه.
طبعا هذه المخاوف كانت الدافع الاكبر وراء دعم الارهاب في العراق وانشاء معسكرات تدريب الارهابيين في الكثير من الدول العربية وتمويل عملياتهم في العراق بصرف مليارات الدولارت. انزلقت الانظمة العربية في ذلك وكان خطاءها جسيما ليس لانها تدمر العراق فقط بل لانها تدمر نفسها ايضا من حيث لا تعلم وذلك لانها تعمل على خلق عدم الاستقرار في المنطقة لفترة عقد من الزمن وهذا سيؤدي الى تخريج دورات ارهاب هائلة لا يمكن ان تستوعبها المنطقة ككل الا بدمار كبير وفوضى كبيرة. ان الحركات التي سمح صدام بانشاءها في العراق بعد ان اصبحت فكر وعقيدة خلال عقد من الزمن اصبحت هي سبب اسقاط صدام ونظامه. لانها اصبحت الارضية المناسبة وفق الرؤية الامريكية لتكون بديلا عن نظام صدام الدكتاتوري في نشر الفوضى في العراق ومنع استقراره. حيث ان الفوضى في العراق وعدم الاستقرار هو الهدف الآني الاستراتيجي الذي تطمح له امريكا لتمرير مخططا في المنطقة. ان هذه الحركات هي من ستقف بوجه كل القوى الوطنية التي ستعمل من اجل النهوض بالبلد بعد اسقاط صدام وذلك بسبب فوضوية وجهل هذه الحركات ودمويتها وتبعيتها للخارج.
سقط النظام العراقي واغلب المفكرين والمحللين وحتى قوى المعارضة التي كانت خارج العراق كانوا يتوقعوا بان العراق سيستقر امر الحكم فيه خلال اشهر وليس سنوات وهذا خطا جسيم لم يكن بحسبانهم. لكن المحتل كان يعرف ماذا زرع في العراق ويعرف بان الامر لا يستقر بسهولة وان الفوضى ستجعل من المحتل المسيطر الاول على كل مجريات الامور بالريموت كونتروال لانشاء مافيات السلطة ومافيات تدمير القيم والاخلاق العراقية الشرقية. سقط العراق في مستنقع الارهاب اول الامر وبدعم عربي كبير جدا مما افشل النظام الديمقراطي العراقي وجعلة نظام كسيح معوق ثم تربعت مافيات السلطة على ثروات البلد وتبديدها لمصالحها وملذاتها ونشر الفاسد ونسيان الانسان العراقي المحروم المظلوم منذ سنين طويلة فكل سلطوي يتصرف وكانه متفضل على الانسان العراقي البسيط وكأنه هو من اسقط صدام.
نقول هنا ان اخطاء صدام التي كان يظنها حسنات لصالح الابقاء عليه في السلطة هي التي كانت الاساس لازالة نظام حكمه. صدام كان يخشى ايران والمعارضة العراقية فيها، لكنه لم يكن يتوقع بان امريكا ستحفر له بئر لاساقطه وبنفس الوقت ستعمل على منع المعارضة العراقية التي لها تاريخ معاداة المصالح الامركية في الشرق الاوسط من تسلم السلطة في العراق. انتهت الحرب الطائفية في العراق ونحسرت لكن اواصر التلاحم والتماسك الوطني اصبحت هشة الاقتصاد العراقي هش ويعتمد على النفط فقط الحرف والصناعات الوطنية توقفت الزراعة اندثرت، وهذا يجعل العراق ضعيفا هزيلا تابعا لكل دول الجوار وسياسيتهم الرعناء.
وهذا هو الخطا الجسيم الذي يعيشه العراق اليوم ولا يمكن لاي حكومة عراقية بظل الفساد الهائل المستشري في مؤسسات البلد من اصلاح الشان العراقي والنهوض به كأمة عظيمة والنهوض باقتصاده الا بمعجزات.
ان دعم الدول العربية للارهاب في العراق استمر للسنوات السابعة الماضية مما ولد ثقافة ارهاب عربية ثقافة قتل وتدمير وعسكرة غير موجهة بشكل صحيح وغير محسوبة العواقب. امريكا دعمت وشجعت بشكل او باخر على ارسال المقاتلين العرب للعراق ليكونوا رعاة للمشروع الامريكي في التغيير في المنطقة ككل وفعلا دمروا البنى التحتية العراقية وبنفس الوقت تسلل المنافقون الفاسدون للسطلة وشكلوا مافيات راعية للمصالح الامريكية وبقى المتسلطون في العراق في اضعف حالاتهم كخدم للسياسة الامريكية. انتخابات اولى وثانية وثالثة مرت والعراق لازال ضعيف في حالة فوضى وانهيار متزايد في مختلف النواحي الاقتصادية والسياسية والامنية.
بعد ان تحقق شيء من الامن النسبي في العراق وانتهاء الحرب الطائفية. انقلب السحر على الساحر الاصغر (الدول العربية المعادية للديمقراطية والتغير في العراق) اما الساحر الاكبر(امريكا) فهي من يتحكم بكل خيوط اللعبة وهي من تستخدم الاقزام لتحقيق وتدعيم مصالحها في المنطقة. انحسر الارهاب في العراق ولكن مقاتليه لم ينتهوا بل اصبحوا يشكلوا اعظم قوة للفوضى (خلايا منظمة) تعمل اليوم على تدمير كل دول الشرق الاوسط ونشر الفوضى فيها. اليمن دعمت الارهاب في العراق للسنوات الماضية ومئات ان لم نقل الاف من المقاتليين اليمينيون قضوا في العراق.
اليوم نرى اليمن يعاني من سوء عمله من جراء دعمه للارهاب الذي انقلب عليه. نرى اليوم مؤسسات تصدير الارهاب اصبحت عاجزة عن دفع المقاتلين خارج بلدانهم والكثير من المقاتلين الاشداء رجعوا الى بلدانهم ليشكلوا خلايا مقاومة للحكم نراهم اليوم يعملون على تدمير بلدانهم وهذا نراه واضح في كل الدول العربية والاسلامية من موريتانيا ممتدا الى الهند والباكستان. نسمع عن حركات في المغرب والجزائر موريتانيا والصومال واليمن والسعودية والباكستان والهند. يبدو ان الدول العربية بدات تنتبه لخطئها الجسيم في دعم الارهاب لتدمير العراق حيث ان ما قاموا بانشائه انقلب عليهم وعلى دولهم.
لم يستقر العراق حتى الان رغم تخطيه مراحل صعبة جدا واليوم الفوضى اخذت تنتشر تدريجيا لكل دول المنطقة ولربما سيكون ذلك بشكل اكثر دموية مما مر به العراق. هذا ما سيمهد لفوضى امريكية خلاقة ستتمكن فيها خلال عقد من الزمن او اكثر من اعادة تقسيم الشرق الاوسط الى دويلات جديدة تخدم المشروع الامريكي في السيطرة والهيمنة على العالم. هذا راي واستنتاج يستند الى استقراء الاحداث التي مر بها الشرق الاوسط خلال العشرين سنة الماضية. لكنه رايي لا نجزم به قد يكون فيه شيء من الصحة وقد يكون عبارة عن استقراءات خاطئة لاحداث صعب تفسيرها وان كان كذلك فلبرما سيكون محفز الى استقراءات اكثر لفهم ما يجري وكيفية تقليل الخسائر. ان تقليل الخسائر قد يكون هو افضل نصر نسعى اليه اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.