يدخل تمرد أقارب المخلوع علي صالح أسبوعه الثالث غداً، لكنه لن ينجح في مسعاه أمام الدعم الشعبي والاقليمي والدولي لقرارات الرئيس هادي. مصادر لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الامن والاستقرار التي تشكلت بموجب المب ادرة الخليجية هددت باستخدام القوة والعقوبات الدولية ضد المتمردين ومن يدعمهم، معتبرة استمرار أطراف التمرد في تصعيدها العسكري تهديداً لأمن واستقرار اليمن والمحيط الإقليمي والدولي. ملف التمرد سيكون موضوعا لمناقشات مجلس الامن الدولي خلال الشهر الجاري. ولهذا عاد المبعوث الأممي جمال بن عمر إلى صنعاء بطلب من الدول الراعية للمبادرة الخليجية.
منذ السادس من أبريل الجاري يرفض أقارب المخلوع الانصياع للشرعية الشعبية والدستورية ممثلة بقرارات الرئيس هادي تدوير المناصب داخل المؤسسة العسكرية ولم يتمكن القائد الجديد للقوات الجوية راشد الجند تسلم مهام منصبه من القائد السابق محمد صالح الأحمر (الأخ غير الشقيق للمخلوع) الذي منع أعضاء في لجنة الشؤون العسكرية من دخول مقر قيادة القوات الجوية. كما رفض طارق محمد عبدالله صالح تسليم قيادة اللواء الثالث حرس جمهوري (مشاة جبلي) إلى ال قائد الجديد محمد الحليلي.. في حين رفض العميد عبدربّه معياد، وهو من اقارب صالح، قرار نقله من قيادة الحرس الرئاسي الى اللواء 63 حرس جمهوري في مديرية ارحب. في هذا السياق تمرد أيضاً القائد السابق للواء الشرطة الجوية عبدالرحمن الكبسي على قرار وزير الدفاع الخميس الفائت بتعيين مجاهد الشدادي قائداً جديداً بعد أن ثبت تورط القائد السابق في دعم المتمرد محمد صالح الأحمر، واغلاق مطار صنعاء أمام الملاحة الدولية. يرابط لواء الشرطة الجوية حول مطار صنعاء الدولي وعمد القائد السابق «الكبسي» إلى نشر قوات من الدبابات والمدفعية والأطقم العسكرية حول المطار رفضاً لتسليم موقعه. اللافت هنا أن طارق (ابن الأخ الشقيق للمخلوع) ليس معيناً في المنصب الحالي بقرار رئاسي إنما بإرادة شخصية من قائد الحرس الجمهوري أحمد علي عبدالله صالح ما يعد تمرداً سابقاً على الرئيس ووزير الدفاع.وفي وقت لاحق اق تحمت قوات الحرس قاعدة طارق الجوية في تعز المؤيدة لقرارات الرئيس هادي.. أعلنت القواعد الجوية في المحافظات، وكذا قوات الدفاع الجوي، تأييدها للرئيس، ووجه وزير الدفاع بإسقاط أي طائرة عسكرية حلقت في الجو دون امره او أمر الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة. كان طارق يشغل قيادة الحرس الرئاسي الخاص وأراد المخلوع إبقاءه في العاصمة صنعاء حيث يتمركز اللواء الثالث حول دار الرئاسة وفي الجبال المطلة على العاصمة وهو لواء كما تقول المعلومات مجهز بأسلحة حديثة منها الدبابات والصواريخ. ولا معنى لذرائع الإعلام المقرب من المخلوع بأن تعيين طارق قرار داخلي يخص الحرس الجمهوري، لان تعيين قادة الالوية العسكرية اختصاص حصري لوزارة الدفاع ورئاسة الجمهورية. لم يستفد المتمردون من المهلة التي منحهم اياها الرئيس، ولا التهديد بتجريدهم من رتبهم العسكرية وإحالتهم إلى القضاء العسكري. وذكرت مصادر موثوقة ان المتمرد محمد صالح كان استجاب لمساعي اطراف محلية ودبلوماسية في صنعاء وغادر مكتب قيادة القوات الجوية، إلا ان المخلوع علي صالح عمل على إفشال المساعي وأعاد أخاه غير الشقيق الى التمرد، في تحدٍ سافر للشرعية وللرئيس هادي، ما دفع اللجنة العسكرية، وبالتنسيق مع سفراء الدول الراعية للمبادرة الخليجية، الى جعل كل الخيارات مفتوحة، بما في ذلك اللجوء الى القوة والعقوبات الدولية. وقال مستشار الامين العام للامم المتحدة امس إن «المجتمع الدولي كله يقف مع الرئيس هادي من أجل تنفيذ التسوية السياسية في اليمن وفقاً لما هو مرسوم في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والقرار 2014». وشدد جمال بن عمر خلال لقائه الرئيس هادي على أن تكون الاطراف اليمنية عوناً صادقاً للرئيس دون تسويف أو تلكؤ و«تنفيذ كل ما يصدر من قرارات وتوجيهات وخطوات تهدف إلى حلحلة الأزمة وخروج اليمن إلى بر الأمان». طبقا لوكالة سبأ. يحمل بن عمر تحذيراً دولياً لعلي صالح بفرض العقوبات الدولية ضده، وتوقعت مصادر مهتمة ان يلتقي بن عمر بنجل علي صالح الذي يقود الحرس الجمهوري والمتهم حالياً بتوفير غطاء لكل حركات التمرد التي يقودها المقربون من والده. ونقل موقع مارب برس عن مصدر في اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي توقعه أن يشمل فرض العقوبات الدولية تجميد الأرصدة المالية للقيادات سواء تلك التي في القوات المسلحة والأمن أو قيادات مؤتمريه تمارس التحريض السياسي لإعاقة تنفيذ المبادرة الخليجية. بالاضافة الى منعهم من السفر وتجميد ارصدتهم وإصدار مذكرات اعتقال بحقهم مما يعني صدور توجيهات رسمية من القائد الأعلى للقوات المسلحة في اليمن تقضى باعتقال أي متمرد بقوة السلاح. وقال: أي طرف سيدخل لمنع تلك التوجيهات سيكون طرفاً في التمرد ومخالفة التوجيهات العليا وقرارات مجلس الأمن. يرى المحللون السياسيون أن هذا التمرد ليس أكثر من محاولات لتحسين شروط الخروج من اللعبة السياسية، أما القوى العسكرية القديمة فلم تعد تمتلك عنصر الاستمرارية، وسوف يعرض علي صالح وأقاربه أنفسهم للعقوبات الدولية بعد أن خسروا كل ما بقي من أرصدتهم الشعبية في الداخل. يدلل المحللون على ذلك بنوعية الشروط المعلنة لإنهاء التمرد. وبحسب المعلومات المتداولة فإن المخلوع اشترط لرحيل أخيه غير الشقيق من قيادة القوات الجوية برحيل قائد الفرقة الأولى مدرع علي محسن الأحمر من منصبه ومن الوطن مع اثنين من أنجال الشيخ عبدالله حسين الأحمر، بعد أن كانت التصريحات السابقة المنسوبة إلى المقربين من المخلوع تشترط إقالة وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة للجيش. ولم يبق إلا اشتراط إقالة رئيس الجمهورية!!، وإن كان جاء بصورة ملتوية، عندما دعا الناطق باسم المؤتمر (عبده الجندي) في مقال صحفي إلى نزع صلاحيات الرئيس هادي الى مجلس رئاسي. الخميس الماضي هدد المخلوع بأن اليمن لن يشهد الاستقرار دون قيادات المؤتمر الذين قال انهم يقدمون التنازلات من أجل تجنيب اليمن المزيد من الصراعات في إشارة إلى مخاطر عزل أقاربه وأنصاره، في مطابقة مفضوحة تجعل المركز العائلي في القوات المسلحة والأمن هو حزب المؤتمر. لا يخجل الإعلام الداعم للفساد والاستبداد من القول إن قرارات الرئيس جاءت خصماً من مراكز قيادات المؤتمر وكوادره، رغم أن القانون يحظر الحزبية في صفوف الجيش والامن. كما تسعى تسويغاته الممجوجة الى تصوير المشهد الراهن وكأنه صراع بين المتخاصمين القدامى على النفوذ في السلطة، وهو مسعى لتهميش قضايا التغيير وعرقلة تنفيذ برنامج المرحلة الانتقالية. تكمن المشكلة في رغبة المخلوع الاستمرار في المشهد السياسي بالمخالفة لاتفاق نقل السلطة. هو لايخفي مناشطه التي تعد تدخلاً في شؤون الحكم، ومحاولة إضعاف سلطة الرئيس هادي وحكومة الوفاق. ولاحظ الاعلام الخليجي أن اذيال المخلوع في السلطة، أو معسكره السابق، يعملون على دعم تنظيم القاعدة لإضعاف السلطة الحاكمة. وقالت المعلومات إن تنظيم القاعدة تسلم صواريخ «استريلا» المضادة للطيران وهي صواريخ لا تملكها إلا القوات الجوية في حين دمر الطيران الأمريكي بعض السيارات التي كانت تقل هذه الأسلحة إلى «أنصار الشريعة» في منطقة الظليميين بمحافظة شبوة عندما كانت قادمة من صنعاء ضمن نهب مخازن القوات الجوية من قبل المتمرد الأحمر، وهو نهب ظل لعدة أيام وربما ما زال مستمراً. يربط المراقبون بين العمليات العسكرية لتنظيم القاعدة والتغييرات التي طالت أقارب المخلوع وأذياله على غرار الهجوم على القوات المسلحة في وادي دوفس أو حرب القاعدة للسيطرة على مديرية لودر في محافظة أبين، وبعد قرار الرئيس تعيين طارق محمد عبدالله صالح في قيادة اللواء 37 مدرع المرابط في منطقة «الخشعة» بمحافظة حضرموت جاءت عملية «الخشعة» في محافظة مارب من قبل تنظيم القاعدة ضد النقطة العسكرية هناك حاصدة أرواح تسعة جنود وكأنها تذكر السامعين بمصداقية ذريعة التمرد: خوفاً على حياته. كان علي صالح سلم تنظيم القاعدة اجزاء من محافظة أبين ومنها مدينة زنجبار في قرار قضى العام الماضي بسحب قوات الأمن والنجدة من المحافظات إلى العاصمة صنعاء لحراسة دار الرئاسة وميدان السبعين وهو ما اعترفت به الحكومة واللجنة العسكرية في تقرير قدمته لمجلس النواب. المخاطر، إذاً، تأتي من هنا.. من العلاقة المشبوهة بين المخلوع علي صالح وأقاربه وتنظيم القاعدة الذي كان قادته يعملون في المكتب الرئاسي لعلي صالح، أما تمرد محافظ مارب وتمرد رئيس فرع المؤتمر في محافظة حجة وتمرد القيادي المؤتمري حافظ معياد في المؤسسة الاقتصادية (العسكرية) فقد انتهى إلى تسويات أوجرائم جنائية يمكن تقديمها لاحقاً الى القضاء. الشاهد على ما نقول محاولات نشر الفوضى الأمنية في المحافظات، وهي محاولات تأتي في سياق ما أطلق عليها الدكتور ياسين سعيد نعمان «مشاغبات» علي صالح , ومن ذلك الاعتداءات على الجيش ومحاولة العودة إلى السلطة من باب رئاسة المؤتمر المشارك في الحكومة وامتلاك القنوات الفضائية التي تخدم سياسته مثل «اليمن اليوم» و«العقيق» و«ازال» وجرى انشاؤها على حساب نهب وتخريب القنوات الفضائية الرسمية. مشاغبات علي صالح بما في ذلك التمرد على القرارات الرئاسية رهن مداولات القوى الشريكة في التسوية السياسية في اليمن، وتشير المعلومات إلى أن مجلس الأمن سوف يناقش الوضع في اليمن في اجتماع يعقده خلال النصف الثاني من الشهر الجاري.. ولوحت تصريحات دبلوماسية بفرض عقوبات ضد من يعيق العملية السياسية وتنفيذ المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن الدولي 2014، على أن الأهم هو الشعب اليمني الثائر ضد نظام الفساد وحكم العائلة وهو لن يترك انجازاته في مهب «المشاغبات» مهما قدم من صبر وتضحيات.