النقص أصبح سمة البعض ممن يتوهمون أنهم يستطيعون ان يوقفوا مسيرة التطور في هذا البلد وتماديهم في النقص قادهم الى حد الكمال فيه , فهم اليوم كاملون في النقص نظير ما يقترفونه بحق وطنهم وأمتهم , ولان الوطن كلٌ لا يتجزأ ولان حبه أيضا جزءٌ واحد فقد طفا على السطح قلة لا يعرفون من حبه إلا بمقدار ما سيستفيدون فحسب , نسوا أو تناسوا بأن الوطن ليس سلعة تباع وتشترى ولكنه حب وقر في القلب فصدقته الأعضاء بالعمل على النهوض به وتعميره وتشييده . كرة القدم اليمنية على مفترق طرق بغية الوصول للتطور المنشود ولعل الأشهر القادمة كفيلة بان توضح مدى قدرتنا على ولوج إحدى أهم طرق التطور , فعربة كرتنا اليمنية تسير على قضبان بطولة الخليج العربي في دورتها العشرين , ومحطة الوصول هي اليمن السعيد عبر بوابتي عدن وأبين , وبما أن العربة بدأت تسير فعلا وأقلعت من محطتها الأولى والمتمثلة في إقرار أصحاب السمو والشيوخ والسعادة رؤساء اتحادات كرة القدم المشاركة في كأس الخليج في اجتماعه الذي عقد في صنعاء بتاريخ 25 ديسمبر 2009م ، قراراً نهائياً باستضافة اليمن للبطولة خلال الفترة 22 نوفمبر 4 ديسمبر 2010م. من المؤلم ان يجتمع هؤلاء ويقروا منح بلادنا شرف التنظيم في حين ان يوجد بيننا من يتنكر لوطنه , من ينكر قدرتها على حسن استقبال الضيوف وإكرامهم مع معرفته الحقة في قرارة نفسه ان اليمن موطن العرب الأول , بلد الكرام الذين لا يجودون بأموالهم فحسب بل بأنفسهم وبكل غالي ونفيس . ان ما يحدث اليوم من هرج ومرج القصد منه لفت انتباه الآخرين الى أننا عاجزين عن القيام بأي شيء من قبل البعض من لم يحلوا لهم ان نحتضن الأشقاء في بلدنا ان نجمعهم بيننا ان يراهم ونحن لخمة واحدة على كلمة سواء , لو يدر أولائك النفر انه ومنذ انطلاق بطولات الخليج في عام 70 أصبح تداول التنظيم مشروعا للجميع , وبما ان بلادنا أضحت ضمن الدول المشاركة بدورات الخليج فمن حقها ان تأخذ نصيبها في استقبال الأشقاء بهذا الحدث الإقليمي الهام الذي غدا يشاهده الملايين من عشاق الكرة ليس على مستوى المنطقة فقط بل على جميع المستويات ليس فقط بمنطقة الجزيرة والخليج العربي , نظرا لما أفرزته هذه البطولة من تطور ملحوظ طرأ على دولها , ناهيك عن التحسن في المردود الفني والذي قاد نصف دوله لنهائيات كأس العالم ( العراق – الكويت – السعودية – الإمارات ) كما صعدت بقية دوله لمنصات التتويج في بطولات عدة . إذا فبطولات الخليج طورت وحسنت مستويات المنتخبات مما جعلها تتبوأ مكانة عالية على كافة الأصعدة , فغدا يحسب ألف حساب لها , هذا من الناحية الفنية وهو ما تسعى إليه بلادنا والت تأمل من خلال الاشتراك بدورات الخليج للوصول الى ما وصلت إليه نظراؤها الخليجيون , وهو ليس بالأمر المستحيل أو صعب المنال , وليس ضربا من الخيال ان نكون كذلك طالما امتلكنا العزيمة وتسلحنا بالإصرار وتحلينا بالصبر وانتهجنا السبل والطرق الفنية المؤدية الى ذلك , ولنا في معظم دول البطولة خير مثال فهم جميعا لم يأتوا للبطولة جاهزين تماما , بل كانت مستوياتهم الفنية والإدارية التحكيمية والبنى التحتية في أدنى مستوياتها , ورويداً رويداً تطورت الدول مع تطور البطولة , ومن خلال اشتداد منافساتها علا كعب منتخباتها ولم يعد هناك صغيرٌ فيها , فعلى سبيل المثال المنتخب العماني والذي كان في مؤخرة الصف الخليجي كرويا أصبح اليوم في الصدارة بل وحقق اللقب , الفارق الفني بين المنتخبات قد تلاشى بتعدد البطولات ولم يعد يذكر فالكل أضحى سواسية والكل يحسب للكل ألف حساب . من هذا المنطلق نقول للمتشائمين دعوا تشاؤمكم فنحن وان بدأنا في المشاركات الأولى قطار عبور للمنتخبات الأخرى , وهذا الفارق الذي بيننا وبينهم والذي لن يزول إلا بتعدد المشاركات في البطولة والاحتكاك المتتالي مع منتخباتها , ولا أبالغ ان قلنا أننا أحسن حالا من كثير ممن شاركوا بالبطولة , فعمان والإمارات لم ينالوا أول نقطة إلا بعد مشاركات كثيرة , أما نحن فقد حققنا نقطتين في البطولتين الأولى لنا بالكويتوالإمارات , ولهذا نقول لهؤلاء الذين يقزمون منتخبنا حرام عليكم لا تظلموا بلدنا ولا شبابنا . بالمقابل لم يكن التطور الفني هو فقط ما تحصلت عليه دول مجلس التعاون الخليجي , بل الأهم من ذلك هو إيجاد البنية التحتية الرياضية والتي كانت قبل انطلاق البطولة قليلة أو منعدمة , فأصبحت اليوم مليئة بالملاعب والتي هي الان درة الملاعب كملعب الملك فهد بالرياض , إضافة للمنشئات الشبابية الأشبه بالفنادق ذات الخمسة نجوم , ومن بطولة لأخرى اتسعت رقعة تلك المنشئات الرياضية حتى فاقت من حيث الكم والكيف ما يوجد في البلدان الأخرى الأكثر تقدما على المستوى الرياضي , واكبر برهان على ذلك ما وصلت إليه دولة قطر والتي تنافس الان على شرف استضافة كاس العالم لكرة القدم , ولم ينعكس ذلك فقط على كرة القدم بل أصبحت دول المجلس محط أنظار العالم نظرا للبطولات العالمية التي تستضيفها . علينا ان نصل قناعة تامة بان استضافة بلادنا لخليجي عشرين ستكون البوابة الرئيسية لان نطرق أبواب التطور , دعونا نخوض التجربة طالما والأشقاء موافقين وداعمين ومساندين , وطالما وان الدولة بدءا برئيس الجمهورية حفظه الله ومرورا بمجلس الوزراء واللجنة الإشرافية برئاسة الدكتور رشاد العليمي , وما سخرته الدولة لما يربوا على مليار دولار لاحتضان هذا الحدث المهم يؤكد استشعار المسؤولية كون الحدث ليس كرويا فقط , بل يتعدى ذلك الى الجوانب الاقتصادية والسياحية ومن خلال نجاحنا فيه سنحصل أولا على بنية تحتية جاهزة لان تستضيف بطولة قارية قادمة , كما سيتحسن المستوى الفني لمنتخبنا , أما في الجانب السياحي والذي ينعكس بدوره على الشق الاقتصادي فستكون عدن وأبين ولحج محط توافد العديد من الوفود من دول المجلس وخارجها وهو ما سيعد تسويقا سياحيا غير مسبوق وتعريفا لليمن على كافة الأصعدة . أليس إقامة البطولة في اليمن مكسب لها ولشبابها على مستويات عدة ذكرنا بعضها أنفا , ورغم ذلك يطل علينا من ملئ الحقد قلبه وغطت الغشاوة عينيه من تنكر لوطنه وفضل مصلحته الضيقة ومصلحة من يوسوسون له , فيقف ضد بلده متظاهرا انه يشفق عليها من إخفاق قادم ولا يعي مثل هؤلاء ان الخسارة الحقيقية ان يدعوا أنهم أبناء وطن يبيعون بثمن بخس فيؤكدون للكل أنهم ليسوا ناقصين فحسب بل هم الكاملون في النقص . محمد حسين النظاري باحث دكتوراه بجامعة الجزائر [email protected]