شكل جديد من زرع الدماغ يمكن من خلاله تمكين الأشخاص الذين يعانون الشلل النصفي استعادة السيطرة على أرجلهم استناداً إلى دراسة ناجحة تم تطبيقها على القرود المشلولة، حيث استعاد الباحثون في مدرسة لوزان للفنون التطبيقية بسويسرا حركة الساقين لاثنين من قرود ريسيس المصابة بالشلل، في غضون أسبوعين من تعرضهم للإصابة، بينهما واحد استعاد الحركة بعد 6 أيام فقط . عن طريق هذا الربط بين الدماغ والنخاع الشوكي بتجاوز الانقطاعات وتصل الإشارة لاسلكياً من المخ ؛ فيمكن تحفيز الأعصاب المسؤولة عن تشغيل عضلات محددة في الساقين حسب الحاجة، وفق الأوامر الصادرة عن الدماغ التي تقوم بتنسيق عملية المشي عبر تنظيم حركة العضلات. وعبر نقل الإشارة صناعياً، يمكن تجاوز الإعاقة الناتجة عن انقطاع التواصل من الدماغ نتيجة إصابة أو حادث. المفتاح هنا هو أننا قادرون على تحفيز وإنتاج الحركة المطلوبة في الحيوان، هكذا قال غوريغوري كورتين أستاذ الهندسة العصبية عضو فريق البحث، الذي أضاف أن التجربة نجحت وكانت الحركة شبه طبيعية، لكن ما زلنا نحتاج لتجربة حركة الاتجاهات. كيف نجحت التجربة ؟ في التجربة التي نشرت يوم الأربعاء ، تمت زراعة جهازيْ تواصل لا سلكييْن يعملان معاً في (الدماغ والعمود الفقري) لتوصيل الإشارات العصبية الحسية والحركية من المخ الدماغي إلى العمود الفقري الذي يتحكم في حركة الساقين عبر الأعصاب الحسية والحركية، ويتصل جهازا اللاسلكي المثبَّتان في المخ والعمود الفقري عبر جهاز كمبيوتر يمكّنهما من نقل الإشارة من الدماغ عبر القفز على مواضع الإصابة وتجاوزها وهي تقنية ظلت نوعاً من الخيال العلمي فترة طويلة .
هذه الإشارات من المخ، بدلاً من أن تتوقف عند حزمة الأعصاب التالفة في الحبل الشوكي (الذي لا يمكنه التجدد بسهولة عند انقطاعه أو إصابته) للوصول إلى الأعصاب الحركية المسؤولة عن تحريك الساق، بدلاً من ذلك تنتقل الآن لا سلكياً عبر جهاز كمبيوتر صغير يترجم الإشارة ويبعث برسالة جديدة لحث وتحفيز الجهاز المزروع في العمود الفقري على الجانب الآخر من الإصابة لينتج إشارة جديدة أو نبضات كهربية تحقق الأوامر الصادرة من الأصل من الدماغ عبر هذه التوصيلة الصناعية التي تتجاوز انقطاع الاتصال الطبيعي بانقطاع العصب أو النخاع الشوكي (في العمود الفقري) وبذلك يستطيع القرد المشي بتحرك عضلات الساقين وفق أوامر المخ . المسؤولية الأخلاقية لإثبات أداء هذه التقنية لزراعة موصّل للإشارة في الدماغ والعمود الفقري في القرود، تطلب ذلك أن يقوم الفريق بإصابة اثنين من القرود جزئياً في النخاع الشوكي لإصابتهم بالشلل عن عمد ليتسنى لهم زراعة التقنية لاحقاً. وحسب القواعد الأخلاقية، فإن الفريق قام بإحداث إصابات جزئية محدودة فقط يمكن لها أن تلتئم طبيعياً بتجدد الأعصاب لاحقاً وإعادة تنظيمها تلقائياً، وهذا هو ما دفعهم لإجراء التجربة واستخدام التقنية بعد إصابتهما مباشرة؛ لأن القرود ستصاب بالشلل أسابيع قليلة فقط قبل أن تلتئم الإصابة طبيعياً. الإنسان هو الهدف الهدف النهائي من هذه الأبحاث، هو تطبيق هذه التقنية الجديدة لصالح الإنسان وتحسين الحياة والحركة للأشخاص الذين يعانون الشلل النصفي، لكن هناك الكثير من التحديات منها -حسب مدير معهد الأعصاب في جامعة ولاية أوهايو علي رضائي- أن "موقع الجزء الخاص بتحريك عضلات الساقين في القشرة الحركية للدماغ يصعب الوصول إليه بالنسبة للبشر مقارنة مع القرود التي تكون فيها هذه المنطقة أكثر سطحية وسهل الوصول إليها، إضافة إلى أن حركة ساقي الإنسان أكثر تعقيداً بكثير من القرود. وعلى الرغم من ذلك يعتقد رضائي أن هذه التكنولوجيا الجديدة تتطور بسرعة في هذا المجال، كما يعتقد أيضاً أن الفريق يمكن أن يطور دراسة تطبيقية تشمل حركة الذراعين بدلاً من الساقين، وذلك باستخدام عملية زرع دماغية ترسل إشارات إلى "كُم اصطناعي" يلبس على ذراع المريض فينشّط العضلات من الخارج وليس من الداخل، وهذا البحث يبدو أكثر واقعية إذا استطاع الفريق استعادة الحركة والتحكم في اليد اليمنى وأصابع رجُل يبلغ من العمر 24 عاماً بعد أن كان مشلولاً من الصدر إلى أسفل مدة 6 سنوات، لكنه يعود فيؤكد أن استخدام هذه التكنولوجيا لحركة الساقين والمشي يتطلب ما هو أكثر تطوراً؛ لأن حركة العضلات متعددة ومعقدة، والتغيير الطفيف في حركة الساق لن يغير حياة المصاب كثيراً.