في عرض الميليشيات بعاصمتنا اليمنية التاريخية المقدسة المخطوفة، كلنا رأينا معنى الجيش الطائفي. كان ذلك بمناسبة احتفالهم بالنكبة. نكبة الاستقواء على الشعب بالسلاح واختطاف الدولة ..رأينا صور السلالة تتصدر المشهد التجريفي الفظيع. على ان وجداننا الوطني سيظل يمجد 26 سبتمبر الذي كرس مفهوم الذات اليمنية، إضافة إلى تمجيد 14 أكتوبر الذي وحد الجنوب؛ كما سيظل الشعب اليمني شمالا وجنوبا هو وحده صاحب الكلمة العليا في تحديد مستقبل اليمن.. ولا غيره. ولكن كما قال البردوني "عقب ثورة 26 سبتمبر 1962 : كان لمؤتمر عمران ، وجه (أبي ذر) وقلب (أبي جهل)، لأنه في ظاهره، مؤتمر يقرر الشعب من خلاله مصيره، ولكنه في باطنه مؤامرة؛ شكلتها مختلف الجبهات كُلٍ لغرضها ". وبرأي البردوني أيضاً "شكل الإنتهازيون من الجمهوريين متارس داخلية ضد الثوار الوطنيين، وألتقى الإنتهازيون والبائدون في نقطة واحدة: القضاء على الثوار المبدئيين". وكان هذا التهادن بين الإنتهازيين الجمهوريين، وبين المتميلكين شبه تحالف ضد الثوريين لأنهم عقبة في وجه التصالح بينهم." ولذلك كله حتما سيظل 26 سبتمبر، يبحث 26 سبتمبر ، إذ ليس من شيء حقيقي ظل يزدهر بعمق خلال 60 عاماً من عمر الثورة الأولى غير قوة سادة العقيدة الإمامية وعكفتهم شيوخ القبائل ومابينهما أسوأ ما انتجته مركزية الشمال من اصناف العسكر، بينما ظلت الجمهورية المفردة الشديدة السمية في الذهن الاصطفائي الخصب لهؤلاء.
هذه الحقيقة المرة فجرتها نكبة 21 سبتمبر. فلقد ورث شيوخ القبائل حاكمية الأئمة مزيفين لوعي الجمهورية تماماً، كما سلب العسكر حلم الثورة الذي لم يكتمل بعد ، وهاقد عاد الأئمة عبر جلبة الحوثي يبحثون عن عرشهم الضائع محاولين ضرب ماتبقى من قيمة الجمهورية المهلهلة في الصميم . فقط : وحده التصحيحي إبراهيم الحمدي من عرف جيداً ان مشكلة اليمن تكمن في السين والشين، ليغتاله حثالات العملاء باسم أهمية إعادة الصياغة العصبوية لإستمرار تحالفات هيمنة الاستبداد المركزي الذي ليس له مثيل. وتاريخياً لم تتفق الهاشمية السياسية والقبلية السياسية في اليمن على شيء، مثل الاتفاق على إفراغ 26 سبتمبر الجبار من مضامينه الجمهورية. أما خلال التجربة الثورية ياعزيزي المغلوب والمكمود والمقهور 26 سبتمبر 1962 م..يا آخر ماتركه الله لنا.. فنحن بسبب الذين يكرهونك في الداخل والخارج : أولاً: لم نتحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما ولم نقم حكماً جمهورياً عادلاً.. ولم نزِل الفوارق والامتيازات بين الطبقات. ثانياً: لم نبن جيشا وطنيا قويا لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها. ثالثاً: لم نرفع مستوى الشعب إقتصادياً وإجتماعياً وسياسياً وثقافياً. رابعاً: لم ننشئ مجتمعاً ديمقراطياً تعاونياً عادلاً مستمداً أنظمته من روح الاسلام الحنيف. "مع العلم أنه صار لدينا عدة إسلامات كلها تزعم الرشد لديها ومنها المتوحشة للأسف ". خامساً: لم نعمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة! سادساً: وفي محطات سياسية وديبلوماسية للأسف لم نحترم مواثيق الاممالمتحدة والمنظمات الدولية ولم نتمسك بمبدأ الحياد الايجابي وعدم الانحياز كما لم نعمل على إقرار السلام العالمي وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم . ولذلك الحمل ثقيل والمراجعات لابد منها وان كانت قاسية. نحتاج إلى نقد وطني كبير فالميشليات لم تأت من فراغ. فيما سيظل 26 سبتمبر هو كل هذه الأحلام العظيمة التي مازالت تعاند بعنف وبحب، في روح كل يمني بيأس وبأمل.. هو كل هذه الخيبات والانعتاقات.. وجع الخذلانات ومجد العنادات المهيبة.. يالجمال حزننا وتوقنا للنصر دائماً كشعب والخلود والمجد لجمهورية اليمن الاتحادية العادلة الضامنة .