من المغالطات التي يحاول كثير من الساسة تمريرها على الرأي العام بهدف اشعارهم أن مخرجات الحوار المتمثلة بالوثائق المتعددة لفرق الحوار ومنها وثيقة بن عمر لحل القضية الجنوبية لن تشكل أي خطر على مستقبل اليمن باعتبار أن هذه الوثائق هي بمثابة محددات أو موجهات دستورية لا أكثر من ذلك ولا أقل وهنا يقع مربط الفرس الذي يتجاهله الكثير من المثقفين والسياسيين بشكل متعمد وغير متعمد فالأول هدفه خبيث كونه يسعى جاهدا على تصوير المخرجات بإجراءات بروتوكولية روتينية تنهي حالة الاحتفان السياسي وصولا للدستور الجديد والذي سيلغي كل ما جاء بهذه ولن يكون لها أي تأثير قانوني يلزم العمل بنصوصها الصريحة بينما هو يدرك جيدا أن الأمر مختلف تماما وأن ما سيتم التوقيع عليه سيحقق المصالح الحزبية أو الطائفية على حساب مستقبل الوطن بشكل عام بينما الطرف الثاني ينظر للأمر بأن التوقيع على هذه المخرجات لا تتعدى في تفسيرها القانوني كخطوط عريضة لأدبيات الدستور القادم يفسرها كلا حسب ذوقه الفلسفي وهذا ما روج و يروج له اصحاب الطرف الأول لجعل من لم يقتنع بها منذ الوهلة الأولى لصدورها يقتنعون بها أخيرا بأن لا خوف من ذلك طالما وأن النصوص المبهمة والمطاطة لن تكون مواد دستورية بذلك النص وأن المجال لتعديل مضامينها مفتوح وغير مقيد أو ملزم عند إعداد الدستور القادم . ولكي تتضح الرؤية عن سر تخوفنا الكبير من نصوص تلك الوثائق وعلى وجه الخصوص وثيقة بن عمر لحل القضية الجنوبية و اصرارنا الشديد على رفضها جملتا وتفصيلا كوننا لو سلمنا بحسن نية على أن ما جاء فيها لا تتعدى كونها محددات وموجهات للدستور القادم فلماذا تصر بعض الأطراف على عدم تعديل تلك البنود محل الخلاف والتوقيع عليها بعد تعديلها إن كان هناك حسن نية بنصوص تلك الوثيقة التي لم تشر للدستور إلا ببعض بنودها ولم تضع التحرزات الكفيلة بعدم الدخول بتفسيرات متناقضة حال التطبيق لها هذا من جهة من جهة أخرى وهي الأهم والتي أتمنى من الجميع أن يستوعبها جيدا في حال تم صياغة مواد الدستور الجديد وإنزاله للشعب للتصويت علية وتم رفض ذلك الدستور هل يلغي ذلك ما تم التوقيع عليه من وثائق وما جاء فيها من بنود أم أنها ستحل محل الدستور وهذا ما يجعلني أستشعر بالخطر الكبير على مستقبل وطننا وشعبنا فلن نعود للوضع الحالي المحكوم بالمبادرة الخليجية كما أننا لن نعود للوضع السابق المحكوم بدستور الجمهورية اليمنية وبالتالي فلا نحن أبقينا على ماضي ولا حافظنا على حاضر ولا صنعنا مستقبل بمعنى أنه لا مفر من الصراع على تفسير مخرجات الحوار كلا بما يحقق مطامعه الضيقة ونكون بذلك قد مزقنا وطننا ومستقبلنا بمحض ارادتنا فهل من يعقل خطورة ذلك الأمر أم أننا سنغض ابصارنا ونقول في أنفسنا إنما هي أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين .