أوصى مؤتمر المساءلة وتعزيز الحكم الرشيد في اليمن في اختتام أعماله اليوم بصنعاء بإلغاء قانون إجراءات اتهام ومحاكمة شاغلي الوظائف العليا وكافة النصوص والمواد في الدستور والقوانين النافذة التي تتضمن إجراءات تمييزية لمسائلة شاغلي الوظائف العليا في الدولة والتحقيق معهم وإحالتهم للاتهام بصورة مخلة لمبدأ تساوي المواطنين أمام القانون مثلما هم متساوون في الحقوق والواجبات. وإلغاء كافة النصوص والمواد الدستورية والقانونية النافذة التي تعفي أيا من موظفي الدولة من المساءلة الجزائية والمدنية عن نتائج أعماله أو تعطيه حصانة من أن تطاله يد القانون كشأن بقية المواطنين أو موظفي العموم، أكانت حصانة برلمانية أو قضائية أو أي حصانة كانت فلا حصانة لمرتكبي حالات الفساد ومسيئي استخدام السلطة. وأوصى المؤتمر بضرورة التأكيد في الدستور والقوانين ذات العلاقة على أن كافة جرائم الفساد والكسب غير المشروع وكافة جرائم إساءة استغلال السلطة لا تسقط بالتقادم ومعها كافة الدعاوى المدنية لملاحقة مرتكبيها واسترداد الأموال المتحصلة عنها. وعمل تعديلات للتشريعات اللازمة تكفل للمواطنين الوسائل والسبل اللازمة للقيام بواجبهم في حماية المال العام من تقديم شكاوى للجهات المختصة ورفع الدعاوى المدنية أمام المحاكم لاسترداد الأموال المتحصلة بسبب جرائم الفساد والثراء غير المشروع. وضرورة إلغاء النصوص الدستورية والقانونية التي تجيز منح عقارات الدولة وأموالها المنقولة وممتلكاتها العامة مجانا أو التنازل عنها مع استحداث نص دستوري ينص على أنه "لا يجوز للمجلس التشريعي سن قوانين تسمح بالتنازل عن عقارات الدولة وممتلكاتها أو منحها من قبل أي جهة كانت وتحت أي ظرف من الظروف ولأي سبب كان". كما أوصى بإلغاء عبارات "بحسب القانون" أو "بحسب اللائحة" وما إليها من العبارات الواردة في كافة المواد الدستورية والقانونية حتى لا تكون مدخلا للتحايل على الحقوق التي كلفها الدستور والقانون. وإجراء تعديلات تشريعية تكفل حق المواطنين في الحصول على المعلومات التي تحتفظ بها الدولة وتلزم الدولة بتوفير المعلومة وضمان التدفق الحر لها. وضرورة استحداث نصوص دستورية تحظر على المجلس التشريعي سن قوانين تحول دول حق المواطنين في الحصول على المعلومة وتداولها أو قوانين تحد من حرية الصحافة أو تعاقب على الرأي والنشر أو تحرم المواطنين من حقهم في امتلاك وسائل الإعلام ووسائط نقل المعرفة مع إلغاء كافة المواد الدستورية والقانونية ذات العلاقة التي تحول دون اطلاع المواطنين على كافة التقارير المالية والإدارية وكل المعلومات الخاصة بالتحقيق في جرائم الفساد وجرائم غسل الأموال وكذا إقرارات الذمة المالية. وأوصى المؤتمر بضرورة استحداث وإضافة مواد قانونية في قانون العقوبات تجرم وتحدد العقوبة الملائمة بحق كل موظف عام أو مسؤول عمومي من الذين يمنحون بدون أذن قانوني لأي سبب كان إعفاء أو تجاوزا عن واجب ضريبي أو رسم عام أو يسلمون مجانا محصولات مؤسسات الدولة والمستفيد يعاقب نفسه بنفس العقوبات. ونصوص عقابية رادعة لكافة حالات انتزاع الأموال المملوكة للدولة وكذا حالات الانتزاع عنوة وأن تحدد عقوبات رادعة لكل حالة وعلى كافة حالات تسهيل الاستيلاء على المال العام وأن تحدد عقوبات رادعة لكل حالةبالإضافة إلى نصوص عقابية رادعة على كافة حالات الإخلال بنظام توزيع السلع والخدمات وتعاقب كل موظف عام أخل بالقواعد المنظمة للمفاضلة على أساس الكفاءة لشغل الوظيفة العامة. ومثلها نصوص عقابية رادعة على كافة حالات الحصول على مواقع متقدمة للأقارب أو على أساس الولاء السياسي في الجهاز الوظيفي بصورة مخلة لقواعد التوزيع والفرص المتساوية بين المواطنين وعلى كل حالات الحصول على الوظيفة العام بالمحسوبية والوساطة وتعاقب على كل حالات توزيع المال العام على فئات معينة أو مناطق جغرافية على أساس عشائرية أو مناطقية أو لتحقيق كسب سياسي. كما أوصى مؤتمر المساءلة وتعزيز الحكم الرشيد في اليمن بضرورة وضع نصوص عقابية رادعة على مجمل الانحرافات المالية ومخالفات القواعد المالية التي تنظم سير العمل المالي في الدولة ومخالفة التعليمات الخاصة بأجهزة الرقابة والمحاسبة وأن تحدد عقوبات رادعة لكل حالة من حالات الانحراف ووضع نصوص عقابية رادعة تجرم حالات التساهل والتهاون مع مسيئي استخدام السلطة وتعاقب على عدم اتخاذ الإجراءات العقابية والوقائية بحق الفاسدين من قبل الأجهزة المختصة عند العلم بحالات الفساد وتلقي الشكاوي حيالها. كما طالب بوضع نصوص عقابية رادعة بحق كل موظف امتنع أو ساعد على حرمان المواطنين من الوصول إلى المعلومة أو حرمانهم من امتلاك وسائل ووسائط امتلاكها. ونصوص عقابية على كل حالات استخدام المنصب العام من أجل الحصول على امتيازات خاصة كاحتكار الوكالات وإحالة العطاءات على شركات الأقرباء دون اتباع الإجراءات القانونية. وطالب المؤتمر باستحداث نصوص عقابية رادعة على كل حالات استغلال الوظيفة العامة لتحقيق مصالح سياسية لتمويل الحملات الانتخابية وتزوير الانتخابات وشراء ولاءات الأفراد والجماعات واستحداث نصوص واضحة تقطع بحق المواطنين ومؤسساتهم الأهلية وأجهزة الرقابة ومكافحة الفساد بتحريك ورفع الدعاوى المدنية أمام المحاكم المختصة لاسترداد الأموال المتحصلة عن جرائم الفساد وجرائم إساءة استخدام السلطة والكسب غير المشروع. وكان المحامي جمال محمد الجعبي قال في ورقته المقدمة للمؤتمر بعنوان "قانون الخدمة المدنية ومعايير الحكم الرشيد" إن الحكم الرشيد أو الحكم الصالح كمصطلح مرتبط بالمساءلة والمحاسبة، وتنبع أهمية ذلك من كون المسائلة والمحاسبة متعلقة بمواجهة الفساد باعتباره الحالة الأكثر ملازمة وارتباطه بالوظيفة العامة وبأداء الموظف العام، كما أن "الشفافية والمساءلة مقوم أساسي من مقومات الحكم الصالح الذي يشكل شرطا مسبقا من شروط تحقيق التنمية البشرية". وأشار الجعبي إلى أن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي أولى مسألة الحكم الرشيد عناية خاصة وجعلها الهدف النهائي لجميع برامجه وأنشطته. من جهته قال النائب في البرلمان محمود الهجري إن القضاء في اليمن ليس مستقلاً وان السلطة التنفيذية تسيطر عليه. وأضاف الهجري أن القاضي المرهون مستقبله بالسلطة النفيذية لا ينتظر منه أن يكون نزيهاً واعتبر أن قانون القضاء الساري يتناقض مع الدستور حتى بعد تعديله ويلغي مبدأ الاستقلال ويرسخ سيطرة السلطة التنفيذية على القضاء كما أنه يمنح حق تعيين رئيس مجلس القضاء والمحكمة العليا وعزلهما للسلطة التنفيذية. أما المحامي ياسين علي فقال إن عملية سن القوانين تعاني من خلل مريع وقصور فاضح يستحيل معهما التسليم بوجود حقيقي وفعلي للشرعية الدستورية والقانونية ولسيادة القانون. وأضاف ياسين في ورقته "القانون المالي وقانوني الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ومكافحة الفساد ومساءلة موظفي الدولة ومسؤوليها ان الدستور الذي هو أساس الدولة وسيد القوانين مثقل بعيوب وأخطاء وقصور منها وأخطرها على الإطلاق ما يتعلق بنظام الحكم وتركز السلطة وعدم اقتران السلطة بالمسؤولية. وقال الأمين العام المساعد السابق بجامعة الدول العربية الدكتور علي عبدالكريم في ورقته" أوجه القصور في القوانين المالية تجاه مساءلة مسؤولي الدولة وموظفيها" إن المشكلة تكمن في ضعف النص القانوني من حيث جموده وعدم مواكبته للتطورات أو في ن قصور في مواده عن استيعاب المفردات الجديدة للمعاملات التي تصدر بشأنها القوانين. وأضاف أن المشكلة تكمن في الإدارة السياسية التي تقيد القوانين وتسكت عن حجم المخالفات الكبرى وأوجه الفساد المختلفة التي تعود لهذا القطاع أو ذاك بدءاً من التهرب الضريبي أو من التهريب متعدد الألوان والأشكال أو من المبالغات في تقدير القيم الجزافية أو الإقلال منها في داولات المقاولات ومنح المشروعات وغير ذلك من القضايا التي تدخل في مجالات التنمية الاقتصادية وتتضح معالم فسادها في سبيل المشروعات المجمدة والمتغيرة والفاشلة ولا يطال مسؤوليها ما يستحقون من مساءلة وعقاب. وكان مؤتمر المساءلة وتعزيز الحكم الرشيد في اليمن الذي نظمته منظمة صحفيات بلا قيود اقامته منظمة بالتعاون مع مبادرة الشراكة الشرق أوسطية MEPI افتتح أعماله قبل ثلاثة أيام تحت شعار "نحو مساءلة فاعلة تكافح الفساد وتكفل سيادة القانون".