نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    تعيين شاب "يمني" قائدا للشرطة في مدينة أمريكية    الوية العمالقة توجه رسالة نارية لمقاتلي الحوثي    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    التفاؤل رغم كآبة الواقع    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    انهيار وشيك للبنوك التجارية في صنعاء.. وخبير اقتصادي يحذر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القباطي : الحوار الوطني حوار الفرصة التأريخية التي لن تتكرر ونجاحه يتجلى بديمومة الثورة
على الأطراف الممانعة استقراء المتغيرات بروح معاصرة ومسؤولة
نشر في الاشتراكي نت يوم 27 - 06 - 2012

أكد الدكتور محمد صالح القباطي عضو مجلس النواب، رئيس الدائرة السياسية في الحزب الاشتراكي اليمني ، عضو الهيئة التنفيذية لأحزاب اللقاء المشترك أن الحوار الوطني المطلوب اليوم بات مطلبا وطنيا وإقليميا ودوليا ملحا لا يقبل التأجيل .
ودعا القباطي في حوار نشرته صحيفة «الجمهورية» السلطة الراهنة ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني إلى العمل على إنجاز جملة من المهام والإجراءات العاجلة الكفيلة بتيسير مسارات الحوار، والضامنة لشموليته ونجاحه، وفي المقدمة منها اتخاذ القرارات التنفيذية الشجاعة، لاستكمال توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية على أسس وطنية تحت قيادة حكومة الوفاق الوطني
1- ما هو الحوار الوطني المطلوب اليوم ؟ وهل البيئة السياسية مواتية لإجراء مثل هذا الحوار؟
الحوار الوطني المطلوب اليوم وباختصار شديد هو الحوار الوطني الشامل ، الجاد ، الناجح ، والذي لا يستثنى منه أحد من الأطراف السياسية والوطنية الفاعلة في الساحة على مستوى الداخل والخارج.
إنه حوار الفرصة التاريخية التي لن تتكرر ، إنه الحوار القائم على قاعدة التغيير ، الحوار الذي يعالج معضلات الماضي على أسس ومضامين ثورية ، تفتح آفاق واسعة لبناء مقومات الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة - الدولة الاتحادية ، اللامركزية المطلوبة ، ورسم ملامح المستقبل الأفضل لليمن واليمنيين .
وفيما يتعلق بالبيئة المواتية لإجراء مثل هذا الحوار أستطيع القول بأن ما توافر لهذا الحوار من عوامل ومقومات البيئة الملائمة لنجاحه ، لم يتوفر لأي حوار وطني سابق في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر ، فالحوار الوطني الشامل المستهدف اليوم قد بات مطلبا وطنيا وإقليميا ودوليا ملحا ، لا يقبل التأجيل .
وصار لزاما على السلطة الراهنة ممثلة بالأخ / رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني ، العمل على إنجاز جملة من المهام والإجراءات العاجلة الكفيلة بتيسير مسارات الحوار ، والضامنة لشموليته ونجاحه ، وفي المقدمة منها إتخاذ القرارات التنفيذية الشجاعة ، لاستكمال توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية على أسس وطنية تحت قيادة حكومة الوفاق الوطني ، والتعاطي الإيجابي مع المطالب المشروعة ذات العلاقة بانتهاكات حقوق الإنسان ، وإنصاف الضحايا وإنفاذ إجراءات المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية ، و اتخاذ خطوات عملية باتجاه استكمال نقل السلطة ، وتحرير أدوات القوة المختطفة التي لا يزال يمسك بها بقايا النظام السابق ورموزه العائلية لأغراض تدميريه انتقامية بائسة ، تحت وهم إعاقة مسار التسوية السياسية ، وإيقاف عجلة التغيير عن الدوران .
2- ماهي ضمانات نجاح الحوار الوطني الشامل ، في ظل الخلافات والصراعات القائمة بين أطراف الحوار المستهدفة ، وعزوف البعض عن المشاركة في الحوار ؟ وماذا لو فشل الحوار؟
يمكن القول باطمئنان بأن الضمانات المتوافرة على الأرض لإنجاح الحوار الوطني المستهدف ، لم تتوافر لأي حوار سابق وربما لاحقا على المدى المنظور على الأقل ، وذلك للأسباب التالية :-
أولا: لم يعد الحوار الوطني الشامل خيارا للنقاش ، بل أصبح وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة مهمة وطنية ملزمة التنفيذ للأطراف الوطنية الفاعلة الموقعة على التسوية السياسية ، كمهمة إجبارية لا تقبل المساومة أو التسويف ، تجسيدا للإرادة السياسية الوطنية، وتلك الإقليمية والدولية الراعية للمبادرة ، والساهرة على تنفيذها سبيلا سلميا وحيدا للعبور باليمن إلى المستقبل المنشود.
ثانيا : أن نجاح الحوار الوطني الشامل ، لم يعد بعد اليوم شأنا خاصا بالموقعين على التسوية السياسية فحسب ، بل صار شأنا وطنيا عاما ، يعني جميع اليمنيين دون استثناء ، فمصير الحوار يرتبط وثيقا بمصير التسوية السياسية ، ومصير التسوية السياسية تحدد مصير اليمن وطنا وشعبا ، وبهذا القدر من الأهمية جاءت المواقف السياسية الوطنية والإقليمية والدولية معبرة عن حرص شديد على نجاح الحوار الوطني كمقدمة لنجاح التسوية السياسية ، وليس أدل على ذلك أكثر من التوجه والإجماع الدولي الذي تبلور خلف قراري مجلس الأمن الدولي 2014 ، 2051 ، بمضامينهما الشاملة الملوحة باللجوء للفصل السابع لمعاقبة كل معيقي التسوية السياسية ، بما في ذلك الحوار الوطني الشامل في سابقة لم تشهد لها اليمن مثيلا من قبل .
ثالثا : لقد أثبتت التجربة اليمنية وبما لا يدع مجالا للشك بأن القوة والعنف والحروب الأهلية أساليب عقيمة ثبت فشلها في حسم قضايا الصراع والخلافات السياسية ولم يعد هناك من طريق آخر أمام اليمنيين سوى طريق الحوار الوطني الشامل ، الوسيلة الحضارية السلمية الوحيدة ، كسبيل آمن للوصول الى حلول توافقية عادلة لقضايا الخلاف الملتهبة و إشراك الجميع في صياغة معالم المستقبل الأفضل الذي يريده اليمنيون .
رابعا : تتجلى أهم الضمانات لنجاح الحوار الوطني وبالتالي التسوية السياسية في اليمن في ديمومة الثورة الشبابية الشعبية السلمية ، المستمرة على مدى عام ونيف ، كأهم العوامل الدافعة بالتغيير وإنجاز مهام الحوار الوطني الشامل واستكمال النقل السلمي للسلطة ، وبناء اليمن الجديد.
وبناء على ما سبق يعد الحوار الوطني الشامل الجاري التحضير له اليوم ، فرصة تاريخية لا تعوض ولا تقدر بثمن ، حيث توافرت لها من عوامل ومقومات الاهتمام والجدية وفرص النجاح على مختلف المستويات الوطنية والإقليمية والدولية ، ما لم يجود به التاريخ لأية فرصة حوارية سابقة ولا يبدوا أنها ستتكرر مع أية فرصة لاحقة .
ولذلك فإن ما يتردد عن عزوف الب
عض عن المشاركة في هكذا حوار لن يكن الا ضربا من الفشل السياسي وحماقة سياسية قاتلة .
ونأمل في هذا الصدد من جميع فصائل ومكونات الحراك السلمي الجنوبي في الداخل والخارج وجميع القوى والأطراف السياسية الحزبية والمستقلة الممانعة عن المشاركة حتى الآن ، إعادة استقراء مستجدات الوضع المتغير بآفاقه المستقبلية ، بروح جديدة معاصرة ، تضعها في موضعها الطبيعي كجزء من الحاضر والمستقبل وليس جزء من الماضي ، لتتجنب المحاولات المشبوهة لاستدراجها إلى فخ القوة والعنف أو الممانعة والانعزال السياسي القاتل . فالمشاريع البديلة للحوار الوطني ليست سوى مشاريع عقيمة ووهمية لا أفق لها ، وسبق إن ثبت فشلها ، بما في ذلك مشاريع القوة والعنف ، أو المشاريع الجهوية التفكيكية والانقسامية الماضوية الصغيرة ، فسلبيات مقاطعة هكذا حوار ، تفوق بكل المقاييس سلبيات المشاركة فيه – إن كانت هناك سلبيات للمشاركة – ولذلك تقتضي الحكمة السياسية - في هذا الظرف بالغ التعقيد – بالذات ، خوض غمار حوار اللحظة التاريخية الاستثنائية التي تلوح في الأفق واقتناص الفرصة الكامنة في قلب هذا الممكن السياسي المتاح اليوم انتصارا للقضايا النضالية العادلة ، فأي كانت النتائج الحوارية ، فان الارادة الشعبية الجمعية سيكون لها القرار الحاسم في نهاية الأمر.
وأعتقد جازما في هذا السياق بأن من تتجاوزه الفرصة التاريخية الراهنة المتاحة حتى الآن لتسوية وطنية شاملة ، لن يجد أفضل منها على المدى المنظور على الأقل . فالعصر الراهن هو عصر المتغيرات المتسارعة ، إنه عصر الشعوب ، ومن لم يستثمر اللحظة التاريخية للانتصار للقضايا الوطنية العادلة لن ينتظره الزمن ، فهناك أطراف كثر يرقبون استثمار تلك اللحظات التاريخية ، لخلط الاوراق وملئ تلك الفراغات السياسية الشاغرة ، في ظل الاستقطابات الدولية النشطة ، الجاذبة للدعم والتأييد الإقليمي والدولي غير المسبوق ، والذي يصب في نهاية الامر في خدمة المصالح الدولية في المنطقة ، وليس بالضرورة المصالح الوطنية .
أما المراهنة على فشل الحوار كما يتو
هم البعض أو يتمنى رغبة في الانتقام لن يحصد سوى خيبة أمل ، فعجلة التغيير تدور و إن ببطء ، ولكنها لا تعود الى الوراء ، فكل المؤشرات الواقعية تدفع باتجاه إنجاح الحوار.
إن مؤتمر الحوار الوطني الشامل – المسنود بإرادة شعبية ودولية غير مسبوقة – لن يلتئم الا لينجح ، فالنجاح هو القاعدة ، والفشل هو الاستثناء .

3- كيف تقيمون دور و أداء م
جلس النواب باعتباركم أحد أعضائه ؟ وهل لا يزال يتمتع بالأهلية الكافية للنهوض بدوره الإيجابي في إنجاز المهام المناطة به في إطار المبادرة الخليجية ، وآليتها التنفيذية المزمنة ؟
يؤسفني وأنا أرقب الحالة البائسة التي أنحدر اليها أداء مجلس النواب ،الذي أنتمي اليه للأسف الشديد ، أن أصارح - عبركم - من انتخبوني الى هذا المجلس ذات يوم - ولهم في ذلك الحق - بالحقيقة المرة ، التي وصلت معها الى فقدان الشعور بشرف الانتماء الى هذا المجلس ، أو ما تبقى منه في حقيقة الأمر – مع اعتذاري سلفا لمن يخالفني هذا الشعور من الناخبين أو من زملائي المحترمين أعضاء المجلس - .
لقد ولد هذا المجلس معوقا كأحد منتجات نظام الفساد والاستبداد السابق ، وظل ولا يزال أسيرا لمعوقاته ، مكبلا بكوابحه البنيوية منذ النشأة ،فانعكس ذلك سلبا على أدائه البائس على طول عمره الاستثنائي المديد ، الذي ناهز قرنا من الزمن ، في سابقة غير معهودة ، تكشف بجلاء الأبعاد السياسية الاستثنائية التي تكرسها الغالبية الكاسحة ، ذات المفعول السحري التي أصر رأس النظام السابق على تحقيقها بأي ثمن وبأية وسيلة أبان الانتخابات البرلمانية عام 2003 م ، فكان له ما اراد ، وتشكل المجلس ذو الغالبية الكاسحة طوع يد الحاكم ، تدين له بالوصول الى مقاعده وامتيازاته وليس لجدارتها أو بثقة و إرادة الناخبين – والاستثناءات واردة هنا بالطبع – الأمر الذي أنتج مجلسا ديكوريا مشلولا ، فاقدا للقدرة على الفعل خارج ارادة الحاكم ، فبات أقرب ما يكون الى ظاهرة صوتية شكلية ، تجمل صورة الحاكم وطغيانه ، وتلبي رغباته ، وتكرس ارادته في شرعنة فساده واستبداده ، ليس اقل من ذلك ولا أكثر للأسف الشديد.
ومع قرب انتهاء الدورة التشريعية الدستورية للمجلس في أبريل 2009 م ، جاء اتفاق فبراير 2009 م بين السلطة والمعارضة ، ليستبدل الشرعية الدستورية الانتخابية للمجلس بمشروعية سياسية توافقية بديلة ، قضت بموافقة المعارضة على بقاء الحاكم في السلطة دون انتخابات لسنتين إضافيتين ، يمدد خلالها للمجلس ذو الغالبية الكاسحة مقابل إنجاز الإصلاحات السياسية والانتخابية التي نص عليها الاتفاق خلال نفس الفترة المحددة بسنتين .
ولما كان الحاكم مراوغا في حقيقة الأمر ، وغير جاد في تنفيذ الاصلاحات المتفق عليها ، أعلن انقلابه على الاتفاق ، معتبرا له خطاء تاريخي وقع فيه الحاكم ، وسارع بدفع كتلته البرلمانية الكاسحة الى مباشرة الاجراءات الدستورية والقانونية المشرعنة للانقلاب ، والمكرسة لطغيان واستبداد الحاكم في تأبيد بقائه على رأس السلطة ، وتمهيد السبيل لتوريثها لاحقا ، وليس أد ل على ذلك من أن يعلن رئيس كتلة الحاكم شخصيا ما سمي حينه ب (( قلع عداد الرئاسة وليس تصفيره فقط )) ، مدشنا بذلك التنفيذ الفعلي لإجراءات الانقلاب على الديمقراطية ، واحتكار العملية الانتخابية ، كخطوة على طريق تأبيد الحاكم وتوريث الحكم ، وهو ما أوقفته والى غير رجعة الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي اندلعت في الأثناء مباشرة.
وأخيرا جاءت التسو
ية السياسية الراهنة في سياق نتائج وتداعيات الثورة السلمية فيما عرف بالمبادرة الخليجية ، و آليتها التنفيذية المزمنة ، المدعومة بقراري مجلس الأمن الدولي 2014 ،2051 ، لتمدد سنتين إضافيتين جديدتين لمجلس النواب ، على أن يتم خلالها إنجاز المهام المحددة للفترة الانتقالية ، بمرحلتيها الأول والثانية ، بهدف إحداث التغيير المنشود واستكمال إجراءات النقل السلمي للسلطة ، في سياق التوافق الوطني الذي أنتجته التسوية السياسية ، فبات معها مجلس النواب جزء لا يتجزأ من التسوية والتوافق الوطني ، ملزما بإنجاز المهام المناطة به في إطار الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية وبصورة توافقية وخلال الفترة الزمنية المحددة سلفا.
ورغم وضوح المهام والآليات الملزمة للمجلس ، والفرصة التاريخية التي منحته إمكانية أن يغدو جزء من التسوية السياسية ، وعنصرا ايجابيا فاعلا في عملية التغيير والنقل السلمي للسلطة ، الا انه للأسف الشديد – رغم إنجازه لبعض مهام المرحلة الأولى – ظل مشددا بولائه للماضي تحت تأثير بقايا النظام السابق ورموزه العائلية المناهضة لعملية التغيير ، والتي ظلت تمسك بخيوط اللعبة في مجلس النواب عبر من تبقى من الموالين من الغالبية الكاسحة في قوام المجلس وهيئاته القيادية ولجانه المتخصصة ، دافعة بعدم إجراء أية تغييرات توافقية في هذه الهيئات والتكوينات القيادية ، أو في أداء المجلس ، مكرسة بقائها رهنا بإرادة الرموز العائلية للنظام السابق ، وخدمة لأغراضها اللا مشروعة ، كورقة للضغط والمساومة السياسية ، وأداة لاختلاق الأزمات والمعوقات المربكة لعمل حكومة الوفاق الوطني ، والمشتتة لجهودها ، في سياق المراهنة على إفشال الحكومة ، بوهم وقف عجلة التغيير أو تعطيل مساراتها .
لقد أنتجت هذه الممارسات المناهضة لعملية التغيير ، حالة من الارتباك وعدم التوازن في الأداء الافتراضي لمجلس النواب في هذه الظروف الاستثنائية ، جعلته أسير دوره التقليدي كظاهرة صوتية ديكورية ، تستخدم هذه المرة في جهود مناهضة حكومة الوفاق الوطني ، وتحميلها أوزار فساد سابقاتها بأثر رجعي ، ليتموضع مجددا في موقعه السابق – كما أريد له ان يكون ولا يزال - جزء من المشكلة لا جزء من الحل .
الامر الذي جرد المجلس من دوره المفترض ، ومما تبقى له من ضرورة في ظل مشروعية التوافق السياسي الوطني الراهنة ، بعد إن تم تجيير دوره وقراراته وتوصياته لأغراض سياسية ، أقرب ما تكون الى العبثية ، والإصرار على بقائه تحت السيطرة ، بإدارة فاقدة لمعايير وشروط المشروعية ، تتجلى في بعض نماذجها الصارخة ، على النحو التالي :-
أ- فقدان هيئة رئاسة المجلس للمشروعية الدستورية والقانونية بعد تجاوز الفترة المحددة قانونيا لإجراء الانتخاب الدوري لهيئة رئاسة المجلس في فبراير 2012 م ، فبات الاستمرار في إدارة أعمال وجلسات المجلس من قبل رئيس المجلس او أي من أعضاء هيئة الرئاسة بدون انتخاب ، مخالفة قانونية صريحة ، تجعل مقترفها في حكم المغتصب للسلطة .
ب- لقد صارت مداولا ت المجلس وجلساته اليومية وما تخلص اليه من مخرجات في حكم الفاقدة للشرعية وذلك للأسباب التالية :-
1- تفرد رئيس المجلس بإدارة أعمال المجلس ، بديلا عن هيئة الرئاسة المناطة بها هذه المهمة وفقا للدستور والقانون النافذ والتي لم تلتئم منذ استئناف عمل المجلس بعد الثورة .
2- استفحال المعضلة المزمنة في عمل المجلس ، المتمثلة بعدم توافر النصاب القانوني لعقد جلسات المجلس اليومية – الا فيما ندر- والتي تفاقمت مع الاوضاع الأمنية غير المواتية ، مكرسة الحالة المزمنة لفقدان النصاب القانوني لعقد جلسات المجلس .
ج- فقدان رؤساء ومقرري اللجان العاملة بالمجلس للمشروعية القانونية ، بسبب تعطيل إجراء الانتخابات المحددة قانونيا في فبراير 2012 م ، فصار بقائهم في حكم المغتصبين للسلطة مثلهم مثل هيئة الرئاسة وفقا للائحة الداخلية للمجلس .
د- تفرد رئيس المجلس بعرض الموضوعات على المجلس وإدارة أعماله دون توافق هيئة الرئاسة التي شغر أحد مقاعدها وغاب بقية الاعضاء ، هذا من ناحية ، والإصرار- من ناحية ثانية - على اجراءات التصويت في جلسات المجلس دون توافر النصاب القانوني ، ودون التوافق الذي نصت عليه الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن الدولي ، وهو ما يفقد مخرجات المجلس مشروعيتها .
واستنادا الى ما ذكر أعلاه من مظاهر العبث والفساد السياسي الذي يمارس داخل أروقة المجلس ، خلافا للدستور والقانون النافذ ومشروعية التوافق الوطني الملزمة للمجلس ، تحول المجلس الى عبء ثقيل على عملية التغيير ، واستكمال النقل السلمي للسلطة ، وصارأحد اهم معوقات تنفيذ المبادرة الخليجية ، وكابحا لمساراتها ، طالما ظل المجلس مرهونا بإرادة رأس النظام السابق ورموزه العائلية والمتطرفة المناهضة لعملية التغيير.
وفي ظل هذه الحالة البائسة التي وصل اليها مجلس النواب لم يعد أمام قوى التغيير والتوافق الوطني لمعالجة هذه الحالة ، سوى خيارين لا ثالث لهما :-
الخيار الاول /
أن يلتزم من تبقى أعضاء الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام في مجلس النواب بمضامين التوافق الوطني والتسوية السياسية القائمة على قاعدة التغيير والنقل السلمي للسلطة ، وفك الارتباط برأس النظام السابق ورموزه العائلية والمناهضة للتغيير - التي باتت جزء من الماضي - والشروع بإجراءات ترشيد عمل المجلس الذي لا يزال ممكنا اذا ما صدقت النوايا ، عبر إعادة هيكلة المجلس وفقا لمبدأ التوافق الوطني ، وضبط أدائه وفقا للدستور واللائحة الداخلية ومضامين المبادرة الخليجية و آليتها التنفيذية ، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات العلاقة ، بما في ذلك إجراء الدورة الانتخابية لهيئة الرئاسة ورؤساء ومقرري اللجان العاملة والأمانة العامة للمجلس .
الخيار الثاني /
وهو خيار الضرورة ، ويتمثل في حل مجلس النواب ، وتشكيل جمعية وطنية تأسيسية توافقية ، تمثل كافة الأطراف والقوى السياسية والاجتماعية المذكورة تحديدا في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية دون استثناء ، والمناط بها مهمة إنجاز الحوار الوطني الشامل ، و صياغة مشروع الدستور وقانون الانتخابات ، وغيرها من الاجراءات والمهام المحددة للفترة الانتقالية ، وصولا الى انتخاب مجلس نواب جديد ورئيس منتخب في نهاية الفترة الانتقالية المحددة بعامين .

وكلا الخيارين متاحين للأخ / رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني.

(5) ماذا يعني لكم قرار رفع الساحات ؟ هل هو ضرورة أم لا ؟ وهل هناك قرار من المشترك بهذا الاتجاه؟
لا علم لي بأي قرار بهذا المعنى . فإذا كنت تقصد في سؤالك ما حدث من رفع لخيام المعتصمين في بعض شوارع ساحة التغيير في العاصمة صنعاء ، فما تم كما يؤكد الشباب ، يأتي في سياق تخفيف الضغط على حركة مرور المواطنين وعلى سكان الاحياء ، ولاسيما في الشوارع الرئيسية ، وهو أمر طيب ، وليس معيبا ، طالما ظلت الساحة قائمة ، والفعل الثوري مستمرا ومتواصلا ، حتى تحقيق الأهداف الرئيسية للثورة ، كما يؤكد الشباب أنفسهم.
ان قرار الابقاء على الساحات أو رفعها جزئيا أو كليا هو أمر خاص بالشباب أنفسهم ، فهم وحدهم من بأيديهم اتخاذ مثل هذا القرار.

وباعتقادي الشخصي إن أهمية الخيمة أو الساحة تكمن في رمزيتها ، التي ارتبطت في الوعي العام بالثورة السلمية وهو أمر بالغ الأهمية ، ينبغي أن يخلد في ذاكرة اليمنيين ، حتى وان رفعت الساحات بعد تحقيق أهداف الثورة . فمن المهم الحفاظ على نصب تذكارية ، تخلد التضحيات والمآثر البطولية ، التي اجترحها شباب الثورة السلمية بصدورهم العارية في مواجهة آلة القمع والدمار التي ووجهوا بها . كما أعتقد بأن رفع الساحات نهائيا الآن عمل متعجل ، فالثورة لم تتجاوز بعد مخاطر والتحديات المحدقة بها من خارجها ومن داخلها ، فلا بأس من اليقظة والاستمرار في الفعل الثوري وتنوع وتعدد أشكاله وأساليبه ، حتى يتم تجاوز مخاطر الإجهاض او الارتداد عن مبادئ وأهداف الثورة .
أما فيما يتعلق بالمشترك ، أستطيع الجزم بأنه لم يتخذ قرارا برفع الساحات على الاطلاق ، ويرى المشترك في هذا الصدد ، بأن أي قرار يتعلق بالساحات هو من حق الشباب حصريا ، وليس لأية جهة أخرى أي كانت سلبهم هذا الحق ، وهذا الموقف ينسجم مع الموقف المبكر للمشترك ، الرافض بشدة للبند الذي حاول رأس النظام السابق تثبيته ضمن بنود التسوية السياسية ، المتعلق برفع الساحات ، باعتبار ذلك حق ديمقراطي أصيل ، مكفول في التشريعات الوطنية والدولية لحقوق الانسان ، حيث دافع المشترك بشدة عن هذا الحق ، وهو ما تفهمه الوسطاء الدوليون ، وأقروا به .

(6) كيف تقيمون مسار التسوية السياسية ، وتنفيذ المبادرة الخليجية ، وأداء حكومة الوفاق الوطني ، على طريق انجاز المهام الانتقالية خلال الفترة الزمنية المحددة لها بسنتين؟
يبدو من السابق لأوانه الخوض في مسألة تقييم أداء حكومة الوفاق الوطني ، أو الحكم على مسار التسوية السياسية والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة .
فالخطوات المحققة على الأرض تبدو عظيمة وكبيرة ، إلا أن التعقيدات والمعوقات الكامنة لا يمكن الاستهانة بها ، فالمخاطر والتحديات لم يتم حسمها نهائيا بعد ، والاهم في سياق هذه المعادلة هو استمرار عجلة التغيير بالدوران، فإرادة التغيير المسنودة وطنيا وإقليميا ودوليا قد انطلقت ، ولا يمكن لها أن تعود الى الوراء ، أي كانت حجم المخاطر والتعقيدات التي تصنعها القوى المشدودة بمصالحها الى ماضي الفساد والاستبداد ، الذي أتت عليه الثورة الشبابية الشعبية السلمية المتواصلة حتى اليوم .
وفي ذات السياق ، يلاحظ بأن جل المهام الرئيسية التي تضمنتها المرحلة الأولى من الفترة الانتقالية قد تم انجازها ، عدا ما يتعلق بإنهاء الانقسام في القوات المسلحة والأمن ومعالجة أسبابه ، وهي المشكلة التي باتت تنتج بتداعياتها السلبية المزيد من التعقيدات والمعوقات ، التي تطال مسار التسوية السياسية وإجراءات استكمال نقل السلطة ، المنصوص عليها في مهام المرحلة الثانية من الفترة الانتقالية ، وفي مقدمتها الحوار الوطني الشامل . إنها المهمة الملحة التي لا تقبل المزيد من التأجيل ، وعلى الأخ / رئيس الجمهورية اتخاذ القرار التاريخي الشجاع في هذا الخصوص ، والذي سيسرع ولا شك من إنجاز المهام العالقة الأخرى ذات العلاقة بالأمن والاستقرار، وإطلاق سراح السجناء والمخطوفين ، وإنهاء حالة الممانعة والتمرد على القرارات الجمهورية ، وعلى حماية الحقوق والحريات العامة ، وفي مواجهة النشاطات الارهابية ، ووضع حد للأعمال التخريبية ، التي تطال منشآت وخطوط نقل الكهرباء والنفط والغاز.. وغيرها من الممارسات ، التي يستخدمها بقايا النظام ورموزه العائلية في محاولة إفشال حكومة الوفاق الوطني ، وإعاقة مسار التغيير ، واستكمال نقل السلطة.
إن عامل الزمن أمر بالغ الأهمية للنهوض بالمهام الانتقالية المحددة خلال عامي التسوية السياسية ، وفي هذا الصدد ، تأتي إعاقة مشروع قانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية من طرف ممثلي المؤتمر، وعدم استكمال توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية ، وبطء سير عملية التواصل والتهيئة والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني ، بما في ذلك عدم الشروع بإنجاز مشروع السجل المدني ، كمطلب ضروري للانتخابات البرلمانية والرئاسية المحددة في نهاية الفترة الانتقالية عام 2014 م ، كمؤشرات سلبية في طريق انجاز المهام الانتقالية خلال الفترة الزمنية المحددة لها .
(6) ثمة من ينظر الى المشترك اليوم وكأنه وريث للسلطة ؟ فهل أصبح المشترك في مقام السلطة فعلا ؟ والمؤتمر في موقع المعارضة؟

بإيجاز شديد .... لم يصبح المشترك في مقام السلطة بعد .. ولا بات المؤتمر في موقع المعارضة.

(7) كيف تقيمون الشراكة بين اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام في اطار حكومة الوفاق الوطني ، في ظل بقاء صالح رئيسا للمؤتمر ، ورموز عائلته في المواقع العسكرية والسياسية ؟ وما أثر ذلك على مسار التسوية السياسية ، ونجاح عملية التغيير والنقل السلمي للسلطة ؟
لا نستطيع أن نسمي ما هو قائم بين اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام في إطار حكومة الوفاق الوطني بالشراكة ، بقدر ما هو نوع من المشاركة في الحكومة لإنجاز مهام محددة سلفا خلال الفترة الانتقالية المحددة بسنتين وفقا للتسوية السياسية الملزمة التي تم التوافق بشأنها للنقل السلمي للسلطة .
إنه خيار الضرورة لتجنب البديل الاسواء وهو الحرب الأهلية ، إنه الخيار السياسي السلمي المتاح لإنجاز مهام التغيير بعيدا عن القوة والعنف ، والذي جاء كثمرة للثورة الشبابية الشعبية السلمية وفي نتائج الجهد السياسي الوطني والإقليمي والدولي ، المتمثل بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة .
أما فيما يتعلق بصيغة الشراكة السياسية والوطنية ، فهي ليست أمرا مطلوبا فحسب ، إنها ضرورة لابد منها ، وحاجة وطنية ملحة ، تتسع لجميع أطراف الحياة السياسية الفاعلة في البلاد ، تتطلبها بل وتشترطها عملية التغيير وإعادة البناء الجارية اليوم .
لقد قدمت التسوية السياسية فرصة تاريخية استثنائية للمؤتمر الشعبي العام ، لتجاوز صيغة " حزب الحاكم " التي راوح في مكانها ردحا من الزمن ، ليغدو حزبا حقيقيا قائما بذاته كجزء من العملية السياسية حاضرا ومستقبلا ، وهو الأمر الذي لم يتح لنظرائه من الأحزاب ، والتي واجهت مصائر كارثية في العديد من بلدان الربيع العربي . ويتوقف نجاح المؤتمر الشعبي العام في التقاط هذه الفرصة التاريخية ، على قدرته في المضي قدما على قاعدة التغيير والنقل السلمي للسلطة ، متخففا من قيود وأثقال الماضي ، عبر فك الارتباط برموز الفساد والاستبداد والتطرف المتورطة بجرائم القتل والعنف وانتهاكات حقوق الانسان وعلى وجه الخصوص رأس النظام السابق ورموزه العائلية ، والتي أضحت جزء من الماضي ، ومحورا للشر في مناهضة عملية التغيير ، وفي صناعة الدمار، وإعاقة مسار التسوية السياسية ، للانتقام من الشعب الذي أسقطها ، بعد إن صبر على كل عبثها وفسادها واستبدادها وعنفها لأكثر من 33 عاما .
ان حضور المؤتمر الشعبي العام في الحياة السياسية الراهنة كحزب سياسي متطهر من رموز الفساد والاستبداد ، قادرا على التجدد ومواكبة التغيير، أمرا ليس مطلوبا كطرف مشارك في حكومة الوفاق الوطني لإنجاز مهام التغيير والنقل السلمي للسلطة فحسب ، بل وكشريك سياسي حقيقي في معادلة التوازنات السياسية الضرورية ، المجسدة للتعددية السياسية والحزبية ، والانتقال الى الديمقراطية ، والحيلولة دون العودة للفساد والاستبداد مجددا ، أي كان شكله .
إن تجيير المؤتمر الشعبي العام الى مجرد حاضنة سياسية للرئيس – الزعيم - المخلوع وبقايا رموز العائلة ، وتمكينهم من المواقع القيادية العليا في الحزب لممارسة الفعل السياسي كما هو جاري اليوم . يمثل حماقة سياسية قاتلة ، إذ تربط مصير الحزب المشارك في عملية التغيير والتوافق الوطني كجزء من الحاضر والمستقبل ، بمصير بقايا العائلة التي صارت جزء من الماضي ، الامر الذي يضع حزب المؤتمر في تعارض صارخ مع مضامين قانون الحصانة ، بمنحه سلطة سياسية في أعلى مواقعه القيادية لمن منح الحصانة مقابل نزع السلطة عنه ، هذا من ناحية ، ويضعه - من ناحية ثانية - في تناقض مع مضامين التسوية السياسية والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ، المشترك فيها على قاعدة التغيير والنقل السلمي للسلطة ، ليحتضن في الوقت ذاته ، بقايا العائلة المستهدفة بعملية التغيير ونقل السلطة ، والمناهضة لها والمعوقة لم
ساراتها ، وا
لمتمردة على القرارات الرئاسية الصادرة بصددها . كما أنه يضع المؤتمر على قدم المساواة في تحمل المسئولية الجنائية والقانونية ، عن تلك الجرائم وأعمال التمرد والتخريب ، التي تورطت بها بقايا العائلة منذ صدور قانون الحصانة وحتى اليوم .
وممالا شك فيه بأن نجاح التسوية السياسية وانجاز عملية التغيير والنقل السلمي للسلطة يرتبط وثيقا بتغيير الوضع القائم ، وعدم السماح باستمرار حالة المراوحة على ما هي عليه اليوم ، وذلك عبر تفعيل وتنشيط الآليات والأدوات المتاحة الدافعة بعملية التغيير ، واستكمال نقل السلطة ، والإسراع بتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنية ، وتفعيل قرارات مجلس الأمن بشأن معرقلي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية أي كانوا أفرادا أو اطرافا أو احزابا ، وإخضاع المتورطين بجرائم القتل والعنف والتفجيرات الارهابية وأعمال التخريب والجرائم ضد الانسانية للملاحقة والمسائلة القانونية ، بما في ذلك ترحيل الرموز المناهضة للتسوية السياسية وإجراءاتها التنفيذية المزمنة ، والمتورطين في الاعمال الاجرامية
الانتقامية والإرهابية أي كانوا ، وفي المقدمة منهم رأس النظام العائلي السابق ورموز العائلة ، خلال الفترة الانتقالية المحددة بعامين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.