في خضم الجدل الساخن حول الانتخابات الرئاسية يشدنا بشغف كبير لمعرفة فيما اذا كان رئىس الجمهورية يعرف لماذا تصر عليه عامة الناس أم أن العلم لديه بموقف الرموز السياسية فقط !؟ القيادات السياسية الوطنية - سواء في السلطة أم المعارضة - ترجمت مواقفها في بيانات، ومناشدات، وتصريحات اعلامية مختلفة، ولقاءات مباشرة مع الرئىس علي عبدالله صالح، إلا أن الشارع اليمني مازال يجهل كيف يوصل صوته إلى مسامع الأخ الرئىس ، لذلك ظل الجميع يردد رأيه في كل مكان عام عسى أن يكون بين المستمعين من هو قادر على الوصول للرئيس وابلاغه بمايدور على ألسنة الناس بشأن الانتخابات الرئاسية اليمنيون محتارون في أمرهم، فهم لايكرهون ان يحظى الرئىس ببعض الراحة من عناء المسئوليات ومسيرة النضال الشاقة، وان يتحول إلى «الأب الروحي» لوحدة اليمن وديمقراطيتها ونهضتها وسلامها.. لكنهم يتخوفون كثيراً من ان يخسروا كل هذه الانجازات في غضون بضعة أيام، ويعودوا إلى نقطة الصفر التي بدأ منها الرئىس عهده.هؤلاء الناس لديهم مبرراتهم للخوف من عدم ترشيح الرئىس لنفسه.. فهم يعتقدون ان الساحة الوطنية تفتقر لنموذج سياسي يمتلك خبرة التعامل مع كل الظروف المعقدة في الساحة اليمنية، وبالتالي فإنهم يتوقعون اختلال توازنات المسرح السياسي والانجرار في فتن وصراعات يصعب نزع فتيلها.. كما ان الشارع اليمني لايثق بالمعارضة، ولايرى فيها أي قدر من التأهيل لقيادة البلد، وكثيراً مايتحدث عنها في اطار المصالح الشخصية والأنانية التي تسعى إليها ، خاصة في ظل دعوات البعض للاستعانة بالخارج واقتفاء خطى التجربة العراقية الغنية عن الوصف، بجانب دعوات آخرين إلى الانفصال، وفريق ثالث يدعو إلى تثوير المدن واباحتها ل«المجاهدين» باسم الدين، وابدال الدستور بالفتاوى المنبرية التي سبق لنظام طالبان ان جربها في حكم افغانستان ، وأمطر الناس بفتاوى التحريم دونما تحليل شيء غير تعدد الزوجات.الناس اليوم قلقون جداً، وصاروا يتطرقون إلى قضايا لم يسبق لهم التحسس منها.. فهم يتحدثون عن حزب اسلامي «الاصلاح » تخلى عن رئيس مجلس شوراه وتحالف مع الامريكيين الذين يتهمونه بالارهاب ويعتقلون شيخين آخرين «المؤيد وزايد» تحت ظروف اعتقال قاهرة.. ثم يتحدثون عن اشتراكيين يراهنون على الرأسماليين لاجتياح الوطن، وجناح آخر يروج للعودة للانفصال.. وهناك أيضاً الفارون من العدالة أو المبعدون من وظائف بسبب الفساد الذين يعمل اعداء الأمة على تجميعهم في عواصم الغرب ليمثلوا «صوت اليمن» وارادة شعبها - على غرار مافعلوه مع «المعارضة العراقية» في مؤتمر لندن 2002م.كل هذه الملفات لم تكن مطروحة على طاولة النقاش في المقايل، والأماكن العامة لكنها اصبحت تتصدر هموم وقلق الشارع اليمني من ان تؤول الأمور في الوطن إلى أيدي بعض تلك القوى التي تتخلى عن مبادئها وأدبياتها وعقائدها مقابل حفنة من الدولارات !اليمنيون الشرفاء يرددون انهم للتو سكنت نفوسهم حين تأكدوا أن رؤوس الفساد بدأت تنال جزاءها تباعاً، وان الوطن يقتص لنفسه ممن عبثوا بمقدراته.. وهم واثقون ان بقاء الرئيس علي عبدالله صالح لفترة أخرى سيضمن للاجيال اجتثاث كل عروق الفساد، واصلاح كثير جداً من الأمور، أما إصراره على عدم ترشيح نفسه فانه سينعش آمال العابثين بالوطن بفرصة للفلات من العقاب، وتوريث الفساد.هذا بعض مايدور في الشارع اليمني من نقاش حول مستقبل الحكم في اليمن.. وهذه الأفكار يتداولها السواد الأعظم من الشعب اليمني وهم فئة الموظفين والعمال والمزارعين، وصغار التجار، والمثقفين والأدباء وغيرهم ممن يمثلون الوسط الاجتماعي الذي قدم منه الرئيس صالح للحكم، والذين يثق أنه لن يتخلى عنهم في هذه الظروف الصعبة.. فهناك من يهدد ببيع الوطن والصلاة على قبلة البيت الابيض.