أصبحت كميات النفط الخام الهائلة المخزونة بخزانات ميناء “الضبة” الواقع شرق مدينة المكلا، والتي تقدر بحوالي 3 مليون ونصف برميل نفطي مخزون في الميناء، محط أنظار وإهتمام الكثير من قيادات الشرعية باليمن، وكذلك في محط نظر القاعدة التي كانت تسيطر على ساحل حضرموت سابقاً، وذلك لأجل تلبية إحتياجات أطماعهم ونزواتهم الشخصية بأسم تحسن خدمات محافظة حضرموت. حيثُ أن هذه الكميات الضخمة تراكمة في خزانات ميناء “الضبة” نتيجة الضخ اليومي لشركات النفط المختلفة المتواجدة بمنطقة “المسيلة” من منتوج النفط الخام التي يتم توريده مباشرة إلى هذه الخزانات، وكان العامل المساعد في تراكم هذه الكميات هي فترة إندلاع الحرب الأخيرة التي شهدتها اليمن، وهي الحرب التي شنتها ميليشيات الحوثيين وصالح في مارس الماضي من العام المنصرم 2015م ، ويضاف إليها فترة سيطر تنظيم القاعدة على الساحل في الثاني من إبريل للعام ذاتة. وفيما سبق؛ أي في فترة سيطرت التنظيم على مدينة المكلا وضواحيها، لم يتمكن عناصر وقيادة القاعدة من تصريف هذه الكميات الضخمة من النفط الخام أثناء سيطرتهم، وسبب ذلك يرجع إلى أن قيادات التحالف العربي فرضت الحصار على جميع موانئ المكلا التجارية وكذلك الحركة الملاحية فور أي حركة تقتضي بالتصرف في هذه الكميات لذلك بقية مكدسة في خزانات الميناء حتى هذا اليوم وهذه الحظة. عندما تم تحرير مدينة المكلا وضواحيها من مسلحي تنظيم القاعدة قبيل حوالي شهرين من قبل قوات الجيش الوطني المدعوم من التحالف العربي، خصوصاً بعد زيارة قصيرة تقدر بساعات معدوده أجراءها رئيس الحكومة اليمنية الدكتور “أحمد عبيد بن دغر” مع عدد من الوزراء إلى المكلا، وذلك لمناقشة أوضاع المدينة بعد تحريرها، وهُنا بدأ الجدال وتضحت الأطماع لاسيما عقب التصريحات المتناقة للمسئولين بالحكومة الشرعية. وتتلخص كل هذه الجدالات التي أثارتها زيارة “بن دغر” إلى المكلا؛ حسب ما ورد في معظم المواقع الإخبارية، في أن هذه الزيارة جاءت لإتمام صفقة بيع المخزون النفطي الضخم المتواجد في خزانات ميناء “الضبة” حيثُ تم إعتبار ذلك أول أولويات الزيارة، وعندما لوقي ذلك بالرفض الشديد من قبل قيادات التحالف المتواجدة في المكلا عجل من مدة الزيارة ودامت ساعات قليلة جداً، وذلك لأن القيادات كانت تسعى إلى تثبيت الأمن للنهوض بالمدينة من الأوضاع الإسثتنائية التي كانت تعانيها. مصير المخزون النفطي نشرت وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” التابعة للحكومة الشرعية بعد أسابيع قليلة خبراً يقتضي بنقل كامل المخزون النفطي من المكلا إلى عدن من أجل تكريره في المصافي النفطية؛ حسب إتفاق إقتضى بذلك، وبموجب الإتفاق فأنهُ سوف يتم دفع قيمتها لصالح محافظة حضرموت ولأجل أن يتم إستثمار ذلك في تأهيل قطاعاتها الخدمية المختلفة، ومقابل ذلك سوف تحل مشكلة أزمات المشتقات النفطية الحاصلة في عدن وكذلك توفير فرص عمل فور بدء سير عمل المصافي. وعند إقتراب شهر رمضان أُبلغت شركة مصافي عدن بتحريك إحدى سفنها صوب ميناء “الضبة” بشرق المكلا من قبل قيادات الحكومة الشرعية اليمنية، وذلك لتميحل نصف المخزون بخزانات الميناء تقريباً؛ أي تحميل قرابة 1 مليون ونصف برميل من إجمالي المخزون، واما بالنسبة إلى الكمية المتبقة سوف يتم تصريفها وبيعها في الأسواق العالمية؛ أي خارج البلاد. وذكرت مصادر خاصة أن شركة مصافي عدن تفاجئت بأوامر عليا صدرت من قبل وزير النفط اليمني ووكيل الوزارة تقتضي بتأجيل العملية إلى ما بعد عيد الفطر المبارك، رغم أن الشركة أوشكت فعلاً على تحريك إحدى سفنها صوب المكلا لتحميل الكمية المتفق عليها قبل الشهر الكريم. وأوضح مصد آخر أن مبتغى الحكومة اليمنية من تأخير وعرقلة شركة مصافي عدن لأخذ الكمية المتفق عليها، وهو لأجل أن يتم بيع كامل الكمية المخزونة من النفط الخام لصالح الشركة السويسرية “جلينكور” حيثُ أن هذا هو الإتفاق الأساسي والسبب الحقيقي للزيارة الأخيرة التي أجراها رئيس الحكومة “احمد بن دغر” لمدينة المكلا. وفي مؤتمر صحفي لمحافظ محافظة حضرموت اللواء الركن “احمد بن بريك” صرح بأنهُ سوف يتم نقل كامل الكمية المخزونة بخزانات ميناء “الضبة” إلى مصافي عدن لتكريره وجعله جاهزاً للإستخدام، وأشار المحافظ إلى أن حضرموت سوف تحصل على 35 ميلون دولار أمريكي عوضاً عن المخزون المكدس في الخزانات، وأن بهذا المبلغ سوف تتغلب المحافظة على معظم مشاكلها الخاصة والعامة والتي أهمها الكهرباء وغاز الطبخ. وبهذا الخصوص مازالت تعاني محافظة حضرموتوعدن ومحافظات يمنية أخرى من أزمات عدة ومختلفة في الخدمات الضرورية والتي تضل أبرزها الكهرباء وغاز الطبخ والماء وغيرها من المشاكل الآزمة للعيش والحياة الكريمة. ورغم أن الحكومة تعلم كل هذه المشاكل التي تعانيها المحافظاتاليمنية إلى أنها لم تضع أي حلول أو أقتراحات مبدئية لحلها حتى هذا اليوم، ولو حتى في المحافظات التي تم تحريرها مؤخراً من الإنقلابيين والقاعدة كذلك. نظرة إقتصادية ويمكننا حساب المبلغ النهائي لإجمالي صفقة بيع 3 مليون ونصف برميل نفطي خام عبر معادلة إقتصادية بسيطة، وهي كالتالي: أولاً: 3.5 مليون برميل نفط خام * 60 دولار = 210 مليون دولار أمريكي. ثانياً: وإذا ماتم تحويلها بالريال اليمني فأنه سوف يظهر رقم كبير جداً مروع، أي: 210 مليون دولار * 290 = 60 مليار و 900 مليون ريال يمني. علماً بأن ميزانية اليمن السنوية في أيام الرخاء؛ أي ما قبل سنة 2011م ، تقدر بحرالي 15 مليار ريال يمني فقط، أي أن صفقة بيع مخزون ميناء “الضبة” من النفط الخام تعني مزانية أربع سنوات إلى الأمام. …