يبدو أننا سننزلق باتجاهٍ قد يدفعنا إلى الإنسياق وراء خطاب طائفيٍ ..مناطقيٍ ..مستهجنٍ وممجوجٍ وكريهٍ ، نشعر اليوم بمدى حاجتنا - كمجتمعٍ - إلى تخطيه ومغادرته . لدي أسباب وجيهة لأن أشعر بالغبن ، وتبني خيارات مواجهة ممتلئة بضغائن نبيلة وصادقة. لقد تجاوزالحوثيون قدرات النظم الفاشية في الإيذاء ، مسنودين بميل المجتمع وحاجته لأن يعيش بمعزل عن مشاهد الدمار والعنف التي تتناقلها قنوات التلفزة العربية والعالمية ، وحرصه ( المجتمع) على تجنيب هذا البلد المنهك، من أن يكون نسخة سيئة من ذلك الذي يحدث في كثير من بلدان الربيع العربي. تتسع رقعة الفوضى وتزداد مساحتها اتساعاً ، وربما لن نجد من الوقت ما يكفي لحساب الكلفة الحقيقية لهذه الفوضى ، وانعكاساتها المدمرة على الهوية الوطنية والنسيج الإجتماعي في هذا البلد. تكاد إنجازات الحوثيين تنحصر في براعتهم على إنتاج الجَلَبَة والفوضى ، وحرماننا من أن نكون إلى جانب الميت والضحية ،ناهيك عن الرغبة الحقيقية في انتزاع موقفٍ مباركٍ لكل هذه الجلبة والفوضى. لن يصل بنا الحوثيون إلى مرحلة الإذعان والتسليم ، بحسب منطق الأمر الواقع على الأرض، ولن يحصلوا على أكثر من شعور رخيصٍ وغير مكلفٍ ، سيهبهم كتلة إستياء صلبة، ونعتاً يضعهم مثار سخرية لتأريخٍ لن تسعفه الأحداث، لإلتقاط النهايات الفارغة إلّا من جثث ودماء ، هي آخر ما يملكه الوطن. لا أحبذ هذه اللكنة الإستعلائية البادية في خطابات قادة الحوثيين، لكنها برغم ذلك تشعرنا - وبطمأنينة مجانية - بدنوِّ الإنفراج المستعصي - حتى اللحظة - لمأساة البلد وأوجاعه المتفاقمة. لقد أكسبتنا ممارسات الحوثيين القدرة على إبداء الهزء وعدم الإكتراث إزاء كل ما يحدث ، وأفقدتنا التوجع الصادم للكرامة جرَّاء الإهانات المتدفقة من قبل أنصار الرب وجنود المسيرة القرآنية الميامين ، وهم يخوضون حروبهم المقدسة. لم تقتصر إهانات الحوثيين على معارضيهم فقط ،إذْ طالت قياداتهم وبصورة بالغة الإهانة ، ولعل الأحداث تؤكد حقيقة هذا الإستنتاج القائم على تتبع تصريحات قياداته ، وبيانات مجلسه السياسي المناقضة تماماً لما سبق من تصريحات ومواقف معلنة لقياداته في المجلس السياسي والمحافظات المحتلة. ربما كشفت حادثتي إختطاف بن مبارك وإقتحام منزل محافظ إب( السكن الخاص) مدى الهوّة الفاصلة بين سياسييه وقياداته الميدانية، وبين ما يعتقد أنه التيار الحاكم( الفصيل الحاكم) في جماعة الحوثيين ، وذلك من خلال ما يمكن أن نطلق عليه الإبتذال في صورته الحقيقية، والتي لا تكاد تمنح هذه القيادات أكثر من وصفٍ مكرِّسٍ للغباء والتبعية الحمقاء. أتعاطف مع ما يتعرض له علي البخيتي من إهاناتٍ موجهة، ولعل منشوره على صفحته في الفيس بوك إزاء إختطاف بن مبارك ، والذي نفى مسؤولية الحوثيين عن هذه العملية ، مهدداً أنه سيتبنى موقفاً مغايراً ، إذا ما ظهر ما يخالف ما ذهب إليه في منشوره ، ليطل بيان مجلس الحوثيين السياسي مؤكداً مسؤوليته في إختطاف بن مبارك، ما يضع البخيتي في موقفٍ لا يحسد عليه . تبنى الحوثيون العملية بسبب ما يسمونه منع الإنقلاب على اتفاق السلم والشراكة ( بحسب البيان) غير أن الإبتذال يُظهر وبحمق مستعصٍ وجهاً مقيتاً من خلال ما كتبه أبو بكر عبدالله (الخولاني ) ، والذي منحنا سبباً ومبرراً وقحاً، لم يكن له من هدف سوى منع وصول نسخة من مسودة الدستور إلى اللجنة المجتمعة آنذاك. في إب ثمة إبتذال آخر ، لم يجد من أحد ليقوم بهذا الدور ، سوى وليد القيسي مدير عام مديرية الظهار، والذي قال إن العملية لمنزل محافظ إب القاضي الإرياني ،لم تكن إقتحاماً بقدر ما كانت واقعةً صالحةً لإظهار المروءة والكرم والقيام بواجب الضيافة تجاه بعض ضيوف الحوثيين القادمين من( مَطْلَعْ) لعدة أيام- بحسب ما قاله القيسي في منشوره على حائطه - متحججاً بالموقع الآمن لمنزل المحافظ الشخصي ، وكأنه يتحدث عن استضافة إب لقادة ودبلوماسيين، لا جماعات وميليشيات موت ، لا يمكن لإب أن تنظر إليهم بغير محتلين وجماعات عنف صادمة لمدنية إب. يتحدث وليد القيسي بلغة من يظن نفسه القائم بأمر عبدالملك الحوثي بالقول: (طلب مني إبلاغ المحافظ بشأن إستضافة بعض الضيوف من أنصار الله لمدة أربعة أيام إلى خمسة أيام......) وكأننا أمام مهزلةٍ لا تفوقها سوى مهزلة أن يكون هذا الغرّ أحد أولئك الذين يعتقدون بامتلاكهم لإمتيازات الإقتراب من الغباء.