وافقت الحكومة اليمنية على مشروع قرار جمهوري بإنشاء هيئة الأوراق المالية التي ستعنى باستكمال خطوات التهيئة النهائية لإنشاء أول سوق للأوراق المالية في اليمن. وبحسب مشروع قرار إنشاء الهيئة المقر من مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه الأسبوعي أمس برئاسة رئيس المجلس الدكتور علي محمد مجور, فأن إنشاء الهيئة يهدف إلى تهيئة البيئة المناسبة لاستثمار المدخرات والأموال في الأوراق المالية، بما يخدم الاقتصاد الوطني ويرسخ أسس التعامل السليم العادل في السوق، فضلاً عن ضمان استمرار الجهود الرامية لإنشاء السوق المالية ضمن مؤسسة متخصصة ومستقلة، وكذا حماية المستثمرين في الأوراق المالية، والمحافظة على استقرار سوقها المزمع إنشائه، والحد من تعرضه للمخاطر. وأوضح مشروع القرار أن الهيئة باستكمال الإجراءات القانونية والتنظيمية للسوق المالي، وإعداد قانون الأوراق المالية. ووفقا لوزير المالية اليمني نعمان الصهيبي فأن إنشاء سوق الأوراق المالية في اليمن يأتي ترجمة لإحدى مكونات البرنامج الانتخابي للرئيس علي عبدالله صالح، ويندرج ضمن حزمة الإصلاحات الشاملة التي تتبناها الحكومة حاليا بما في ذلك الإصلاحات الاقتصادية المرتبطة بعدة جوانب أهمها إصلاحات القطاع المصرفي وتطبيق مبادئ حوكمة الشركات ورفع قدرات العاملين في مجال القضاء والمحاماة والمحاسبة القانونية وتطوير المنظومة التشريعية المنظمة لعمل السوق. ويرى خبراء واختصاصيون أن الوضع الاقتصادي في اليمن أصبح مهيئاً لإقامة سوق الأوراق المالية اليمنية لتصبح أحد مكونات النظام الاقتصادي اليمني القائم على مبدأ الحرية الاقتصادية، لاسيما مع توفر عدد من المقومات القانونية والاقتصادية اللازمة لإقامة السوق وأهمها توفر مجموعة من القوانين الداعمة لإقامة السوق، والخطوات الملموسة للحكومة اليمنية نحو استكمال البنية التشريعية الملائمة لها وكذا النتائج الايجابية التي حققها برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي في مراحله السابقة و وجود عدد من الشركات المساهمة التي يمكن أن تمثل نواة إنشاء السوق، بالإضافة إلى برنامج الخصخصة الذي سينتج عنه تحويل ملكية الدولة لعدد من الشركات والمؤسسات الكبيرة نسبياً إلى ملكية القطاع الخاص كشركات مساهمة فضلا عن رغبة القطاع الخاص في تحويل العديد من الشركات العائلية والمغلقة إلى شركات مساهمة عامة والنتائج الايجابية الملموسة في مجال تطوير الجهاز المصرفي، والمؤشرات التي تبشر بنمو هذا القطاع مستقبلاً . ويرى أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء الدكتور محمد الميتمي أن أمام الحكومة اليمنية فرصة لمعالجة الاختلالات الاقتصادية وتطوير النظام المصرفي وإنجاح فكرة قيام سوق للأوراق المالية إذا ما أقدمت علي مجموعة من الإجراءات يأتي في طليعتها خلق وتكوين مدخرات لدي المؤسسات والأفراد وإنشاء مؤسسة مصرفية قوية قادرة علي القيام بدور الوساطة المالية بكفاءة وجاذبية ويسر. بينما يشير مدير المراجعة في البنك المركزي عارف موسي إلي أن أبرز الصعوبات التي ستواجه قيام سوق للأوراق المالية تتمثل بغياب الوعي الادخاري لدي معظم المواطنين، وقلة حجم الاستثمارات، وغياب شركات الوساطة المالية وتدني رؤوس الأموال للبنوك التجارية الموجودة حاليا لان معظمها ذو طابع عائلي مغلق يعتمد في نشاطه علي الأساليب التقليدية. وعن أهمية إنشاء سوق الأوراق المالية يقول الباحث بوزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية/ نبيل محمد الطيري :"إن تلك الأهمية تكمن في دورها لنقل الأموال الفائضة من قنوات الادخار وتوظيفها في قنوات الاستثمار في القطاعات ذات الحاجة إلى تلك الأموال بجانب مساهمتها في تحقيق الأهداف الاقتصادية المهمة التي ينشدها المجتمع وعلى وجه الخصوص زيادة معدل نمو الاستثمار في الاقتصاد الوطني، حيث تعمل سوق الأوراق المالية على تشجيع الادخار الاستثماري بشكل عام وتشجيع صغار المدخرين على الادخار بوجه خاص والذين لا يستطيعون في العادة إقامة المشاريع الاستثمارية لعدد من الأسباب منها ما يتعلق بصغر حجم هذه المدخرات فضلا عن عدم معرفتهم بفرص الاستثمار المتاحة والمجدية". ويضيف الباحث الطيري:" كما تقوم سوق الأوراق المالية بنقل الموارد المالية من الفئات التي لديها فائض "المدخرين" إلى الفئات التي تحتاج هذه الأموال "المستثمرين" لإقامة مشاريعها الاستثمارية الأمر الذي ينعكس في زيادة التشغيل وتحسن مستوى المعيشة في المجتمع, بالإضافة إلى المساهمة في تمويل مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلد من خلال قيام سوق الأوراق المالية بتوفير الأموال التي تحتاجها الحكومة لإقامة مشاريعها الاستثمارية وبالأخص مشاريع البنية التحتية عن طريق طرح الحكومة أوراق مالية "سندات الدين العام" في هذه الأسواق". ولفت إلى أن سوق الأوراق المالية لها أهمية أخرى تتمثل في مونها ستشكل سلطة رقابية بصورة غير مباشرة على كفاءة الشركات والمشروعات التي يجري تداول أوراقها المالية في السوق وبالتالي فان سوق الأوراق المالية أداة لتقويم الشركات والمشروعات الاستثمارية.. فضلا عن كون السوق ستوفر مجموعة من الأدوات المالية التي تهيئ للمستثمر فرصاً أوسع للاختيار في شتى مجالات الاستثمار مما يجنب المدخرين مشقة البحث عن وجوه الاستثمار التي تناسبهم وتعمل على جعل السياسة النقدية أكثر فعالية في وجود سوق الأوراق المالية مع الاستفادة من التطورات المالية والاقتصادية العالمية حيث تعمل سوق الأوراق المالية على زيادة الترابط مع العالم الخارجي عن طريق ارتباطها بالأسواق المالية العالمية وجذب الاستثمارات الأجنبية وتوطيد التكنولوجيا. ويوضح أن تفكير الحكومة اليمنية جديا بإنشاء هذه السوق بدأت في العام 1995 واستمرت تسير في خطوات متدرجة لإجراء الدراسات والتهيئة لإنشائها حتى الموافقة على مشروع قرار إنشاء هيئة الأوراق المالية.. مذكرا بأن برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري الذي تبنته الحكومة في عام 1995 كان من ضمن أهدافه إنشاء سوق للأوراق المالية في اليمن وذلك كجزء من أجندة الإصلاحات الوطنية التي تستهدف إعادة هيكلة وتطوير الاقتصاد اليمني. وكانت الحكومة اليمنية وقعت في ال23من نوفمبر الماضي مذكرة تفاهم بين وحدة مشروع سوق الأوراق المالية والبورصة بوزارة المالية وهيئة الأوراق المالية الأردنية تضمنت أطر التعاون والتنسيق بين الطرفين لإنشاء سوق للأوراق المالية في اليمن.