تدفق السيول على معظم مناطق وادي حضرموت وتحذيرات للمواطنين    رئيس الوزراء يصدر قرارا بتوحيد وتحديد الرسوم الجامعية والنفقة الخاصة والدراسات العليا    حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في غزة تتجاوز 62 ألفا    بعد انسحاب الهلال.. اتحاد القدم يعدّل لائحة المسابقات.. ويتوعد    ليفربول يحدد سعر بيع كوناتي لريال مدريد    مناقشة احتياجات مؤسسة الكهرباء وتداعيات استهداف العدو لمحطات التوليد    وزير الصحة يناقش الجوانب المتصلة بتوطين الصناعات الدوائية    الزراعة والثروة السمكية تدين الجرائم البيئية التي يرتكبها الاحتلال في سواحل اليمن    أمطار غزيرة تعطل حركة المرور وتغرق الطرق في مومباي بالهند    العصا لمن عصى    من بين ألف سطر أعرف طريقة كتابة الحضرمي والتعزي    فتحي يسترق السمع!؟    بتمويل إماراتي.. محافظ شبوة يفتتح قسم فحص الأنسجة في مختبرات الصحة    مليشيا الحوثي تختطف أقارب شاب متوفي لإطفائهم زينة كهربائية خضراء في إب    باكستان تستأنف عمليات الإنقاذ في المناطق المتضررة من السيول    المعلمون حماة العقول    العفو الدولية: إسرائيل تنفذ سياسات تجويع ممنهجة في غزة    وفاة مواطن بصاعقة رعدية في الحيمة    تعز .. مسلح يغلق مقر صندوق النظافة والتحسين بعد تهديد الموظفين وإطلاق النار    مركزي عدن يمهل شركات الصرافة 3 أيام لنقل أموال المؤسسات الحكومية لحساباته    أرسنال يسقط يونايتد في قمة أولد ترافورد    الثالثة تواليا.. الأستراليون أبطال سلة آسيا    اصلاحات فجائية لن تصمد الا إذا؟!    رشاوي "هائل سعيد" لإعلاميي عدن أكثر من الضرائب التي يدفعها للسلطة    لماذا تم اعتقال مانع سليمان في مطار عدن؟    فيما تبنت الحكومة الخطة الأمريكية والإسرائيلية لنزع سلاح المقاومة.. لبنان على مفترق طرق    غزة تباد: إسرائيل تقتل.. وأمريكا تدعم.. والعرب في سبات الخذلان    خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية (الحلقة رقم 51)    في حفل تخريج دفعة "مولد الهادي الأمين" الذي نظمته وزارة الداخلية..    دمج الرشاقة والمرونة في التخطيط الاستراتيجي    اغتيال كلية الشريعة والقانون    الالتزام بشروط تزيين السيارات بذكرى المولد النبوي    فيما العيدروس يطلّع على سير أداء عدد من اللجان الدائمة بالمجلس: رئاسة مجلس الشورى تناقش التحضيرات لفعالية المولد النبوي للعام 1447ه    شرطة تعز تعتقل مهمشاً بخرافة امتلاكه "زيران"    كمال الزهري .. عين الوطن    التشكيلية أمة الجليل الغرباني ل« 26 سبتمبر »: مزجت ألم اليمن وفلسطين في لوحاتي لتكون صوتاً للجميع    متى وأيّ راعية ستمطر…؟ ها هي الآن تمطر على صنعاء مطر والجبال تشربه..    نفحات روحانية بمناسبة المولد النبوي الشريف    اجتماع موسع لقيادة المنطقة العسكرية السادسة ومحافظي صعدة والجوف وعمران    دعا المواطنين للتعاون مع رجال الأمن في تنظيم الفعاليات وضبط حركة السير..    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (9)    مرض الفشل الكلوي (17)    منتخب الشباب الوطني يتعادل مع فريق الأمانة استعدادا لكأس الخليج    وزير الثقافة يزور دار المخطوطات ومركز الحرف اليدوية بمدينة صنعاء    المؤتمر الشعبي العام.. كيان وطني لا يُختزل    خرافة "الجوال لا يجذب الصواعق؟ ..    شباب المعافر يهزم الصحة ويقترب من التأهل إلى ربع نهائي بطولة بيسان    ميسي يعود من الإصابة ويقود إنتر ميامي للفوز على غالاكسي وينفرد بصدارة الهدافين    أمطار غزيرة وعواصف رعدية.. الأرصاد يرفع التنبيه إلى الإنذار ويتوقع توسع حالة عدم استقرار الاجواء    الهيئة العليا للأدوية تعلن صدور قائمة التسعيرة الجديدة للأدوية لعدد 3085 صنفا    النصر السعودي يضم الفرنسي كومان رسميا من بايرن ميونخ    قصف إسرائيلي يستهدف العاصمة صنعاء    الصحة العالمية: اليمن يسجل عشرات الآلاف من الإصابات بالكوليرا وسط انهيار البنية الصحية    أكاذيب المطوّع والقائد الثوري    أفضل وأحسن ما في حلف حضرموت أن أنصاره اغبياء جدا(توثيق)    من يومياتي في أمريكا .. أيام عشتها .. البحث عن مأوى    الاشتراكي "ياسين سعيد نعمان" أكبر متزلج على دماء آلآف من شهداء الجنوب    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا امتنعت إيران ومحور المقاومة عن قصف مفاعل ديمونة في حين قصفت إسرائيل منشآت نووية إيرانية..؟
نشر في يمنات يوم 04 - 07 - 2025


عادل السياغي*
1. مدخل الإشكالية
شكّل تصاعُدُ المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية في ربيع وصيف 2024-2025 وصولاً إلى العملية الإسرائيلية الواسعة داخل إيران في يونيو 2025 مفارقة بارزة: إسرائيل استهدفت عشرات المواقع المرتبطة ببرنامج طهران النووي والصاروخي، بينما لم يُسجَّل أيّ هجوم صاروخي أو مسيَّر من جانب إيران أو حلفائها ضد مفاعل ديمونة الإسرائيلي، على الرغم من تهديدات متكررة من قيادات محور المقاومة، وفي مقدمتهم أمين عام حزب الله حسن نصر الله. فكيف يُفسَّر هذا «اللا-فعل»؟ وما الذي يمنع طهران وحلفاءها من ضرب أحد أهم رموز الردع النووي الإسرائيلي؟
2. أهمية ديمونة في معادلة الردع
يقع المفاعل في قلب المنظومة النووية الإسرائيلية غير المعلَنة رسميًّا. ويُصنَّف، وفق تقديرات غربية، على أنه ينتج البلوتونيوم المستخدم في ترسانة يُقدَّر حجمها بما بين 80-100 رأس نووي. ضربُه سيُثير احتمال تسرُّب إشعاعي ويهز صورة «المناعة المطلقة» التي تروّجها تل أبيب منذ عقود. لهذا السبب حوَّلته إسرائيل إلى هدف ذي حساسية ردعية قصوى، تحيطه بطبقات من الدفاع الجوي (حيتس-3، مقلاع داود، والقبة الحديدية) وبإجراءات حماية مدنية داخلية تجعل الوصول إليه وإحداث أضرار كارثية مهمة شبه مستحيلة من دون قدرات صاروخية دقيقة وكثيفة في آن واحد.
3. سجل الضربات الإسرائيلية الحديثة على إيران
الهجمات الإسرائيلية في أبريل 2024 ثم «عملية نارنيا/ Rising Lion» في يونيو 2025 جسَّدت عقيدة «الضربة الوقائية» الإسرائيلية: تدمير البنى التحتية النووية قبل أن تبلغ «نقطة اللاعودة». أكثر من 250 طائرة مسيَّرة ومقاتلة F-35I شاركت في قصف مواقع من نطنز إلى أصفهان وكيرمانشاه، مع دمج هجمات سيبرانية وتشويش GPS. الهدف المعلن: إطالة الجدول الزمني للوصول إلى سلاح نووي، وإضعاف قدرات الصواريخ الباليستية التي يفترض أن تحمل هذا السلاح مستقبلاً. التكرار والجرأة في هذه العمليات يعكسان الثقة بقدرة سلاح الجو الإسرائيلي على العمل بعيداً عن الحدود، وتأييداً أميركياً ضمنياً، مقابل إدراك بأن ردّ إيران سيكون «تحت العتبة».
4. ميزان الردع وعدم تماثل القدرات
يملك إيران ومحورها وفرة في الصواريخ الباليستية (حتى 2 000 كم) والمسيَّرات الانتحارية، لكنها تفتقر إلى التفوق الاستخباري والجوي المطلوب لاختراق عمق النقب وتنفيذ ضربة دقيقة تُعطِّل المفاعل. في المقابل، يتمتع الجيش الإسرائيلي بمنصات اعتراض متراكبة مع تغطية رادارية كثيفة، إلى جانب إمكانية رد تقليدي ساحق ضد أهداف حساسة داخل إيران ولبنان وسوريا، وربما رد نووي تكتيكي إذا تعرضت «مواقع سيادية نووية» لهجوم كارثي. معادلة الردع هذه تُفسر أن كِلا الطرفين يتجنب استهداف «نواة» قدرة الخصم الردعية، مكتفياً بضربات «حولية» ومحدودة.
5. الكلفة البيئية-الإنسانية والحساب السياسي
أي صاروخ دقيق يضرب قلب ديمونة قد يُطلق مواد مشعة ويعرّض مئات الآلاف في النقب وجنوب الأردن للخطر، ما قد يستجلب إدانة دولية واسعة. يحرص إيران على تقديم نفسها خصوصاً بعد فتوى خامنئي بحرمة السلاح النووي بوصفها طرفاً «مسؤولاً» لا يستهدف منشآت نووية مدنية حتى لدى خصومه. بالمقابل، تُسوّق إسرائيل ضرباتها بأنها وقائية ومُوجَّهة إلى منشآت عسكرية أو أجهزة طرد مركزي «غير مشغَّلة»، لتتفادى اتهامها بارتكاب «تشيرنوبل شرق أوسطي». هذا البُعد الأخلاقي-الدعائي يجعل قرار ضرب المفاعل الإسرائيلي محفوفاً بخسارة «الحرب الإعلامية» التي يوليها محور المقاومة أهمية متزايدة.
6. رسائل طهران: التهديد بلا تنفيذ
منذ خطاب نصر الله عام 2016 وإعادته التهديد عام 2017، تُستخدم ديمونة كورقة تخويف لردع إسرائيل عن استهداف لبنان وإيران، لا كهدف يُنوى ضربه فعلاً. فيديوهات الدعاية التي أصدرتها وحدة الإعلام الحربي في حزب الله أظهرت شعارات «لا خطوط حمر»، لكنها في الجوهر رسائل سيكولوجية تستند إلى مفهوم الردع بالإيحاء. فالمعركة الإعلامية أرخص ثمناً وأكثر قابلية للضبط من عمل عسكري قد يجر المنطقة إلى حرب شاملة.
7. استراتيجية «الرد في الساحات» بدلاً من «الرد في ديمونة»
أثبتت إيران بعد الهجمات الإسرائيلية أنها تفضّل الرد عبر وكلاء في اليمن أو العراق، أو عبر هجمات سيبرانية ونقل أسلحة متطورة إلى غزة ولبنان، لأنها أدوات تسمح بتدرُّج تصعيدي يمكن ضبطه. استهداف ناقلات نفط في بحر عُمان، أو إطلاق مسيَّرات على قواعد أميركية في سوريا، يُحقِّق هدف «الثأر» دون تجاوز خط أحمر قد يُفجِّر مواجهة مع الولايات المتحدة وحلف «أبراهام» العربي-الإسرائيلي.
8. الحسابات القانونية والدبلوماسية
على رغم انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018، ما زالت طهران حريصة على عدم منح مجلس الأمن ذريعة لقرارات عقابية جديدة. ضربُ منشأة نووية مدنية حتى لو كانت إسرائيل خارج معاهدة عدم الانتشار سيُتَرجَم كخرق صريح لقرار 1998 الصادر عام 2011 القاضي بعدم استهداف منشآت نووية محمية بمنطقة خالية من السلاح النووي. ومن ثمّ، امتناع المحور عن قصف ديمونة يُبقي إيران داخل هامش «المظلومية المقبولة» دوليًّا، في حين يسلّط الضوء على إسرائيل كطرف يخرق القواعد باستهدافه منشآت نووية معلَنة وخاضعة للوكالة الدولية.
9. خلاصات واستشراف
يمتزج الامتناع الإيراني-الحزبللاوي عن ضرب ديمونة بمجموعة طبقات: (أ) معادلة ردع غير متماثلة تُفضّل فيها إيران الحفاظ على القدرة الصاروخية للمساومة لا للمقامرة بوجودها، (ب) فجوة تكنولوجية واستخبارية تجعل الوصول إلى المفاعل مخاطرة عالية مقابل عائد رمزي قد يكون محدوداً، (ج) كلفة بيئية-إنسانية-دبلوماسية هائلة قد تُفقد طهران ما تبقى لها من تعاطف دولي، (د) توفر بدائل رد غير مباشرة أقل كلفة وأقرب لمفهوم «حرب الظل». في المقابل، تُظهر العمليات الإسرائيلية الأخيرة أن تل أبيب مستعدة لاختبار سقف الردع كلما سمحت البيئة الدولية وخصوصاً الدعم الأميركي بذلك. ومع تصاعد الأصوات الإيرانية الداعية إلى «رد متماثل» أو حتى «تسريع برنامج الردع النووي»، فإن عدم استهداف ديمونة حتى الآن لا يعني انتفاء الخطر مستقبلاً، بل يدل على أن طهران تُدير صراعها ضمن سلّم تصعيد دقيق، تدرك فيه أن رصاصة واحدة على المفاعل قد تُشعل الحريق النووي الذي تخشاه جميع العواصم.
* كاتب وباحث سياسي عسكري يمني

المصادر والمراجع (مرتَّبة أبجديًّا)
1. The Wall Street Journal – تقرير «عملية نارنيا»، 27 يونيو 2025.
2. Wikipedia (June 2025 Israeli strikes on Iran) – تفاصيل المواقع المستهدفة.
3. The Guardian – «Monday Briefing: Four ways Iran could retaliate...»، 23 يونيو 2025.
4. Diplomat Magazine – «The Iranian-Israeli confrontation...»، 8 أكتوبر 2024.
5. The Times of Israel – تصريح رئيس هيئة الطاقة الذرية السابق حول أمان ديمونة، 2017.
6. The Sun – فيديو تهديد حزب الله لديمونة، نوفمبر 2024.
7. The Jerusalem Post – مقابلة نصر الله: «لا خطوط حمر»، فبراير 2017.
8. Anadolu Agency – خطاب نصر الله يطالب بتفكيك المفاعل، 16 فبراير 2017.
9. Modern Diplomacy – «Striking Complexity: The 2025 Israel-Iran War...»، 23 يونيو 2025.
10. Institute for the Study of War – «Iran Updates (Oct. 7 War)»، يناير 2025.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.