يعد النمو السكاني المتسارع الذي تشهده اليمن أبرز عقبة رئيسة أمام الجهود التنموية المختلفة الاقتصادية والصحية والتعليمية، خلال الأعوام القادمة، كما يسهم بقدر كبير في إعاقة السياسات والجهود التي تبذلها الحكومة من أجل مكافحة الفقر والبطالة، وقد يشكل تهديداً للاستقرار الاجتماعي، وصولاً إلى أثره السلبي على نصيب الفرد من الموارد الطبيعية الوطنية كالمياه والكهرباء. حيث أكد المركز الوطني للسكان أن الفجوة بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي تزداد اتساعاً، عاماً بعد آخر، لتعتبر نسبة النمو السكاني باليمن، التي تصل إلى 3.2 بالمائة سنوياً، من أعلى النسب في العالم، فيما يمثل معدل الخصوبة 6.1 طفل لكل سيدة يمنية. وقال المركز في دراسة سكانية حديثة: إن النمو الطبيعي للسكان يصل إلى حوالي 700 ألف نسمة سنوياً، يحتاجون إلى رعاية طبية وتعليم، فالنمو السكاني يضع ضغوطاً كبيرة على موارد البلاد، ويضاعف الأعباء الاقتصادية للدولة.. محذراً من استمرار الوضع على ما هو عليه.. وأشار إلى أن الدولة لن تتمكن من استيعاب مطالب سكانها المتزايد. وأوضحت الدراسة التي حملت عنوان "التوازن بين التزايد السكاني ومستويات النمو في اليمن"، أن نسبة نمو إجمالي الناتج المحلي خلال الفترة بين 2001 و2007 كانت أقل بكثير مما تم التخطيط له، حيث وصلت إلى 4.5 خلال الفترة من 2001 إلى 2005 بدل نسبة 5.6 المتوقعة.. مشيرة إلى أنها لم تتجاوز 3.8 في عام 2006، و2.6 في العام 2007م، بالرغم من أن الخطة الخمسية كانت قد توقعت أن تصل إلى 4.9 و5.5 في السنوات المذكورة. وقدرت دراسات المركز الوطني للسكان أن يرتفع عدد سكان اليمن من 21 مليون نسمة حالياً، إلى نحو 50 مليوناً عام 2033، إذا استمر النمو السكاني بمعدله الحالي، وفي حال انخفاض معدل الخصوبة إلى 3.3 للمرأة الواحدة بحلول عام 2020، توقعت الاستراتيجية الوطنية للسكان أن يصل عدد سكان اليمن إلى 43 مليون نسمة. وأكدت أن الزيادة في عدد السكان تفرض احتياجات إضافية، مثل تأمين 2.2 مليون فرصة عمل، فيما سيبلغ عدد الطلاب الملتحقين بالتعليم الأساسي 14.7 مليون طالب وطالبة، يحتاجون إلى 490 ألف مدرس. مشيرة الى أن القطاع الصحي بحد ذاته سيحتاج إلى أكثر من 16 ألف طبيب وطبيبة، وعلى صعيد الموارد الطبيعية، فإن اليمن سيحتاج إلى ثمانية آلاف و392 مليون متر مكعب من المياه الإضافية، فضلاً عما ستفرضه احتياجات الطاقة والأمن وغيرها. بالمقابل تظهر بيانات المجلس الوطني للسكان أن خدمات الرعاية الصحية لا تغطي سوى 50 بالمائة من السكان، حيث تصل نسبة الوفيات بين الأطفال إلى 77.2 لكل ألف مولود حي، وتصل نسبة المواليد الخدج إلى 18 بالمائة، ولا تستطيع 65 بالمائة على الأقل من النساء الاستفادة من خدمات الرعاية الصحية، لاقتصار خدمات الولادة على 25 بالمائة من المراكز الصحية المتوفرة. فيما تصل نسبة وفيات الأمهات عند الولادة إلى 366 وفاة من لكل 100 ألف ولادة، وتبقى الرعاية الصحية المتوفرة للحوامل ضعيفة جداً، في وقت تتم فيه 84 بالمائة من الولادات في البيوت، فيما يعاني 45.3 في المائة من الأمية، في حين لا تتجاوز نسبة الانخراط في المدارس الابتدائية 62.5 في المائة. ووفقاً للاستراتيجية الوطنية للسكان والتعليم والتواصل (2005 - 2010) التي أعدها المجلس الوطني للسكان، ينتشر سكان اليمن في أكثر من 11 ألف تجمع حضري وقروي، 25 بالمائة منهم يقطنون في المدن، وتبلغ الكثافة السكانية في عموم البلاد 30 شخصاً للكيلومتر المربع الواحد. هذا وكان تقرير "تقييم الفقر في اليمن" الذي صدر عن الحكومة اليمنية بالتعاون مع البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في شهر ديسمبر من العام المنصرم، قد أوضح أن البطالة ارتفعت من 13.7 بالمائة عام 1999 إلى 16.3 بالمائة عام 2004، وارتفعت نسبة العمالة بحوالي 4.3 بالمائة سنوياً، في حين لم يزدد عدد الوظائف المتوفرة إلا بنسبة 3.7 بالمائة وفقاً للتقرير. جدير بالذكر أن المؤتمر الوطني الرابع للسياسة السكانية الذي انعقد بصنعاء منتصف الشهر الماضي. قد أوصى بضرورة تشجيع العاملين في القطاع الصحي على العمل في المناطق النائية ورفع الوعي حول مخاطر الزواج المبكر، واعتماد قوانين ترفع سن الزواج إلى 18 سنة على الأقل وتُجرِّم ختان الفتيات. كما دعا المؤتمر الى تحقيق شراكة فعلية بين (الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني) من جهة والمركز الوطني للسكان من جهة ثانية، لمواجهة تحديات النمو السكاني، وتحقيق التوازن بين معدلات النمو السكاني والتنمية المستدامة.. منوهاً في ذات الصدد إلى ضرورة أن تضطلع أجهزة الإعلام ومنظمات المجتمع المدني بدورها التوعوي بخطورة النمو السكاني الكبير.