"حين دخلت جامعة تعز شعرت أنني استعيد ذاتي التي سلبتها الحرب اللعينة.. احلامي، طموحاتي، مستقبلي، وكل شي جميل رسمته هنا، في هذه الجامعة الغالية على قلبي، وها أنا استعيد هذا كله رغم الحرب وما خلفته من مآسي واضرار في جامعتي." بهذه العبارات تحدث " طارق ناجي الحبشي" الطالب في كلية الهندسة بجامعة تعز والذي استأنف دراسته مع عدد من زملائه قبل أسبوع، بعد توقف الجامعة الذي دام لأكثر من عام ونصف. بعد أكثر من عام ونصف على اقتحامها من قبل مليشيات الحوثي والمخلوع الانقلابية وتحويلها إلى ثكنة عسكرية لقصف مدينة تعز وقرى مديرية مشرعة وحدنان. جامعة تعز تحاول استعادة نشاطها وسط كم مهول من الدمار والخراب الذي طال أغلب مبانيها ومحتوياتها بفعل الحرب. تأسست جامعة تعز في 19 أبريل 1993، وافتتحت في 11أكتوبر 1995 م بمدينة تعز, تتكون من ثمان كليّات و17 مراكز علمية ودوائر مختلفة. تقع مبانيها الحديثة في منطقة حبيل سلمان بمديرية المظفر في المدخل الغربي لمدينة تعز حيث يحتضن الموقع حاليا 5 كليات هي( الحقوق - التربية - العلوم الادارية - العلوم التطبيقية - الهندسة ) وكذلك المراكز التابعة للجامعة، فيما تقع كلية الاداب في منطقة العرضي جوار المتحف الوطني بمديرية القاهرة اما مبنى رئاسة الجامعة فلا يزال في المقر القديم للجامعة في منطقة شعب سليط جوار القصر الجمهوري بمديرية صالة كما توجد هناك كلية الطب. أثناء تجوالنا في حرم الجامعة بدأ الشاب " فتاح الصلاحي" بالإشارة إلى أكثر من مكان هنا كانو، هنا نصبوا مضاد الطيران، من تلك النوافذ كان القناصة يصطادون المدنيين وأفراد المقاومة، يشير كذلك إلى الأماكن التي دخلت منها المقاومة والتي كانت مدمرة بكثافة لا يمكن تصورها!! من هذه الأماكن مدرسة إبراهيم عقيل الملاصقة لسور جامعة تعز من الجهة الجنوبية الغربية. يضيف "فتاح" وهو أحد شباب مقاومة مشرعة وحدنان:" أن مليشيات الحوثي فجرت مدرسة إبراهيم عقيل مستخدمة مادة "الديناميت" المتفجرة والتي تستعملها المليشيات في نسف منازل خصومها منذ أن بدأت جائحتها. المدرسة مكونة من ثلاثة طوابق أصبحت ركام، فيما الكتب الدراسية تبدو من تحت الأنقاض وكأنها تشير لحماقة هذه المليشيات ولبؤس المستقبل في ظل سيطرتها. قام الحوثيين بتفجير المدرسة لأنها تحجب النظر عنهم، بما يسمح لهم التصدي لتسلل أفراد المقاومة من خلفها!! "هكذا بكل بساطة يدمر الحوثيون مستقبل اليمنيين ثم يهربون" هكذا علق "فتاح الصلاحي" لنمضي معا في توثيق خراب مليشيات الحوثي والمخلوع في جامعة تعز. اثنا تحركنا في فناء الجامعة كنت أكثر حذرا من رفيقي فتاح، الذي كان واثقا من خطواته، ذلك أن أي خطوة غير محسوبة ستكلفك أحد أطرافك فالمليشيات قد زرعت الجامعة بالألغام، غير أن فتاح كان أكثر ثقة مني فهو أحد شباب المقاومة الذين اقتحموا الجامعة وحرروها. تحتضن الجامعة حاليا مايزيد عن 30 الف طالب وطالبة تشكل الاناث النسبة الأكبر والتي تصل إلى 70% وقد أصدرت رئاسة الجامعة قرار باستئناف الدراسة بتاريخ 18 يوليو 2016 م في الجامعة الواقعة في منطقة حبيل سلمان بمديرية المظفر، وقد بدأ الطلاب بالتوافد غير أن خوف الألغام لازال مسيطر على الطلاب واسرهم.. خلال عام ونصف تقريبا هي مدة سيطرة مليشيات الحوثي والمخلوع على حرم جامعة تعز كادت أن تنسف كل شي في الجامعة، بحسب " الصلاحي " الذي يضيف: "جلبت المليشيات صواريخ طيران والصقتها بالألغام، لكننا لم نترك لهم الفرصة لفعل المزيد وكان هجومنا مباغت وقوي يومها، الأمر الذي فوت على الحوثيين فرصة إلحاق أضرار إضافية في الجامعة.. رغم ذلك فالمليشيات زرعت الألف الألغام في كل مكان داخل وخارج الحرم الجامعي إلا أنها لحسن الحظ لم تحصل على فرصة تركيب أغلبها فكانت هذه الألغام من غنائم أبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية الذين حرروا الجامعة، حتى تلك التي كانت معدة للانفجار وعليها الصواريخ تم تفكيكها من قبل الفريق العسكري الخاص بنزع الألغام." كمية الألغام التي جلبتها مليشيات الحوثي والمخلوع الانقلابية إلى جامعة تعز مخيفة جدا براميل ممتلئة بالألغام لم يتم تركيبها اضافة لشبكة ألغام مزروعة استمر الفريق العسكري الخاص بنزع الألغام حوالي أسبوعين ينتزعها، يتسأل "فتاح" ما الذي تريده هذه المليشيات من الجامعة، ولماذا كل هذا الحقد على التعليم؟! لم تترك المليشيات في جامعة تعز سوى دبابة محترقة وطقمين محترقين، إضافة لخراب وعبث لا يمكن نسيانه بسهولة. "القائد مبارك هزاع يستشهد على أسوار جامعة تعز" لقد فرت المليشيات من جامعة تعز و خلفت الألف الألغام والعبوات الناسفة التي لا زالت تتربص بطلاب الجامعة، كما خلفت ذكرى مريرة على كل أبناء تعز هي ذكرى استشهاد القائد مبارك هزاع على أسوار جامعة تعز. يضيف "فتاح" وهو يشير إلى أطلال المدرسة فيقول: في الهجوم الأول للمقاومة وصلنا إلى المدرسة وبقينا يومين دون أن تصلنا أي تعزيزات ما اضطررنا للانسحاب واستشهد يومها القائد مبارك هزاع. يصمت فتاح لبرهة فيضيف: كلما تذكرنا الشهيد مبارك هزاع أشعر بالاختناق والغصة، مبارك كان آب واخ ورفيق وقائد استثنائي محنك لا يمكن أن يتكرر. يؤكد فتاح: لم نشعر بالخسارة في أي وقت، رغم ان الحرب كانت في قرأنا وكنا نخاف على اسرنا واهلنا إلا أننا لم نتصور كارثة بحجم استشهاد مبارك هزاع.. على جدران كليات جامعة تعز وثق رفاق مبارك يوم النصر واستعادة الجامعة من المليشيات. لقد كتبوا أن كتائب الشهيد مبارك هزاع حررت الجامعة بتاريخ 11 مارس 2016م أكثر من عبارة كتبت على جدران الكليات تفاخر بمبارك وتتأسف عليه وتدعو له بالرحمة. لا يمكن وصف جرائم مليشيات الحوثي والمخلوع الانقلابية بحق جامعة تعز الا بكونه تعبير عملي لمدى حقدها وأنتقامها من تعليم اليمنيين ومستقبلهم. جرائم مثل زرع الجامعة بالألغام وتحويل كلية التربية الى معمل للمتفجرات لا يأتي سوى من إرادة عابثة واجرامية وهو حال المليشيات الانقلابية منذ بدأ مسيرتها التدميرية، غير أن اليمن ممتلئة بالأبطال من عينة مشرعة وحدنان الذين حرروا الجامعة ولا زالوا يحرسونها حتى اللحظة. "ابطال مشرعة وحدنان يحرسون المستقبل" يقول الطالب" طارق عزيز" أن سيطرة مقاومة مشرعة وحدنان على جامعة تعز أوجد حالة اطمئنان كبيرة لدى كل المهتمين بالجامعة وغيرها من مؤسسات الدولة في تعز، ذلك ان مقاومة مشرعة وحدنان معروفة بشجاعتها و تجانس أفرادها و لكونهم يشعروا أنها جامعة أبنائهم فإنها لم تتعرض للسطو والنهب كما هو الحال بالنسبة لمؤسسات الدولة الأخرى." ومع كل دخول وخروج من جامعة تعز لن تجد سوى مقاومة مشرعة وحدنان يقومون بالتفتيش الاعتيادي ليتركوك وهم يبتسمون. قناة الاشتراكي نت_ قناة اخبارية للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة @aleshterakiNet