رغم أن بعض وسائل الإعلام المشبوهة سارعت كالعادة للاصطياد في المياه العكرة عبر توجيه اتهامات ضمنية لمصر بالمسئولية عن عدم انتظام الإرسال أثناء بث مباراة الافتتاح بين منتخبي جنوب إفريقيا والمكسيك في بطولة كأس العالم لكرة القدم على قناة "الجزيرة " الرياضية المفتوحة ، إلا أن الأرجح هو أن هذا الأمر ليس خارجا عن إسرائيل. فمعروف أن تل أبيب مازالت تقع تحت وطأة الإدانات الدولية على خلفية مجزرة أسطول الحرية ، ولذا سارعت للتشويش على القمر الصناعي المصري "نايل سات" تحديدا لإثارة أزمة بين قناة "الجزيرة" والقاهرة ولفت الانتباه بعيدا عن قضية رفع الحصار عن غزة والانتقام في الوقت ذاته من فضح "الجزيرة" لجرائمها ضد نشطاء الحرية ، بالإضافة إلى الانتقام من قرار مصر فتح معبر رفح لأجل غير مسمى . أيضا ، فإن إسرائيل لها سوابق في التشويش على الأقمار العربية وهذا ما ظهر خلال الحرب الأخيرة على غزة عندما كانت تشوش ليل نهار على قناة "الأقصى" الفضائية ، هذا بجانب ماأكده نشطاء أسطول الحرية حول قيام القوات الإسرائيلية بالتشويش على الاتصالات بين سفن الأسطول . وتبقى شهادات خبراء الاتصالات هي الأهم في هذا الصدد ، حيث أكد الخبير في مجال الاتصالات الفضائية المهندس عمر شوتر في اتصال مع "الجزيرة" من دمشق أن التشويش الذي حدث تشويش متعمد وقد استمر طوال شوط المباراة الأول ولم يتمكن الفنيون من معالجته ، قائلا :" التشويش عمل إرادي من طرف جهة كانت تعرف تماما ماذا تفعل" ، وأكد أن "نايل سات" لا يمكن أن تقوم بالتشويش على نفسها ، داعيا إلى اتخاذ إجراءات بشكل عاجل لمعرفة الجهة المسئولة عن التشويش. وفي السياق ذاته ، صرح مصدر مسئول ب "النايل سات" بأن هذه الاتهامات عاريه تماما من الصحة وأن هناك إشارات مجهولة المصدر هي التي تسببت في العطل ، متسائلا " كيف تقوم مصر بتعطيل الإرسال وهي دفعت 130 مليون جنيه من أجل نقل المباريات؟ وكيف يفعل ذلك التليفزيون المصري وهو يكسب من الإعلانات قبل وبعد المباراة؟ ". ورغم أن بعض وسائل الإعلام المسمومة ربطت بين قرار "الجزيرة" بث المباريات التي اشترتها مصر مسبقا على قناتها الرياضية المفتوحة وبين ما حدث من تشويش ، إلا أن خبراء الاتصالات أكدوا أن عملية التشويش تحتاج لإمكانيات تقنية كبيرة ولا يمكن أن تتم في ساعات وهو ما يبريء مصر تماما ويؤكد أن إسرائيل خططت قبل فترة لهذا الأمر، فقرار "الجزيرة" بث مباراة الافتتاح على قناتها المفتوحة كان مفاجئا وقبل انطلاق المباراة بوقت قصير ، وهو ما يبطل تماما مزاعم الانتقام . وبالنسبة لما يردده البعض حول وجود تدخلات من جانب "نايل سات" تسببت بانقطاع الصورة أكثر من مرة خلال مباراة افتتاح كأس العالم بين جنوب إفريقيا والمكسيك على كل قنوات "الجزيرة" ، فيما لم تتأثر صورة البث في قنوات التليفزيون المصري الأرضية بالانقطاعات ، هو أمر يؤكد أيضا زيف ما سبق ، لأن من أقدم على التشويش لا يمكن أن يكشف نفسه بهذه السهولة ، بل إن هناك من فسر التناقض بين ما حدث للجزيرة والتليفزيون المصري بأنه يرجح احتمال حدوث خلل ما داخل "الجزيرة " نفسها . محاسبة الجاني
وأخيرا ، فإن ما يبطل المزاعم السابقة هو تحرك مصر و"الجزيرة" في الوقت ذاته لكشف حقيقة ما جرى ، حيث تقدمت مصر بشكوي للاتحاد الدولى للاتصالات للتحقيق في التشويش الذى تعرض له القمر الصناعي المصري "نايل سات" أثناء افتتاح بطولة كأس العالم في 11 يونيو / حزيران والذى نتج عنه عدم انتظام الإرسال أثناء بث مباراة الافتتاح بين منتخبي جنوب إفريقيا والمكسيك. ووفقا للتليفزيون المصري ، فإن اللواء أحمد أنيس رئيس الشركة المصرية للأقمار الصناعية "نايل سات" كان رفع تقريرا بما حدث لوزير الإعلام المصري أنس الفقي ، وبناء عليه ، فقد قام الفقي بتكليف الدكتور طارق كامل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للتقدم رسميا بشكوي للاتحاد الدولي للاتصالات للتحقيق في هذه الواقعة واتخاذ الإجراءات القانونية والفنية المناسبة حيال ما تم من تداخل على القمرين المصريين نايل سات 101و 102 يومي الجمعة والسبت "11 و 12 يونيو" على الترددات الخاصة بنقل فاعليات كأس العالم بجنوب إفريقيا على قنوات "الجزيرة" الرياضية. وأضاف التليفزيون المصري أنه تم مخاطبة الاتحاد الدولي للاتصالات استنادا إلى المادة 15 من لوائح الراديو بالاتحاد الدولي للاتصالات لاتخاذ ما يلزم حيال هذا التداخل والذى يعتبر عملا غير مسئول وانتهاكا صريحا للوائح والقوانين لاسيما وأنه سبق وتكررت هذه التداخلات من قبل وعلى قنوات قمرية مختلفة مثل قناة "الزوراء" وقناة ال "بى بى سى" باللغة الفارسية. وبالنسبة لقناة "الجزيرة" ، فقد كلفت شركة بريطانية متخصصة في تقنيات الاتصالات والتشويش للتحقيق في كيفية حدوث التشويش تقنياً والتعاون مع الفريق القانوني لتقديم أدلة قاطعة في حال انتقال القضية إلى المحاكم البريطانية أو الدولية. وإلى أن تظهر الحقيقة ، يجب على إدارة "الجزيرة" التعاون مع إدارة "النايل سات" للتصدي للقرصنة في عالم الاتصالات وحجز الفضاء من أجل تقديم خدمة إعلامية متميزة للمشاهد العربي .