بين كل الخدمات الأساسية المتردية في اليمن، يحظى قطاع التعليم بنصيب الأسد من إجمالي الإنفاق العام المتوسط لميزانية الدولة بنسبة تقدر بحوالي 14.3 %. لكن يبدو أن ذلك لم يعد يكفي لمواجهة الالتزامات في قطاع التعليم «الأساسي الثانوي» في اليمن، فقد كشف تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي الصادر في أكتوبر الماضي أن اليمن تحتل المرتبة 145 بين 148 دولة في مستوى جودة التعليم، الأمر الذي يتطلب بحسب عدد من المعنيين تكثيف الجهود لانتشال التعليم من أوضاعه المتردية، خصوصاً أن التعليم يعتبر اللبنة الأساسية للنهوض بالمجتمعات. بينما ذكر تقرير لمنظمة اليونيسكو أن اليمن لن تتمكن من تحقيق أهداف الألفية في مجال التعليم خلال الموعد المحدد نهاية العام 2015، بل إن الأمر سيتطلب الصبر حتى العام 2025.. مشاكل التعليم في اليمن تتعدى وجود اثنين مليون طفل خارج المدارس، لتطال حتى المتواجدين داخل المدارس والذين كشف المجلس الأعلى لتخطيط التعليم أنهم يفقدون 2,409,903 حصة في العام الدراسي الواحد، وقد برز ترهل أداء المدارس وضعف جودة التعليم في اليمن من خلال دراسة أجرتها الحكومة الأمريكية وأعلنها مدير الوكالة الأمريكية للتنمية هيربرت سميث خلال تدشين حملة «أنا أقرأ» التي نفذتها وزارة التربية والتعليم نهاية سبتمبر الماضي، حيث أكدت الدراسة أن تلاميذ الصف الثالث غير قادرين على قراءة كثير من الكلمات، وهو وضع لا يمكن السكوت عليه في بلد يعاني «62 %» من سكانه أمية قرائية. كما أدت مشكلة ضعف جودة التعليم إلى حدوث فجوة واسعة بين مخرجات التعليم ومتطلبات السوق، وقد نصحت دراسة نشرت لخبير التخطيط والسياسات التنموية في وزارة التخطيط عبدالكريم البطلي بضرورة رفع ميزانية التعليم لتقليص تلك الفجوة بحيث تذهب الزيادة المقترحة لصالح تطوير العملية التعليمية في المدارس عن شكلها الحالي، وعدد من الأهداف المطلوبة لتحسين الوضع التعليمي. وتتعزز مشكلة التعليم في اليمن من ضعف الأداء إلى نقص الإمكانيات، حيث يوجد في اليمن 61 ألف مدرسة عشرة آلاف منها غير مكتملة بحسب إحصائية أطلقتها وزارة التربية نهاية نوفمبر الماضي، وقال وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالرزاق الأشول: إن 660 مدرسة في البلاد عبارة عن «عشش وصفيح». ربما كانت اليمن بحاجة إلى مراجعة أولوياتها بشكل كامل، لكن من الخطأ أن توضع قضية التعليم في إطار خانة الاهتمامات الضمنية، بل يجب أن تحتل مسألة التعليم أهمية استثنائية في بلد ينشد التغير الجذري مثل اليمن، فلا يمكن إحداث نقلة حقيقية إلا بتعليم جيد يضمن وجود كادر بشري مؤهل قادر على التفاعل والعطاء بشكل إيجابي من أجل التطور والمضي نحو المستقبل.