خلق الله سبحانه وتعالى هذا الكون بميزان وميزه بخلق الإنسان .. الإنسان ذلك الكائن الحي الذي يعيش ويتعايش . اختاره الله تعالى من بين سائر المخلوقات ليكون صاحب التركيبة المعقدة والوظائف المتعددة قال تعالى : ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقوي) صورة التين .
هذا هو المقسم عليه ، وهو أنه تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة وشكل ، منتصب القامة ، سوي الأعضاء حسنها .هذا يدل على أنه أحسن خلق الله باطنا و [ هو أحسن خلق الله ] ظاهرا. وزينه بالعقل قال تعالي: (( وتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ((العنكبوت/43 ذلك الجهاز متناهي التعقيد الذي يفكر و يفرح ويحزن بما حوله وهو صاحب الخطاب في التوجيه الإلهي العظيم إلى الإنسان .وله تركيبته الفيزيولوجية التي تتحكم بجميع الأعضاء وترتبط بكافة خلايا الجسم . وهو من يصدر الأوامر بالفعل ورد الفعل . وقد احتوى في تركيبته السيكولوجية على جانبه الإنساني ومقدرته على التعايش بسلام مع من حوله ووضع التنازلات الكبيرة مع حفظ ماء الوجه . وتأتي صفة (العفو ) والتسامح مع الغير في قمة الصفات الإنسانية لما لها من إطفاء الفتن ، تصفية الخواطر ،شفافية التعامل وهي من أهم عوامل بقاء العلاقات الإنسانية وتجديدها واستمرارها على أحسن حال . وهذه الصفة تتطلب استيعاب ومعرفة دوافع ومسببات الغير والتي يجب أن تكون مقنعة لتنال الرضا وتقابل بالعفو وتكون كبيرة بكبر من يعفو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( مازاد الله تعالى عبداً بعفو إلا عزاً (( حديث صحيح . والعفو له ردود فعل ليثبت نجاحه على جميع الأطراف فالمبادرات في تقريب وجهات النظر وعدم تكرار مسببات العفو أو ما يدعو إليه . وهي صفة وضعها الله تعالى في نفسه وأمر بها عباده المؤمنين . قال تعالى ))وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(( سورة النور فكونك قد عفوت إذاً أنت موجود وإن سامحت وصفحت فقد سموت إلى مرتبة الإنسانية وإن بدأت بالمبادرة فهذه من صفات العظماء قال تعالى )) وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (( سورة آل عمران والله من وراء القصد