خريطة الطريق بين التلفيق والتطويق اثبتت الاحداث والوقائع التي واكبت الصراع العربي الاسرائيلي انه صراع لاتصلح اي حالة من النزاعات للمقارنة به فهو صراع تاريخي مفتوح على الوجود تجاوزت فيه الحروب خرائط الجغرافيا والسياسةالى بعد جذري شديد الصلابةينطوي على خلاف حادحول القيم والمفاهيم والنظرة للحياة وهنا تخرج الارض من اعتبارات الجفرافيا التقليدية لتصبح فضاء حياة يعني التخلي عنه خسارة الحياة نفسها لانه فضاء مكرس يقدسية الرموز التي اذ ما اصطدمت بها أي تسوية مفروضة تحطمت من اساسها وعلى هذه القاعدة نفهم لماذا كانت ولا تزال تشكل مسألة القدس عقدة جوهرية على كافة مسارات التسوية فلا السلطة الفلسطينية الرهينة للاحتلال وعرب التسوية والاعتدال قادرة على التخلي عن القد س عاصمة لفلسطين ولا نتنياهو ولا أي حكومة اسرائلية اخرى قادرة على الاقرار امام اليهود بان القدس ليست عاصمة لدولة اسرائيل المزعومة ومن ضمن هذا المنظورلا نرى ان باستطاعة خريطة او خارطة الطريق التي ابتكرها وروج لها العم سام الاشقر الهمام ان تختم مسيرة الصراع العربي الاسرائيلي بل ربما ستكون فاتحة تزيد من حدة النزاعات الدموية وهوما قد حصل فعلا لتكثف من المفاوضات التي قد تستمر طيلة هذا القرن وقد يحاول البعض من قادة واركان البيت(الابيض) الامريكي ومن يخضع لهم من عرب التسوية والانخذال ربط نهاية الصراع بتقديم خريطة الطريق على انها المسار الاقصر الى دويلة فلسطينيةلكنه ليست الامرحلة اوليةفي سباق الصراع الوجودي_الدموي المفتوح لكن اهميتها بالوقت الراهن كونها نموذج للتفكير السياسي للادارة السياسية في لحظة انعطافية دولية – انها شكل من اشكال(البروفات)المعدة مسبقالبلادنا العربية وخطورتها انها تمهد وتحث على البيت الفلسطيني الهش وما يشبهه من بيوت عربيةمماثلة آيلة للسقوط بسبب فقدان الديموقراطية التعبرية والحرية والمساواة بين ابناء هذه البيوت المتداعية ان المنحى العقائدي البارزفي السياسة الامريكانية الذي غالبا ما يهمله الدارسون العرب الذين يكتفون فقط بربط كل ما يجري امريكانيا حيال بلادنا برباط حاجتها الى الهيمنة على منابع النفط وبعض المفاصل الاستراتجية الاخرى متجاهلين البعد الايديولوجي الذي يحكم منذ سنوات الادارة السياسية والعسكرية الامريكانية لقيام الشرق الاوسط الجديد بقيادة الكيان الاسرائيلي والذي اسقطته مؤقتا الانتصارات التي حققتها المقاومة فيي لبنانوفلسطين والعراق ولاحقا افغانستان وربما اليمن والصومال والسودان وهكذا ستتحول خريطة الطريق من خريطة امنية اسرائلية الى خريطة لتنظيم واقع سكاني فلسطيني خارج محوره الوطني والقومي بما يمعن في تقويض تاريخنا وهويتنا وثقافتنا لتكتمل حلقات الشطب والالغاء مع خطاب سدنة البيت(الابيض) الذين كانوا اكثر افصاحاعندما دعوا الى دولة حيوية لليهود يشطب منها اكثر من خمسة ملايين فلسطيني بالشتات وتقوض مواطنية مليون ونصف فلسطيني في الارض المحتله العام 1948وخطورة هذا الطرح الامريكي الخبيث انه يشرع لقيام دولة دينيةعنصرية اوتوقراطية اغتصابية في العالم العربي تستمد عناصرها اللاهوتية من الاساطير التلمودية والتوراتية التي انتصرت في الثقافة السياسية والدينية الامريكانية وسيتأتى عن ذلك تعزيز الاصوليات في بلادنا لتتحول شعوبنا الى قطعان بشرية في طوائف متناحرة واثنيات متقاتله ومن هذا نستدل ان الطرح الامريكي للديموقراطية والعدالة والحرية ما هو الاكلمات جوفاء لحق يراد به باطل وهذا ما اصاب اجزاء من بلادنا في السابق كان يقال ان اسرائيل هي احدى الولايات الامريكانية لكننا نراها خلال هذه السنوات الاكثر تمايزا من كافة الولايات الاخرى والمفارقة هنا ليست شريكة فعلية في الهم الامريكي بينما الهم الاسرائيلي هو هم امريكي بامتياز وهكذا لم يعد ينطبق على الولاياتالمتحدة الامريكانية لا دور الراعي للسلام ولا دور القوة العظمى القادرة علىتسوية المنازعات الاقليمية بحياد ومسؤلية انسانية وحقوقية لهذا نراها منصاعة تماما للمشيئة الصهيونية الاسرائلية بكل الطروحات التي تنطلق من القرارات الدولية التي جوهرهاالارض مقابل السلام وهي مقولة عربية بالاساس جاءت في ليلة ليلاء من كوابيس الاحلام والاوهام ومن هذا لاتبدوخريطة الطريق حلا للنزاع بين محتل ورافض للاحتلال بل مجرد مسار امني في المرحلة الاولى يؤدي الى استئصال المقاومة والى تجميع الفلسطينيين المشردين في المخيمات في دويلة او كانتون ملامحها اقرب الى المخيم الكبير المحاط بجدار عنصري يرمي الى تقطيع ما تبقى من اوصال بين بيوت فلسطيني الضفة والقطاع واراضيهم الزراعية كما هو الحال الآن ومن هذا الواقع المزري فان خريطة الطريق تشكل تراجعا كبيرا عن مجمل المفاوضات التي انطلقت بعد مؤتمر مدريد تلك المفاوضات التي كانت تنطوي على تنازل حاسم عن مبدأ الحقوق الفلسطينية لقاء تنازل اسرائيلي شكلي عن مستعمرات استيطانية غير شرعية كان مفترض نزعهاانطلاقا من مبدأ تطبيق القانون الاسرائيلي نفسه ناهيك عن التخلي بعودة اللاجئين والقدس وانجاز الاستقلال والسيادة - انه بحق خريطة توراتية بامتياز قام بصياغتها الحاخامات الجدد في البيت الابيض( المقدس) ولكي تبقى مسألة تماسك وحدة البيت الفلسطيني مسألة استراتجية اساسية لان الهدف من خارطة الطريق بنظر الاسرائليين هو ابتزاز وارباك الوحدة الفسطينية المفترضة التي لا تزال مشلولة في مهب المنازعات تمهيدا لتقاتل الفلسطينيين بعضهم بعضا كما هو حاصل اليوم ان اكثرما يجب التنبه له ليس من خطر تطبيق خريطة الطريق او رفضها بل الخطر كل الخطر في استخدامها لفرز فلسطيني فلسطيني خصوصا في غياب استرتجية فلسطينية واحدة للتفاوض وفي غياب استراتجية واحدة للمقاومة المنظمة المحترفة والمجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال الاسرائيلي هو مجتمع مقاوم وهو احوج ما يكون لحوار عميق وحقيقي بعيدا عن الضغوطات العربيةوالاجنبية المتجلية لكن شرط ان ينطلق الحوار من مقولة ان المقاومة كانت ولا تزال تحقق انجازات كبيرةوان شعبنا الفلسطيني غير مهزوم كما يروج دعاة واقعية المفاوضات وايضا ان من شروط نجاحه ان لايتم التعاطي معه بضرب المبدأ بالواقع السياسي المعاش خوفا من ضياع المسألة في هذه اللحظة الحرجة بين مبدئية غيبية وعقلية خانعة واستسلامية للوصول الى صياغة فلسطينية واحدة قد تؤدي الى قيام استراتجية واحدة للمقاومة كما يجب ان ياخذ هذا الحوار المبتور القائم تحت سقف الوعد والوعيد شكل المؤسسات ليتم الاستفادة من البنية الديموقراطية على تواضعها بالتحصن بموقف قادر على الخلاص من نقاط الضعف الفلسطينية لصيانة الوحدة الفلسطينية الوطنية المطلوبة وعلى قاعدة التجارب والمعايشات والوقائع نجزم ان الضغط على اسرائيل امر غير وارد في حسابات اميركا الاستراتجية في ظل التراجع العربي المهين كما ان امكانية تعديل هذا الموقف الاميركي اصبح من قبيل المستحيل بسبب الافتقار الى وجود وزن عربي قادر على موازنة الثقل الاسرائيلي في الادارة الاميركية حيث راينا مشاركة بعض الدول العربية المطبعة والمطيعة للصهاينة والاميركان قد تنازلوا ومن خلال مشاركتهم بالقمم مع اعداء بلادهم عن المبادرة السعودية نفسها التي امست استراتجية عربية في قمة بيروت بالرغم كونها قد جاءت تتناول الحد الادنى من المطالب العربية كما ان الانصياع الدرما تيكي المذل لخريطةالطريق مما دفع ولا يزال يدفع الادارة بالادارات الامريكانية المتعاقبة اكثر فاكثر ان تتمسك بالمبدأ القائل ان الضغط يجب ان يتنامى على الفريق الاضعف وهي معادلة استراتجية لاميركا ومن هنا نرى في خريطة الطريق محاولةجدية لتقويض مبدأ المقاومةليس في فلسطين فحسب بل في لبنان والعراق وكافة الشعوب العربية والاسلامية لان الاداراةالاميركية ترى عمليا ان طبيعة هذه الاحداث الجديدة التي تفرضها على الواقع العربي حتما ستؤدي الى بزوغ مقاومات في اتجاه ضرب النموذج الساطع لاحتمال قيام ظاهرة المقاومةالعربية والتي في حال ولادتها ستجد التفافا شعبيا كبيرا بمثابة استفتاء ديموقراطي على خيار العرب وهذه المعادلة هي الاكثر احراجا للسياسة الامريكانية الاستعمارية الجديدة وكل ذلك من اجل عيني اسرائيل المكحلتين بدم السيد المسيح ودماء اطفال ونساء وشيوخ فلسطينولبنان والله المستعان فيصل حامد كاتب وناقد صحفي سوري )مقيم ( بالكويت