حذّر البنك الدولي في تقرير حديث من التحديات الراهنة التي تواجه اليمن حيث يهيمن قطاع النفط على اقتصاد اليمن "إذ يشكل 27% من إجمالي الناتج المحلي و90% من السلع المصدّرة"، فضلاً عن النشاط البارز في قطاع الخدمات "الذي يشكل 45% من إجمالي الناتج المحلي"، والزراعة "14% من الناتج المحلي"، والصناعات غير النفطية "14% من الناتج المحلي". وظلت معدلات البطالة في ارتفاع مضطرد من 12% عام 1999 إلى 16.5% عام 2006، فيما زاد معدل نمو القوى العاملة عن معدل خلق المزيد من فرص العمل. ومنذ تبنيها لخطة التنمية للتخفيف من الفقر، صعّدت الحكومة اليمنية من جهودها لدفع النمو في القطاعات غير النفطية وخلق فرص عمل في مجالات مثل الزراعة، ومصائد الأسماك، والغاز الطبيعي، والصناعات التحويلية في المناطق الحضرية، والخدمات، وقطاع المال. "ويتطلب ذلك التعامل مع عدد من القيود والمعوقات الشاملة التي تواجه تنمية القطاع الخاص، بما في ذلك المسائل التنظيمية، والبنية الأساسية (ولا تغطي شبكة الكهرباء أو إمكانية الحصول على مياه الشرب المأمونة أكثر من 30% و36% فقط من السكان على التوالي)، فضلاً عن عدم اتساق المهارات المتاحة مع احتياجات السوق. وقد تصدّرت اليمن قائمة بلدان العالم من حيث إجراء الإصلاحات المتعلقة بسهولة بدء النشاط التجاري "تأسيس الشركات"، إلا أنها تظل في الترتيب الثامن والتسعين بين 182 بلداً شمله تقرير ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2009. كشف البنك الدولي في تقرير له نشر على موقعه الالكتروني عن أن القضايا المتعلقة بأزمة إرتفاع أسعار السلع الغذائية، وقدرة المالية العامة على الاستمرار، والحوكمة، واستهلاك القات تشكل بعضاً من أكثر العوائق أمام النمو الواردة في خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة للتخفيف من الفقر. ولفت إلى أن اليمن قد تأثرت بشكل خاص بأزمة الغذاء العالمية بسبب ندرة مواردها من المياه والأراضي القابلة للزراعة، ويتجلى ذلك على وجه الخصوص في إرتفاع متوسط معدل التضخم الذي وصل إلى 20% عام 2008، وهو ما يزيد على مستوياته خلال عامي 2006 و2007، فضلاً عن ظروف الطقس المحلي الحالية التي تتسم بالجفاف وأيضاً ارتفاع أسعار النفط. وأعلن البنك الدولي أن عدد المشاريع التي يجري تنفيذها في اليمن حالياً يبلغ 19 مشروعاً بصافي ارتباطات حوالي 866 مليون دولار، وأن الحافظة التمويلية الحالية للبنك تبقى فيها حوالي 465 مليون دولار. وقال البنك الدولي في تقرير حديث إنه اعتمد 141 مشروعاً لليمن بمبلغ 2.6 مليار دولار باستثناء المنح والإلغاءات، دفع منها ملياري دولار حتى سبتمبر 2008. وأشار إلى أن البنك الدولي تعامل مع أزمة الغذاء من خلال منح اليمن 10 ملايين دولار في يونيو الماضي في إطار إستجابته العالمية لأزمة الغذاء، كما زاد إجمالي حافظة اليمن لدى مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك حتى بلغت قيمتها 150 مليون دولار مصحوبة بخدمات استشارية مقابل 16 مليون دولار في السنة المالية 2005. وأوضح أن 50% من قيمة الحافظة الحالية للبنك تذهب للبنية التحتية "أكثر من نصفها لمشروعات البنية الأساسية الخاصة بالمياه"، و17% للزراعة، و23% للتعليم والصحة والحماية الاجتماعية، و10% لتحسين حوكمة القطاع العام. ورغم أن اليمن تعكف منذ عام 2006 على تنفيذ مجموعة شاملة من الإصلاحات الهيكلية، إلا أن الطريق ما يزال طويلاً أمامها فيما يتعلق بتحسين العديد من الجوانب الهامة في الحوكمة. وأخيراً، يشكل القات الذي يستهلك كمية مفرطة من المياه ويلتهم 10% من ميزانية الأسرة المعيشية، أحد التحديات الأساسية أمام التنمية وبحسب التقرير الدولي فإن اليمن تحتاج لتسريع جهودها الرامية إلى تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة بحلول عام 2015. ورغم التقدم الذي شهدته معدلات الالتحاق بالتعليم الابتدائي التي وصلت إلى 75% عام 2007، وانخفاض معدلات وفيات الأطفال بنسبة 28% لمن هم دون سن الخامسة من العمر و23% للرضع في فترة السنوات 1990- 2007، إلا أن اليمن قبعت في الترتيب 153 على مؤشر البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لعام 2007 الذي يضم 177 بلداً. وستكون هناك حاجة لتسريع التقدم أيضاً على صعيد الحد من معدلات سوء التغذية بين الأطفال "46%"، ومعدلات الوفيات بين الأمهات "366 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة حية"، وتقليص معدلات الفقر "حوالي 35%"، وانعدام المساواة بين الجنسين وذلك ضماناً لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة. كما تطرح خطة التنمية من أجل تخفيض أعداد الفقراء التي وضعهتا اليمن الإجراءات الكفيلة بتحسين إمدادات المياه والحفاظ عليها. واليمن من أقل البلدان من حيث نصيب الفرد من المياه العذبة "والذي لا يزيد على 150 متراً مكعباً من المياه للفرد الواحد سنوياً". وقد بلغ استخراج المياه الجوفية 130% من إعادة تغذية الخزانات فيما لا تتسق تغطية إمدادات المياه وشبكات الصرف الصحي في مناطق الريف والحضر مع النمو السكاني. كما أن قضية الزيادة السكانية تفاقم من هذا التحدي الذي يواجه قدرة الموارد على الاستمرار. وقال التقرير إن "اليمن بلد يتمتع بتقاليد عتيقة ضاربة في جذور الزمن إلا أن ما حبته به الطبيعة من موارد يظل محدوداً إذ أنه يعاني ندرة في المياه، ونقصاً في الأراضي القابلة للزراعة واحتياطيات متناقصة من النفط. وأغلب شرائح سكانه التي يشكل الريفيون 73% منها هم في سن الشباب وفي زيادة سريعة. كما أن ما يقرب من 50% من السكان هم دون الخامسة عشر عاماً من أعمارهم فيما تظل معدلات الخصوبة الإجمالية من بين أعلى المعدلات في العالم. وبهذه الوتيرة، يمكن أن ينمو سكان اليمن من 22 مليون نسمة في الوقت الحالي إلى 50 مليوناً بحلول عام 2035. وقد وصل نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي في اليمن إلى 770 دولاراً عام 2006. ورغم تحقيق بعض المكاسب المتواضعة على صعيد الحد من الفقر في المناطق الحضرية، فما يزال زهاء 35% من السكان من الفقراء. ومازال الفقر أحد التحديات الإنمائية الرئيسية التي تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا". وتحدّث التقرير عن مساعدات البنك الدولي حيث تبنى البنك في 15 يونيو من عام 2006 إستراتيجية المساعدة القطرية للسنوات المالية 2006- 2009 بالنسبة لليمن والتي تنصب على مساعدة الحكومة على إحراز تقدم في أربعة جوانب رئيسية من خطتها الإنمائية لتخفيض أعداد الفقراء 2006- 2010. وتتمثل تلك الجوانب في تنويع النمو من خلال تحسين أسلوب الحوكمة وتقديم الخدمات العامة. وتنصب هذه الركيزة على تحسين بيئة أنشطة الأعمال والبيئة التنظيمية، وتدعيم قوة البنية الأساسية للطرق والكهرباء، وتحسين المهارات من خلال التعليم الفني والتدريب المهني والتعليم العالي، وتحسين الأطر التنظيمية والاستثمارات المناسبة في القطاعات الرئيسية "الزراعة البعلية والمروية، ومصائد الأسماك، والصناعات التحويلية، وقطاع الغاز". والجانب الثاني تحسين التنمية البشرية عبر نظام تقديم الخدمات بفعالية أكثر وتحسين شبكات الضمان. وينصب ذلك على إتاحة التعليم الأساسي وتحقيق المساواة بين الجنسين في الالتحاق وتحسين نوعيته، وإتاحة الخدمات الصحية وجودتها، وبرامج شبكات الأمان، وشبكات إمداد المياه والصرف الصحي. أما الجانب الثالث فيتمثل في تعزيز قدرة المالية العامة على الاستمرار من خلال تحسين إدارة الإنفاق العام. ويتركز على تحسين شفافية الإيرادات وإدارة الإنفاق "ومن ذلك تخفيض الدعم المقدم لأسعار الوقود"، وإصلاح القطاع العام والمشتريات العامة وإدارة الشئون المالية العامة. في حين يتعلق الجانب الرابع بزيادة قدرة الموارد على التحمّل من خلال تحسين إدارة موارد المياه وتخفيف الضغط السكاني. وتقوم هذه الركيزة على إدارة موارد المياه والنمو السكاني.