شبكة البيضاء الاخبارية / مقال للشيخ عبدالله النهيدي الفساد وما أدراك ما الفساد هو شئٌ لا يحبه الله { وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }القصص77 , ولا يصلح عمل اصحابه {... إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ }يونس81 ,وينهي عنه أشد النهي , {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ }الشعراء183 ومن الناس من طبعه ألإكثار منه {فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ }الفجر12 والهدف من الحياة عنده هو الفساد {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ }البقرة205 وبسببهم ظهر وكثر {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ .... }الروم41 ولكن عاقبتهم وخيمة وسيئة { فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ }الأعراف103 والمعركة مع المفسدين جهاد مقدس نستمد العون من ربنا عليهم {قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ }العنكبوت30 فلماذا نراه فاشياً بيننا وكأن ألأمر يفهم بعكس المراد منه , هل لأننا لا نؤمن بهذه النصوص , أم أننا من الذين قالوا سمعنا وعصينا , فسدت المعاملة بين الناس , حتى أن منا من يتردد في شراء أبسط حاجاته , لئلا تكون مغشوشة , أو أن البائع خدعه في الثمن . فسدت ألأخلاق , حتى لتسمع وترى , من الكلمات , والمناظر ما تسأل عنه نفسك هل نحن في بلاد المسلمين . فسدت الطباع وألأذواق , وتأمل شاباً , يغير كل شهرين من قصات شعره وتقليعاته , بما يجعلك تقول الحمدلله على نعمة العقل والإيمان , من يرضى أن يُرى بهذه الصورة الشوهاء , وهذا المنظر النشاز , تقليداً لكل سافل وشاذ , ولو درى هؤلاء أن من قلدوهم لا يعدون في مجتمعاتهم سوى أراذل وحقراء ,وإلا فلماذا لا نرى هذه الموضات على زعمائهم , ومفكريهم , ولا علمائهم ورجال ألأعمال , وقد كان أنشتاين لا يمشط شعره البته . فسد القضاء , نعم فسد القضاء , ولا خير فيمن لا يقولها ولا خير فيمن لا يسمعها , ومن قال لك ما الدليل على فساده , فأعلم أنه لا يعيش في اليمن , أو أسأله (ألأخ يمني) . الفساد ألإداري والمالي , قاصمة الظهر , وطريق الفقر , وعنوان التخلف , وهذا مرض الدول الفقيرة لا يشاركها فيه أحد , وقالوا أن اليمن أحترق حينما أقراء عن الدراسات العالمية والعربية , وأبحث عن اليمن في الجداول , وبطبيعة الحال فإن عيني تسبق فكري إلى السطر ألأخير وكأن اليمن أخذت من حرف الياء موقعاً ثابتاً أبجدياً ودراسياً . لقد أنتشرت رائحة الفساد في كل مرفق ومكان , وأنتشرت في كل مدينة وحي , فلم تعد تستطيع أن تميز بين عفن رائحة الفساد وعفن القمائم لأن كل منهما لا يخلو منه مكان. اذا سمعت أن مقاولاً حصل على ربح خمسة أضعاف تكلفة المشروع , فلا تستغرب . واذا سمعت أن مسؤلاً توظف فغني مباشرة فلا تستغرب . اذا سمعت أن ضابطاً غير الشارع أو باعه أو بنى فيه بيتاً , فلا تستغرب . اذا سمعت أن مشروعاً نفذ على نفقة الدولة , ثم نفذ على نفقة الدولة , ثم نفذ على نفقة الدولة , ثم زارته منظمة دولية تتفقد سير العمل فيه لأنه على نفقتها , ثم أفتتح على نفقة المحسن الكبير , فلا تستغرب , اذا سمعت أن ابن المدير عين مديرا مكان أبيه , وقائد المعسكر أوصى به لأبنه , وإن ابن القاضي أصبح قاضياً , وابن الصحفي صحفياً , وربما صار ابن الرئس أيضاً رئساً , فلا تستغرب , وأذا سمعت , ورأيت ,وسألت , وأشتكيت , وتوجعت , ومرضت , وقد ربما تموت بسبب ذلك , فلا تستغرب , فأنت في اليمن . وهذا هو الفساد . بقلم عبدالله بن محمد النهيدي