ما زالت تداعيات الثورات العربية تُقلق الحكومات العربية ولا سيّما التي تخشى أن تصل هذه الثورات إلى عتبات قصورها مثل دول الخليج، تتصاعد وتيرة هذه التداعيات تارةً وتنخفض تارةً أخرى بحسب الأحداث السياسية في المنطقة والعالم. الخوف الأكبر لدى الحكومات ينصب على شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي، إذ وُلد جدل كبير حول هذه الوسائل ودورها في الثورات العربية وهل كانت هي السبب في تأجيج الشارع العربي على حكامه. تزامناً مع انعقاد المؤتمر الدولي للإتصالات والحملات المناهضة له، ذكرت قناة ال "بي بي سي" أن دولة الإمارات العربية أصدرت قرارات تقضي بتضييق الخناق على مستخدمي الإنترنت، وهي محاولة من حكومات الخليج للتحكم بسيل الإنتقادات والآراء التي تنتشر على مواقع التواصل الإجتماعي والمواقع الأخرى. ومضمون التعديلات على القوانين، التي أصدرها رئيس الدولة خليفة بن زايد آل نهيان، تتعلق بشأن جرائم الإنترنت وتنص على" العقاب بالسجن لمدة 3 سنوات لكل من استعمل الشبكة المعلوماتية أو صمم موقعاً الكترونياً على الإنترنت بهدف السخرية أو الإضرار بسمعة الدولة أو رئيس الدولة أو نائبه أو أي من حكام الإمارات السبع، أو أي شيء يتعلق بعلم البلاد أو النشيد الوطني أو اي رمز من رموز الدولة". وأصدر الشيخ خليفة هذا القانون قبل 3 ساعات من فوز الإمارات بعضوية مجلس حقوق الإنسان لمدة ثلاث سنوات متواصلة، في حين اعتبرت منظمة هيومن رايتس واتش أن الهدف من وراء هذا القانون هو فرض قيود صارمة على حرية التعبير. يبقى السؤال، من يحق له فرض القيود ولماذا؟ والسؤال الثاني هل فعلاً كانت وسائل التواصل الإجتماعي هي السبب في تأجيج الشارع العربي؟ السؤال الأول لا يُمكن الإجابة عنه إذ يحتمل فرضيات وجدل واسع ويحتاج إلى قوانين تخص حقوق الإنسان وحرية التعبير. أمّا في ما يخص السؤال الثاني، لم يكن الإنترنت أو شبكات التواصل الإجتماعي هي السبب في الثورات بل كانت وسائل ساعدت المتظاهرين والمحتجين في التواصل ونقل الأخبار والمعلومات فيما بينهم. وهذا لأمر من الطبيعي أن يحصل بما أن هذه الوسائل دخلت عالمنا وخصوصياتنا ولا يمكننا التخلي عنها ولا سيما بين فئة الشباب، وعرفت الحكومات والسياسيين العرب أهمية هذه الوسائل ورأيناهم ينشأون حسابات خاصة بهم على فايسبوك وتويتر. وعلى الرغم من ذلك ستقوم الحكومات العربية بتضييق الخناق كلما شعرت بالخطر، وستقوم بما وسعها بفرض قوانين ومراسيم تحد من انتشار هذه الوسائل. ولاحظنا في الآونة الأخيرة مجموعة من الإجراءات أجريت بحق ناشطين على شبكة الانترنت. آخرها الحكم بالسجن المؤبد على الشاعر القطري محمد العجمي بسبب نظمه قصيدة " ثورة الياسمين في تونس" دعماً للثورة التونسية. وسبقه الحكم على العديد من المدونين في عُمان في تموز الماضي لمدة تصل إلى 18 شهراُ بسبب التشهير بسمعة السلطان. وتم إنزال عقوبة السجن ثلاث سنوات على الناشط السياسي البحريني نبيل رجب، وقال على حسابه على "تويتر" " بسبب تغريداتي حكم علي في 9 تموز لمدة 3 سنوات، ويقوم أصدقائي الآن بالهتمام بحسابي على موقع تويتر نيابة عني". وعلى الرغم من التشديد المحكم من قبل حكومات الخليج إلا أن نسب مستخدمي وسائل التواصل بازدياد متواصل. فهل تغير هذه الوسائل الأنظة الملكية التي تحكم منطقة الخليج منذ عقود؟