حُمل تابوت الخميني الزجاجي عمودياً لكي يتمكن الناس من مشاهدته. كان مغطى كله بأزهار الغاردينيا البيضاء. وجاء ملايين المعزّين من أرجاء إيران كلها رجالاً ونساءً ، وكلهم يبكون ويضربون رؤوسهم ووجوههم، والخميني هناك عالياً في التابوت الزجاجي، راقداً بسلام.
ومن المصلّى حيث ودعت الجماهير قائد الثورة ومؤسس الجمهورية الإسلامية، شق موكب الجنازة إلى مقبرة "جنة الزهراء" لدفنه. كانت ملايين أخرى تنتظر الخميني في المقبرة وآلاف ارتقوا أعالي الحاويات الضخمة المستطيلة الشكل.. وحُفر القبر وتكومت أكوام من التراب حوله. وعندما وصل الموكب، اندفع الناس نحو الإمام مخترقين صفوف رجال الشرطة. احتُفظ بأكوام التراب من أجل ردم الجثة التي اختفت في لمح البصر، وقبض كل شخص على التراب المبارك أثناء تمايل جثمان الخميني خلال الحشد وهو ينتقل من مجموعة من الأيدي إلى أخرى. وأراد الجميع أن يلمسوا الجثة أو يقتصوا قطعة من كفنه. رحنا نتفرج بدهشة بينما كفنه يتمزق، وجسده العاري ينفك عنه.. والتقط المصورون تلك اللحظة النادرة وأظهر غلاف مجلة "تايم" في العدد الأسبوعي التالي "قائد الثورة وكفنه يسقط كاشفا عن صدره العاري وذراعيه". تم تخليص الجثمان من قبضات الجماهير الصارخة والمتدافعة ووُضع في طائرة مروحية، ووفقاً لرواية خالي علي طاروا به عائدين إلى عيادة مانزريا لكي يُلفّ بكفن جديد. ودفع الجنود الناس نحو الخلف ووصلت قوات جديدة إلى موقع الحدث، ولا أتذكر بالضبط بعد كم من الوقت عادت المروحية حاملة الجثمان. وعندما عادت أسرعوا بدفنه وأغلقوا القبر قبل أن يتمكن المعزّون من نبش مثواه الأخير وسرقة التراب. الإشاعات التي سمعناها لاحقا أخبرتنا قصة أخرى. قال الناس إنه كان بين المعزين عناصر من "مجاهدي خلْق" وأفراد من عائلة الضحايا الذين أعدمهم النظام. كانوا يشدون جثمان الخميني ويمزقون كفنه إربا.
"الصحفية والشاعرة الإيرانية كاميليا انتخابي فرد في كتابها:- كاميليا- سيرة إيرانية" *صحيفة اليمن اليوم