أكد الباحث جازم سيف أن مأزق اليمن يكمن في أن الجميع يرى أن العنف والفوضى الأمنية يحققان الطموح, وهذه الأنانية مرجعها غياب المشاريع السياسية الناضجة حسب ما يحيل في العبارة الإستهلالية لورقته إلى قول الكاتبة الألمانية إيفانس ساندرا حول تساؤل هل ستنجو اليمن من مأزق الإنفصال. وأضاف جازم في الندوة التي أقيمت مساء أمس الأربعاء في منتدى الجاوي الثقافي بصنعاء بعنوان (الحراك الجنوبي السلمي .. التشكل الإجتماعي والسياسي ومعوقات التحول الديمقراطي في اليمن) " أن ما يقارب ال900 حالة إجمالي الإنتهاكات في الجنوب في عامين من واقع مقاربته بنماذج جداول بحصر إنتهاكات في مختلف المحافظات الجنوبية والشرقية. وقال أن الحراك الجنوبي السلمي يحيل في لحظته التاريخية الراهنة إلى بروز مشكل سياسي اجتماعي اقتصادي ثقافي من ناحية يعبر عن أزمة بنيوية تتمثل في شيوع وتجذر علاقات ما قبل بناء الدولة المدنية, وهي علاقات تقوم على الغلبة والهيمنة والتعصب بما هي علاقات ممانعة للتغيير, والتحديث. وأوضح سيف أن تلك العلاقات الممانعة حالت و تحول دون الإنتظام في مشاريع عمل إنتاجية مؤسسية تحدث فرزا في مستوى بنى ووظائف الطبقات والفئات والشرائح الإجتماعية. مشيرا إلى أن الحراك الجنوبي السلمي "هو من ناحية أخرى يعبر عن فشل مشروع بناء الوحدة الإندماجية, التي أعلنت دون سابق إعداد وتحضير مكتمل لها وما رافق مرجعياتها السياسية والقانونية من أخطاء وتشوهات ونواقص وما أعقبها من سياسات خاطئة أوصلت الوحدة إلى طريق مسدود وقد تجلى ذلك في عدم تحقيق الإندماج الكامل بين مؤسسات الدولتين في المرحلة الإنتقالية, إضافة إلى دواعي التعبير عن حرب صيف 1994م. وحول نظرة الباحث لمفاهيم وتصورات قاربتها رؤيته في بحث وتعيين ظاهرة الحراك الجنوبي كمتن وكهامش يشير جازم سيف إلى أن " الهامش يفعل ويتفاعل, يحركون الناس, وينسجون آمالهم وتطلعاتهم البديلة حيث يتم بشكل يومي رفض المتن,بإعتبار أن الحراك كوسيلة سلمية وديمقراطية غير مرصعة بالعنف, ويعبرون من خلالها عن معاني ذواتهم ووجودهم الإجتماعي والسياسي والثقافي الحر والمقاوم غير القابل للتلاشي والمحو في الهامش . وتحدث جازم سيف في وصف بنيوي لسمات تشكل خطاب الحراك السلمي اجتماعيا في الجنوب قائلا "يروض الناس اغترابهم, يبنون عش أحلامهم ويقترحون وجودهم ,ويعانقون إختلافاتهم , ويجترحون أفقهم الإنساني المغاير" مضيفا " في ظل الحرب المدعمة بآليات العنف وأدوات القوة العسكرية والأمنية القائمة ( على قاعدة الضم والإلحاق وعودة الأصل إلى الفرع ) ضدا لمبدأ الوحدة الديمقراطية السلمية وضدا للدستور ومشروعية الإتفاقيات والشراكة ,ومبادئ حقوق الإنسان وأخلاقيات وأعراف وروابط الأخوة الوطنية والدينية والإنسانية يغدو الحراك بمظاهرة الإحتجاجية السلمية وعلاماته الحقوقية المطلبية والسياسية والديمقراطية العادلة بمثابة كشاف موضح لرؤية حقيقة التسلط المركبة التي يعددها الباحث بمسميات مختلفة مثل مشهد الجشع والأنانية ,مشهد النهب والسطو ومشهد التعصب والإعتماد على الأعوان ومشهد التجريف والتسريح من العمل ومشهد التدمير والهدر ومشهد الهبات والعطايا غير القانونية. وتوزعت الورقة الى محاور ومفاهيم وتصورات عدة قارب فيها ومن خلالها الباحث جازم سيف أبعاد وتأثيرات الحضور المطلبي والمدني للحراك السلمي وسمات تشكله كوعي باعث للقضية في بنية وعي الأفراد وكمعطى سياسي وشعبي حامل ل"القضية الجنوبية " التي هي اليوم القضية المركزية المطروحة في ظل اشتباكات عوامل سياسة التقسيم ومعادلة المصالح ومراكز القوى في راهن الحالة السياسة اليمنية الوطنية في العموم وقضاياها الأخرى العالقة في إنتظار حلول حاسمة لها في مرحلة سياسية انتقالية حرجة على أبواب حوار تفصلنا عنه أيام