اتهم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه قطر بالوقوف وراء ما سماها الحملة التي تقودها قناة الجزيرة ضد السلطة الفلسطينية في محاولة لتشويه صورتها أمام الرأي العام، ودعا لتشكيل لجنة مستقلة للتحقق من صحة الوثائق التي عرضتها الجزيرة. وقال عبد ربه في مؤتمر صحفي في رام الله تعليقا على الوثائق السرية التي بدات الجزيرة في نشرها أمس الأحد، إن قناة الجزيرة لا يمكنها أن تشن مثل هذه الحملة لتشويه سمعة السلطة الفلسطينية دون ضوء أخضر من القيادة السياسية في قطر، وأعرب عن شكره لأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على هذه الشفافية في كشف الحقيقة وطالبه بالمقابل أن يكشف للرأي العام دور القاعدة الأميركية في قطر في التجسس على الدول المجاورة وعلى الشعوب العربية، وأن يكشف أيضا علاقة قطر مع إسرائيل ودورها في دعم ما سماها قوى طائفية وبعضها يلعب دورا في تقسيم بلده والإساءة إلى الروح الوطنية فيه. وأكد عبد ربه أن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية كانت أكثر المفاوضات شفافية من بين الأعمال السياسية التي جرت في المنطقة في التاريخ المعاصر. وأشار إلى أنه لم تحدث أي واقعة صغيرة أو كبيرة خلال المفاوضات إلا وتم التحدث عنها أمام الرأي العام، لافتا بهذا الصدد إلى أن سير المفاوضات في كامب ديفد كان مكشوفا للجميع ويخضع للنقاش العلني. وشدد على أنه لن يناقش صحة أو عدم صحة الوثائق التي نشرتها الجزيرة، بل يدعو مؤسسات الأبحاث الفلسطينية المستقلة للمبادرة بتشكيل لجنة لدراسة هذه الوثائق وتدقيقها وإعلان النتائج أمام الرأي العام. وقال عبد ربه إن على اللجنة المشكلة أن تدرس مدى ما أوغلت فيه الجزيرة من اقتطاع مواقف خارج سياقها وخارج زمنها، وأخذ أقوال رويت على سبيل السخرية أو على سبيل التحدي واعتبارها مواقف رسمية فلسطينية، فضلا عن اقتطاع مواقف إسرائيلية ونسبتها للجانب الفلسطيني. كما دعا عبد ربه اللجنة المشكلة إلى دراسة ما إذا كانت الجزيرة قدمت الوثائق بشكل مهني أم لعبت دورا سياسيا بناء على موقف مسبق لتشويه الموقف الوطني الفلسطيني، لافتا إلى أن الحملة التي بادرت إليها الجزيرة جرى إعدادها بشكل متكتم وسري وغير مهني منذ نحو شهرين دون أن تتصل بالسلطة لمنحها الفرصة لبيان رأيها في القضية. حملة متعمدة وأشار إلى أن ما تفعله الجزيرة اليوم هو محاولة لتشويه سمعة القيادة الفلسطينية في حملة متزامنة مع حملة أخرى تنفذها إسرائيل ومن يتحالف معها تستهدف القول إن الرئيس محمود عباس ليس شريكا وإن السلطة تمادت بسياستها وهناك من يبشر مثل وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان بأن السلطة مقبلة على الانهيار. وأكد عبد ربه أن الخطوات التي اتخذتها السلطة أخيرا هي السبب وراء استهدافها والهجوم عليها، مشيرا إلى أن إسرائيل تتوعد السلطة بسبب رفضها العودة للمفاوضات في ظل الاستيطان وسعيها لإدخال المجتمع الدولي وكذلك أوروبا وأميركا اللاتينية وحتى ممثلي الجاليات اليهودية في العالم والرأي العام الإسرائيلي كأطراف فاعلة في القضية الفلسطينة. ولفت إلى أن حملة الجزيرة تذكر بحملة مماثلة على الرئيس الراحل ياسر عرفات قبل كامب ديفد وبعدها وحتى استشهاده بهدف التشكيك بوطنيته وبمواقفه وإيصاله لأقصى درجات الضعف كي ينهار أمام الضربات الإسرائيلية، مشيرا إلى أنها تفعل الشيء نفسه الآن مع الرئيس عباس. وعن محتويات الوثائق التي نشرتها الجزيرة قال عبد ربه إن ما قيل في الوثائق عن موافقة فلسطينية لتبادل الأراضي مع إسرائيل وفق نسبة غير متكافئة بلغت 1 إلى 50 أمر غير صحيح وغير منطقي، مشيرا إلى أن كلام رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات خلال الجلسات تم تأويله في مواضع عدة على غير سياق الحديث. أما فيما يتعلق بالحفر تحت الحرم القدسي –أضاف عبد ربه- فإن رفض هذا الحفر أخرج من سياقه وحول إلى ما معناه أن السلطة تتخلى عن الحرم. وأشار عبد ربه إلى أن الخرائط التي عرضتها الجزيرة نشرت عدة مرات في الصحافة المحلية وقدمت لأطراف عربية ووزعت في اجتماعات عربية، لافتا إلى أن السلطة تعمدت في الخرائط توسيع مساحة غزة لهدف إستراتيجي لأن القطاع سينفجر بسبب الكثافة السكانية. وأكد أن ما عرضته السلطة من تبادل لأراض في مناطق معينة لا تزيد عن 2% وهي رفضت ولا زالت أي تبادل لسكان أو أراض، مشددا على أن القدس الشرقية لم يقدم شيء بالنسبة لها أكثر مما أكده الرئيس عباس بأنها للجانب الفلسطيني بحدود عام 1967، واصفا الحديث عن المستوطنات كما نشرته الجزيرة بأنه مجرد لهو لا أكثر. وخلص عبد ربه إلى أن ما تعرضه الجزيرة هو خداع للرأي العام العربي، مشيرا إلى أنها تسعى لتقليد موقع ويكيليكس، وقد حاول مسؤولو الشبكة شراء هذا الموقع واحتكاره ودفعوا ثمنا باهظا لذلك لكن الصفقة فشلت، لافتا إلى أن ويكليكس تعرض الوثائق كما هي بعكس الجزيرة. ومن جهة اخرى قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها ستمضي قدما في جهودها لتسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، وذلك في أول رد فعل أميركي على الوثائق السرية التي بدأت الجزيرة الأحد في نشرها والمتعلقة بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. وكتب المتحدث باسم الوزارة فيليب كراولي على موقع تويتر قائلا إن الولاياتالمتحدة تدرس ما وصفها بالوثائق المفترضة التي نشرتها الجزيرة والتي لا يمكن التحقق من صحتها، مشيرا إلى أن بلاده ستبقى تركز على حل الدولتين وستواصل العمل مع الأطراف المعنية لتضييق الخلافات بشأن القضايا الرئيسية. الرد الإسرائيلي أما إسرائيليا فقد نقل مراسل الجزيرة في القدس إلياس كرام عن مكتب رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت التي جرت في عهده المفاوضات قوله إن الوثائق التي نشرتها الجزيرة فيها الكثير من المغالطات والأمور غير الصحيحة، فيما رفض ديوان وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني التعقيب على نشر الوثائق بذريعة المحافظة على سرية المفاوضات والمحافظة على ما سماها المصالح الإسرائيلية. وأشار المراسل إلى أن الصحف الإسرائيلية تناولت باهتمام كبير ما نشرته الجزيرة، وأفردت مواقعها على الإنترنت مساحات واسعة لما بث أمس من وثائق، كما تساءلت عن مصدر هذه الوثائق وكيفية وصولها للجزيرة. كما أشار إلى أن التلفزة الإسرائيلية استضافت العديد من الشخصيات الإسرائيلية من بينها دوري غولد المستشار السياسي لرئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون الذي قال إن المعلومات التي نشرتها الجزيرة حتى لو كانت صحيحة لا تفاجئه لأن القيادة الفلسطينية تتمتع بحسن النوايا وكانت أبدت استعداها لإنهاء الصراع، مشيرا إلى أنه ينظر إلى الوثائق بكثير من المصداقية والجدية. ويقول غولد إن سقوط حكومة أولمرت هو الذي ربما حال دون تنفيذ هذه المقترحات التي قال إنها تقدم تنازلات كبيرة ومحاولة من الجانب الفلسطيني للتوصل إلى تسوية للصراع. موقف السلطة أكد الرئيس محمود عباس أن السلطة الفلسطينية تطلع القادة العرب أولا بأول على تفاصيل ما يجري في المفاوضات مع إسرائيل والولاياتالمتحدة. وقال عباس فى لقاء مع رؤساء تحرير الصحف المصرية إنه يتم إطلاع تلك الأطراف سواء عبر اللقاءات المباشرة أو عبر الأمين العام لجامعة الدول العربية. وأضاف أنه أكد في أكثر من مرة على أن ما سيختاره القادة العرب سيوضع موضع التطبيق. واعتبر كبير المفاوضين الفلسطينيين أثناء محادثات عام 2008 أحمد قريع في تصريح لوكالة أسوشيتد برس أن العديد من أجزاء الوثائق التي نشرتها الجزيرة مفبركة، ووصفها بأنها جزء من التحريض ضد السلطة الفلسطينية والقيادة الفلسطينية. ونفى قريع تقديم أي عرض بشأن المستوطنات اليهودية في القدس الشرقية، وقال إن إسرائيل رفضت مناقشة القضية. أما رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات فاعتبر أن جزءا كبيرا مما ورد في الوثائق مجرد أكاذيب لا صحة لها، مشددا على أن السلطة الفلسطينية ليس لديها ما تخفيه. وقال عريقات للجزيرة إن مبدأ تبادل الأراضي بين إسرائيل والفلسطينيين تم طرحه خلال مفاوضات كامب ديفد من قبل وهو ليس جديدا. اجتماع فتح وعقدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) اجتماعا طارئاً في مدينة رام الله، استمر لساعات طويلة منذ الليلة الماضية وحتى ساعات فجر اليوم، تخلله اتصالات هاتفية مع الأذرع الإعلامية للحركة للتباحث في سبل الرد على ما أوردته قناة "الجزيرة" من وثائق رسمية تحمل أختام دائرة المفاوضات في السلطة الفلسطينية وتُظهر حجم "التنازلات" التي قدمتها السلطة للجانب الإسرائيلي دون الحصول على مقابل. وقالت مصادر في الحركة فضلت عدم الكشف عن هويتها لوكالة "قدس برس" إن الاجتماع عُقد على أعلى المستويات، لا سيما في ظل حالة الإرباك التي ظهر فيها عريقات عندما كان يرد على هذه الوثائق عبر قناة "الجزيرة" نفسها، حيث ظهر على غير عادته بصورة متوترة، والمعروف عنه مهارته في الدفاع عن نهج السلطة التفاوضي. وأضافت المصادر أن من بين الخطوات التي ستنتهجها حركة فتح والسلطة هو "التشكيك" في جزء كبير من هذه الوثائق، لا سيما تلك التي تدين السلطة، وتوضيح الجزء الآخر، مع الأخذ بالاعتبار تحميل الدول العربية المسؤولية عن بعض هذه الوثائق، على اعتبار أنها كانت على علم بها. وتقرر خلال اجتماعات "فتح" التي ضمت الناطقين الإعلاميين باسمها، شن هجوم على قناة "الجزيرة" يستهدف التشكيك بنواياها في بث هذه الوثائق، والتركيز على أن توقيت بثها كان مقصوداً من أجل النيل من المفاوض الفلسطيني الذي يستعد للدخول في معركة ملف الاستيطان في الأممالمتحدة. وكشفت الوثائق التي حصلت عليها الجزيرة أن فريق المفاوضات الفلسطيني عرض على الإسرائيليين تنازلات كبيرة تتعلق بالبلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة وذلك بمعزل عن أي نقاش إزاء الوضع النهائي للحرم الشريف. فقد تحدث المفاوض الفلسطيني صراحة عن التخلي عن الحي اليهودي وجزء من الحي الأرمني وألمح إلى إمكانية المساومة في منطقة حي الشيخ جراح، كما عبر الفلسطينيون عن قبولهم فكرة تبادل الأراضي مع إسرائيل وفق نسبة غير متكافئة بلغت 1 إلى 50. وقد بدأت الجزيرة في نشر أكثر من 1600 وثيقة سرية (تنشر تباعا لمدة اربعة أيام) تتعلق بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وواكبها موقع الجزيرة نت في نشر هذه الوثائق. وأطلقت شبكة الجزيرة موقعا إلكترونيا خاصا ابتداء من الساعة 23.00 مساء أمس الأحد بتوقيت مكةالمكرمة يتضمن هذه الوثائق.