تناولت مجموعة الأزمات الدولية، في تقرير تفاعلي يعتمد على الشرح المرئي، نشرته، اليوم الأربعاء، كيفية تأثير اقتصاد الحرب في تقويض فرص عمليات صنع السلام في اليمن. ويوضح الشرح المرئي، كيف أدى الصراع الاقتصادي بين الأطراف المتحاربة في اليمن إلى تأجيج القتال وتفاقم المعاناة الإنسانية وإعاقة جهود صنع السلام. ويعيد "الاشتراكي نت" نقل التقرير، بالتسلسل الذي نشر فيه وبدأ بتعريف.. "اليمن دولة يبلغ عدد سكانها نحو 30 مليون نسمة. تقع على الزاوية الجنوبية الغربية لشبه الجزيرة العربية، وتحدها المملكة العربية السعودية، وعمان، وخطوط الشحن البحري في البحر الأحمر وخليج عدن". 2015 - اليمن في حالة حرب منذ مطلع عام 2015، عندما حاول المتمردون الحوثيون وحلفاؤهم السيطرة على البلاد، وحاول تدخل عسكري بقيادة السعودية، وفشل، في إخراجهم من العاصمة، صنعاء. 2016 - تدور الحرب اسمياً بين الحوثيين، الذين يتلقون الدعم من إيران، وحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً، والمدعومة من المملكة العربية السعودية۔ 2018 - في الواقع فإن القوى الكثيرة المعادية للحوثيين على الأرض حاربت ضد المتمردين وضد بعضها بعضاً على حد سواء. 2020 - بحلول عام 2020، كنت البلاد قد انقسمت إلى خمس مناطق تقريباً للسيطرة السياسية والعسكرية. يسيطر الحوثيون على شمال غرب اليمن، وهي المنطقة الأكثر كثافة سكانية في البلاد، وخصوصاً صنعاء، مركزها التاريخي، والسياسي، والتجاري. الوقت الحاضر - لقد قطعت الحرب الطرقات، وقسمت السيطرة على موانئ ومطارات اليمن، التي أغلق عدد كبير منها. في البداية، اقتصاد موحد - في السنوات الأولى للحرب، لم تمتد هذه الانقسامات لتشمل الاقتصاد، الذي ظل موحداً إلى حد كبير. على سبيل المثال، فقد ظلت أسعار القمح هي نفسها في سائر أنحاء البلاد. - لكن الوضع تغير منذ مطلع عام 2020. فقد بات اليمن مقسماً اليوم بشكل عام إلى منطقتين اقتصاديتين، واحدة يسيطر عليها الحوثيون، والثانية تمتد على جميع المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اسمياً. انقسام اقتصادي - أسعار القمح أكثر من تضاعفت في مناطق الحكومة منذ عام 2019. ورواتب معظم اليمنيين لم تعدَّل لتتناسب مع التضخم، وبالتالي فإن الأسعار تخفض القوة الشرائية للسكان إلى النصف. - لماذا انقسم الاقتصاد؟ الجواب هو أن الحرب اليمنية ليست حرباً عسكرية وسياسية وحسب. إنها صراع اقتصادي أيضاً. صراع قتل فيه من اليمنيين أكثر مما قتل على جبهات القتال. - لقد تطور الصراع الاقتصادي على عدة مراحل مختلفة. أولاً، في عام 2016 بعد انهيار محادثات السلام في الكويت، نقلت الحكومة مقر البنك المركزي اليمني من صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون إلى عاصمتها المؤقتة في عدن. - اعتقدت الحكومة أن هذا سيعطيها ميزة اقتصادية على الحوثيين. سعت إلى حرمانهم من الوصول إلى احتياطيات البنك بالريال اليمني والعملات الصعبة مثل الدولار، والأكثر أهمية إعادة فرض سيطرتها على التدفقات المالية من وإلى البلاد عبر النظام المصرفي. مراحل الحرب الاقتصادية - ثم، في عام 2018، شنت قوات مدعومة من الإمارات العربية المتحدة حملة عسكرية للسيطرة على ميناء الحديدة على البحر الأحمر الذي يسيطر عليه الحوثيون. - كالرياض، جادلت أبو ظبي أن الحوثيين كانوا يهربون الأسلحة إلى اليمن عبر الحديدة. كما رأت الإمارات أن الحديدة مهمة لأن الحوثيين كانوا يكسبون الكثير من المال بفرض الضرائب على السلع الداخلة إلى الميناء. حينذاك، كان نصف واردات اليمن من الغذاء والوقود يدخل البلاد عبر الحديدة. وقف إطلاق النار في ستوكهولم - إلاّ أن الأممالمتحدة وجهات أخرى شعرت بالقلق من أن معركة للسيطرة على الحديدة ستعطل الواردات بشكل كبير، الأمر الذي سيتسبب في "مجاعة هائلة"، ويمكن أن يتردى إلى حرب مدن وحشية. وهكذا، توسطت الأممالمتحدة في التوصل إلى اتفاق في كانون الأول/ديسمبر هو اتفاق ستوكهولم، لمنع وقوع معركة ونزع السلاح من المنطقة. - أوقف اتفاق ستوكهولم القتال في الحديدة، لكنه لم ينهِ الحرب؛ حيث استمر القتال وتصاعد الصراع الاقتصادي.وأصدرت الحكومة عدداً من القوانين الجديدة لجعل إدخال السلع إلى اليمن عن طريق الحديدة أكثر صعوبة على التجار، ولإجبارهم على استعمال البنك المركزي في عدن لتحويل الأموال من وإلى البلاد. - بدا أن الحكومة تستعمل مكانتها القانونية لفعل ما مُنع التحالف من فعله عسكرياً، أي قطع الدخل عن الحوثيين من الحديدة وزيادة دخلها هي، مع تدفق المزيد من التجارة عبر الموانئ الواقعة تحت سيطرتها الاسمية. - في عام 2019، وبمساعدة السعودية، بدأت الحكومة بتأخير منح الموافقات على واردات الوقود إلى الحديدة. رداً على ذلك، في نهاية عام 2019، حظر الحوثيون تداول الريال اليمني الجديد الذي كانت الحكومة تطبعه منذ عام 2017 لدفع الرواتب وتكاليف أخرى. الحكومة أكثر من ضاعفت المعروض من العملة اليمنية. قال الحوثيون إن العملة الجديدة كانت تؤدي إلى التضخم وتُفاقم الأزمة الاقتصادية. تقييم العملة في عام 2017 - بحظر أوراق العملة الجديدة، أغرق الحوثيون المناطق ذات الكثافة السكانية الأقل فعلياً بأوراق العملة الجديدة التي كانت الحكومة قد طبعتها. وبدأ الريال بالانخفاض مقابل الدولار في المناطق الواقعة خارج سيطرة الحوثيين. تقييم العملة في نهاية عام 2021 - بحلول حزيران/يونيو 2021 كان سعر دولار واحد في المناطق الخاضعة اسمياً للحكومة يتجاوز بكثير سعره في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، حيث ظل سعر الصرف مستقراً نسبيا. - تضافرت هذه الصراعات للسيطرة على الوقود والعملة لتعميق الكارثة الاقتصادية والإنسانية في اليمن وتعميق الانقسامات السياسية. كما أنها أحدثت آثاراً عكسية على الحكومة. تضاعف أسعار الأغذية - في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة بوجه خاص، ارتفعت كلفة السلع الأساسية بشكل كبير جداً بحيث ارتفع سعر سلة الغذاء العادية التي تشتريها أسرة متوسطة إلى الضعف منذ كانون الثاني/يناير 2020. نظرة مقارنة يمكن تفسير هذه الزيادة بانخفاض قيمة الريال في مناطق الحكومة. نظرة مقارنة - كما ارتفعت أسعار الوقود أيضاً في مناطق الحوثيين والمناطق الأخرى على حد سواء. ويعود هذا الارتفاع في الأسعار جزئياً إلى حصار الوقود الذي فرضته الحكومة والسعودية على الحديدة منذ كانون الثاني/يناير 2021 وإلى ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية. كما تسبب فيه انخفاض قيمة الريال في المناطق التي لا يسيطر عليها الحوثيون. دخل الحوثيين - وثمة سبب آخر ؛ إذ يتهم خصوم الحوثيين هؤلاء برفع أسعار الوقود في مناطقهم لتعويض الدخل الذي فقدوه بسبب الحظر على شحنات الوقود، وحتى زيادة إيراداتهم بينما يتم تحميل المسؤولية للحكومة. - كما يساعد ارتفاع أسعار الوقود في مناطق الحوثيين على تفسير النقص المتزايد للوقود في مناطق سيطرة الحكومة، رغم ارتفاع واردات الوقود إلى الموانئ الواقعة تحت سيطرتها. يمكن للتجار أن يجنوا مبالغ أكبر من المال بنقل الوقود إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين مما يحققونه من بيعه في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة والمخاطرة بخسارة المال بسبب أزمة التضخم هناك. الاحتجاجات - لقد دفعت الأزمة النقدية ونقص الوقود والكهرباء إلى خروج احتجاجات في معظم المدن الكبيرة الواقعة تحت السيطرة الاسمية للحكومة. تعز، وعدن، وعتق والمكلا جميعها هزتها الاحتجاجات في عام 2021. إذاً، ما الذي يمكن فعله؟ - لا يتعين على هانز غروندبيرغ، مبعوث الأممالمتحدة الجديد إلى اليمن التوسط للتوصل إلى هدنة عسكرية وتسوية سياسية وحسب. بل ينبغي عليه أيضاً أن يتوصل إلى وقف إطلاق نار اقتصادي.