اليوم اتضح للجميع – الشباب ومَن تعاطف معهم – أنّ الإخوان المفلسين " الإصلاحيين " يريدون الانقلاب على النظام الحالي بطريقة إجرامية يقودها تنظيمهم العالمي عبر الانتفاضة الدامية التي لا تجيزها القوانين النافذة ولا الشرع ولا الدستور في محاولةٍ بائسة بعد أن يأسوا من الوصول للحكم عبر الطرق الديمقراطية بسبب كراهية الجماهير الغفيرة من أبناء اليمن والأقطار العربية لهذا التنظيم البوليسي الرجعي الذي يُغلِّف نواياهُ الخبيثة بمسوح الدين الذي هو منهم براء,فلجأوا لتأجيج الشارع العربي للانتفاضة على الأنظمة العربية القائمة من أجل الوصول إلى السلطة على طبقٍ من ذهب. مستغلّين بذلك الأخطاء الفادحة والحماقات التي ارتكبتها هذه الأنظمة العربية بحق شعوبهم والتي لا نبرّؤها فيها ونقف أوّل الناس ضدّها,لكنّا أبداً لن نكون عوناً لمن يريد الانقضاض على الحُكمِ بهذه الطريقة الانقلابية الرجعية التي ستعود بالوطن مائة عامٍ للوراء. نحن نريد تغييراً يقود لدولةٍ مدنيّةٍ حديثة ترتكز على النظام المؤسسي,دولة تقوم على التسامح والقبول بالآخر أيّاً كان اتجاهه أو انتماؤه,دولة تسود فيها لغة الحوار لا لغة التكفير والتخوين والكراهية. وباعتقادي أنّ تنظيماً تاريخُهُ مليء بالمؤامرات والانقلابات والدسائس والتكفير والعمالة للأنظمة الفاسدة قبل الغربية غير حريٍّ بهِ نيل السلطة ولا يستحق منّا أن نأمنَهُ على مستقبل بلدٍ لن يجرّها بأساليبه البوليسية المقيتة المنغلقة والمنكفئة على ذاتها إلّا إلى الهاوية. الإخوان المفلسون هم الذين دعموا هذا النظام القائم منذ البداية,حيثُ بادروا للانخراط والانضواء في صفوفه وتحت رايته من الأيّام الأولى لتولِّي فخامة الرئيس علي عبدالله صالح الحكم,وقاتلوا باستماتة في حروب الجبهة الوطنية أواخر السبعينات وبداية الثمانينات في كل المناطق الوسطى وعتمة وريمة وشمير وشرعب وغيرها من المناطق التي شهدتْ صراع الجبهة الوطنية مع حكومة الشطر الشمالي سابقاً تحت مزاعم تحقيق الوحدة اليمنية بقوّة السلاح,والتي أثبتت الأيام والسنين أنّها مجرّد وَهْم,وأنّ البقاء ليس إلّا للأسلوب الديمقراطي والحوار البنّاء,وهو الذي قادَ في النهاية إلى تحقيق الوحدة. وهؤلاء الإخوان الذين يلعنون ويسبّون هذا النظام الحالي أو القائم هم أنفسُهُم الذين أحلّوا لَهُ وجوّزوا لَهُ عبر فتاواهُم الرجعية قتل إخواننا أبناء المناطق والمحافظات الجنوبية والشرقية في حرب صيف 1994م,بل وكانوا السبّاقين للقتال في صفوفِهِ عبر ما أطلقوا عليه (تنظيم المجاهدين),الذي انسلَخَ منهُ فيما بعد تنظيم الجهاد الإرهابي الذي كوّن ما عُرِفَ ب (جيش عدنأبين الإسلامي) الذي كان بمثابة الشرارة الأولى لتنظيم القاعدة الذي يشكو منه العالم بأسرِهِ والذي خرجَ من عباءة الإخوان وبالتحديد عباءة الشيخ عبدالمجيد الزنداني الذي سارع اليوم ليكون أوّل الفارين من جحيم المحرقة التي ينفخُ في كِيرها ثمّ يلوذُ بالفرار لأنّهُ لا يريد الشهادة التي يحضُّ الشبابَ عليها,هو فقط يريد الكرسي الذي يبحثُ عنهُ طويلاً ولم يتمتّع بهِ حين دخله عقب انتخابات عام 1993م البرلمانية حين تعيّن عضو مجلس الرئاسة وقاد الحملة الأشرس والأعنف ضد الاشتراكيين طوال أزمة البيض وصالح وطوال حرب صيف94م. هذا الشخص المهووس بالسلطة وتسليط الأضواء عليه لا يتوانى عن الكذب والتدليس إذا رأى الفرصة سانحة للشهرة وتسليط الأضواء عليه,بدءاً من تكفير الاشتراكيين والجهاد في أفغانستان وانتهاءً بإنشاء جامعة الإيمان والإدّعاء الكاذب مؤخّراً أنّهُ يعالج مرض الإيدز الذي اعتبرَهُ الكثير من المحلّلين فضيحة بجلاجل وأكبر كذبة في القرن الواحد والعشرين. زعماء الجهاديين من الإخوان أمثال عبد الرحمن العماد الذي قاتل باستماتة إلى جانب النظام في حرب المناطق الوسطى وحرب صيف 94م وعبدالولي الشميري الذي قاد تنظيم الإخوان المجاهدين في مقبَنة وشمير قبل الوحدة,ومن ثمّ في حرب صيف 94م هم الذين يألِّبون الناس على هذا النظام الذي هو في الحقيقة صنيعتهم, وهم الذين أرسوا دعائمَهُ منذ أوّل أيّامه,وظلّوا يُرقِّعون أخطاءَهُ مرّةً تلو الأخرى عبر تبريرات عديدة وواهية. واليوم فقط وبقدرة قادر اكتشفوا أنّ هذا النظام فاسد ويجب القضاء عليه. وأولاد الشيخ الأحمر الطامحون للسلطة والمهووسون بها بقوّة بعد أن أثروا ثراءً فاحشاً وغير مشروع في ظل هذا النظام الذي نقرُّ نحن بفسادِهِ عادوا اليوم أيضاً لينقلبوا عليه بعد أن رأوا أنّهُ قد شاخَ وبدأَ نجمُهُ يأفل,في محاولةٍ منهم لتقدُّم الصفوف والبروز في مقدِّمة الجماهير للعودة باليمن إلى زمن الرجعية والدولة الضعيفة التي يستطيعون من خلالها تمرير آرائهم بقوّة دون أن يكون هناك نظامٌ قادرٌ على الوقوف في أوجههم,مثلما كان الحال مع والدِهم – رحمه الله – والرئيس السابق القاضي عبد الرحمن الإرياني الذي لم يكن يملك من القوة ما يمكنه من مخالفة الشيخ,الأمر الذي دفعَهُ لتقديم استقالته في الأخير حين وجدَ القوّة القبلية هي الأقوى في الساحة. واليوم هم يزايدون على الناس حين يقولون أنّهم يريدونها دولة مدنية خالصة, ظنّاً منهم أنّها ستكون كدولة الإرياني وأنّهم سيحكمون سيطرتهم عليها فيما بعد ليصبحوا هم الآمرون والناهون في هذا البلد.. وأخطأوا وربِّ الكعبةِ في هذا التصوّر, لأنّهم لا يُدركون أنّ شباب اليمن لديهم من الثقافة والحنكة السياسية أضعاف أضعاف ما يملكون,وبالتالي من الصعب عليهم القبول بالأطروحات الساذجة أو المغلّفة بأيّة مُسمّيات. ولهذا نقول وباختصار: ألم يكن أحرى بتنظيم الإخوان أن يحافظ على ما تبقّى من حياءٍ لديهِ ولا يقوم بمحاولته الانقلابية اليوم ضدَّ النظام الذي أرسى دعائِمَهُ وكان لهُ اليد الطولى التي أحكمتْ قبضتَهُ على هذا الشعب المغلوب على أمرِه؟؟! ألم يكن أجدى بهم أن يسارعوا إلى التجديد والتحديث في أطروحاتهم ونهجهم بما يتوافق ورغبة الملايين من الشباب الطامحين لغدٍ مشرِق ؟! فذلك كان السبيل والطريق الأسرع الذي سيوصلهم إلى سُدّةِ الحُكم بدلاً من الانجرار وراء أفكارهم العتيقة التي أكلَ عليها الدهر وشرب ولم يعد بمقدورها احتواء الشباب ولا إقناع العامة من الناس بصحّة توجههم ونقاء مبادئهم. إنّ الظرف الراهن يستدعي منهم ذلك إذا كانوا فعلاً يريدون تصحيح مسار الدولة وبناء نظامٍ مدنيٍ حديثٍ توافقهم عليه غالبية الجماهير.. ما لم فيجب أنْ يتركوا الساحة لمن هو قادرٌ على قيادة سفينة هذا الوطن والمُضيِّ بها إلى بَرِّ الأمان,ولا أظنُّ أنّ فيهم مَن يقدرُ على ذلك بشهادة أفضل مفكّريهم نصر طه مصطفى,الذي أدلى بذلك في مقابلته الأخيرة التي أجراها معه المذيع المتألّق عارف الصرمي بقناة السعيدة,وأوضح متحسِّراً على إخوانه أنّهم ارتكبوا أكبر خطأ في مشوارهم السياسي حين تركوا الحكم للمؤتمر ولم يدخلوا معه في ائتلاف حكومي عقب انتخابات 1997م,وكشفَ عمالتهم للنظام حين أقرّ أنّهم أنشأوا صحيفة (الصحوة) بدعم من فخامة الرئيس لتكون في مواجهة صحيفة( الأمل) التي كانت تمثل التيار اليساري التقدُّمي. مؤكِّداً أنّهم لقوا دعماً قويّاً من فخامة الرئيس لإنشاء اتحاد طلاب اليمن في الجامعة الذي كان يقودهُ هو وفارس السقّاف وآخرون من العناصر التي تساقطت اليوم عن النظام وعادت لثكناتها بسلام. إنّ مثل هؤلاء المتناقضين والمتساقطين أولى لهم أن لا يتحدّثوا عن الفساد وهم أوّل من شارك فيه,على الأقل أنّهم كانوا في مصدر قوّة ومسئولية تمكّنهم من تغييره أو تقديم استقالاتهم من البداية لو كانوا فعلاً يريدون القضاء على الفساد. لكنّهم نخروا قواعدَهُ بفسادهم حتى إذا ظنّوا أنّهُ أوشك على الانهيار سارعوا للانسلاخ عنه والتبرّؤ منه بعد أن أثروا من مناصبهم ثراءً غير مشروع. وإذا كانوا فعلاً يريدون محاربة الفساد ويدّعون أنّهم ضدّهُ فليسارعوا بإعادة كل ما اكتسبوه في عهد هذا النظام ونحن سنقبل بهم وبأعذارهم ونعتبرهم حينئذٍ أطهار, مالم فهم أوّل من سيقف للحساب العسير.