الحديث عن المخفيين قسرا من القياديين السياسيين والناشطين المعارضين لنظام حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح منذ سبعينيات القرن الماضي ليس جديدا، فثمة مئات تعرضوا على مدى سنوات للاختطاف والإخفاء القسري وما رافق ذلك من تعذيب وقتل أيضا. لكن الجديد اليوم هو بروز معلومات تشير إلى اكتشاف شخصيات من أولئك المخفيين قسرا في مصحات نفسية، وقد نال منهم التعذيب والاخفاء كثيرا لدرجة إصابتهم بفقدان الذاكرة. حين وصلتني قبل أكثر من أسبوعين معلومات عن اكتشاف وجود شخصيات يسارية في مصحة في محافظة الحديدة ممن تعرضوا للإخفاء القسري منذ سبعينيات القرن الماضي، أردت أن أساهم في تناول الموضوع من واقع عملي كصحفي، لكن قياديا في منظمة حقوقية محلية معروفة اقترح علي عدم الخوض في هذا الموضوع لبعض الوقت، معيدا ذلك إلى أهمية التأكد من شخصية واحدة على الأقل ومن أجل الحفاظ على حياة من يحتمل وجودهم إلى أن تنفذ خطوات إيجابية لصالحهم، فالأمر كما قال لي ليس مجرد سبق صحفي أو كسب موقف لمنظمة حقوقية، بقدر ما هو واجب انساني يهدف إلى الحفاظ على أولئك الضحايا وكشف الحقيقة، وذلك ما وجدته منطقيا ومتناسبا أيضا مع ما كنت أهدف إليه. وبما أن الأمر قد بدا ينكشف إعلاميا، فقد بات من الضروري تناول هذا الموضع البالغ الأهمية، ودعوة حكومة الوفاق، وبالأخص وزارة حقوق الإنسان ودعوة المنظمات المدنية العاملة في مجال حقوق الإنسان ودعوة الأحزاب السياسية أيضا وبالأخص الأحزاب التي تعرض أعضاؤها إلى الاخفاء القسري والتعذيب والقتل، إلى متابعة هذا الملف الذي طال شخصيات سياسية قيادية وناشطة منذ أواخر سبعينيات القرن الفائت. من المهم أن تقوم حكومة الوفاق الوطني بالتحفظ الأمني الدقيق على المصحات وسواها من المؤسسات الرسمية المحتمل وجود شخصيات مخفية فيها، بمايحافظ على نزلاء تلك المصحات، ويسهم في كشف الحقيقة. ومن المؤكد أن تواتر معلومات عن وجود شخصيات سياسية قيادية وناشطة مخفية من سبعينيات القرن الفائت يضع حكومة الوفاق الوطني في موضع المسئولية تجاه هذا الأمر، كما يحتم على مختلف المنظمات الحقوقية أن تقوم بدورها في كشف الحقيقة والحفاظ على الشخصيات المحتمل وجودها في سجون أو مصحات.