لا يعرف كثير من الناس من هم «الحوثيون» الذين تحاربهم الحكومة اليمنية منذ عام 2004م، وخرجت الكثير من المعلومات المتداخلة والمتناقضة أحيانا، إما لإثبات صحة موقفهم أو العكس.. كل حسب فكره وعقيدته ومصلحته وخلفيته السياسية. ولا ينبغي التعامل مع القضية من جانب «طائفي» أو «قبلي» فقط، وإنما لابد من البحث عن أساس المشكلة، ومن المتسبب بها، لتصح المعالجة من جانب، ولننتبه لتلك الأخطاء في المستقبل من جانب آخر. الأغلبية الساحقة من سكان اليمن هم من السنة الشافعية، ثم الزيدية، وقلة قليلة جدا من الشيعة الاثنى عشرية، وكانوا متعايشين بسلام يحكمهم زيدي سنوات طويلة. ولأسباب فكرية وسياسية بحتة أراد الرئيس علي عبدالله صالح محاربة التيار الإسلامي (السني) الآخذ بالانتشار - حاله كحال العديد من زعماء العرب - فضيق عليهم وقرب إليه الحوثيين ودعمهم، وشجع مدارسهم الفكرية ضد السنة ! خلال تلك الفترة ذهب مؤسس جماعة «الحوثيون» حسين بدر الدين الحوثي إلى إيران وبقي هناك حوالي سبع إلى تسع سنوات، وأسس «حركة الشباب المؤمن» في أوائل التسعينات في صعدة شمال اليمن. وبعد وفاته ترأس ابنه رئاسة «حزب الحق»، وانشق عنه كثير من جماعته بسبب خلافهم بموضوع الإمامة، وميلان الحوثي إلى مذهب «الاثنى عشرية»، وهذا يشير إلى أنهم بالأصل زيدية المذهب. وهناك رأي يقول أنهم كانوا شيعة ولكنهم غير متعصبين ولم يظهروا تشيعهم. تزايدت أعداد الحوثيين بفضل الدعم المالي الإيراني الضخم، ولا يخفى على أحد أن السلاح تجارة رائجة في اليمن، ولا يوجد بيت في الجبال يخلو من سلاح بسبب قطاع الطرق واللصوص، فما بالك في «صعدة»! وبعد استقواء الحوثيين بدأت لهم مطالبات سياسية، مما أخاف علي صالح منهم، وحاول الاستعانة بمن أقصاهم، ولكن بعدما حاربهم سياسيا وعسكريا.. فكيف سيسعفوه ؟! وفي عام 2004م أدت الخلافات بين الرئيس اليمني والحوثيين إلى اندلاع الحرب الأولى في صعدة، ثم تتالت الحروب فى السنوات اللاحقة حتى الحرب السادسة في 2009م - وما زالت - دون أي نتيجة تذكر للحكومة. ويعزو بعض المحللين السياسيين سبب عدم الانتصار على الحوثيين إلى عدة أمور، أبرزها : عدم قناعة اليمنيين بأسلوب الحكومة في التلاعب بين التيارات السياسية، وفقدان الجندي لدافعية القتال بسبب سوء الأوضاع المعيشية وضعف الراتب الذي لا يكفيه أسبوعين، والأسوأ أنهم يهددون الجندي الذي لا يقاتل بالفصل، ومادام هذا راتبه فالفصل أرحم، فضلا عن صعوبة القتال في الجبال. إذا قضية الحوثيين ليست قضية طائفية، لأن الرئيس اليمني علماني، ويستغل الطائفية لبقائه على الكرسي، وهو يجني ما زرعته يداه تجاه الإسلاميين. وللأسف.. هذا ما تقوم به بعض الأنظمة العربية بنظام فرق تسد، وإثارة الفتن بين الطوائف والقبائل والمذاهب، ثم تستنجد.. أغيثوني أغيثوني، ولكن بعد خراب مالطة ! والشعب الكويتي إذ يؤيد السعودية في الدفاع عن حدودها - وأنا منهم - فكل الأمل عدم تصعيدها طائفيا من بعض التيارات السياسية في الخليج، أما الرئيس اليمني فليصلح بلده أولا، وسيجد من يعينه.