سلطت وسائل الإعلام العربية والعالمية الخميس الماضي الضوء على الانتخابات البرلمانية الكويتية، مشيدة بالتجربة الديمقراطية المتميزة وبمشاركة المرأة لأول مرة في الانتخابات، ترشيحاً واقتراعاً، في سابقة هي الأولى في تاريخ الكويت منذ 40 عاماً من ممارسة الديمقراطية النيابية في الكويت، والتي سجلت فيها النساء إقبالاً مرتفعاً ينم عن وعي لمفردات واقعهن، وقد أجمع المطلعون في وصف هذا العرس الديمقراطي بأنه حدث تاريخي للخليج باعتباره نقلة نوعية أخرجت الكويت من عهد ومن منظومة ثقافية وحضارية إلى منظومة أخرى أكثر تقدماً وتحضراً. وبغض النظر عما أسفرت عنه نتائج الاقتراع والتي كانت إلى حد بعيد غير مفاجئة لدى العديد من الأوساط نظراً للأداء القوي لائتلاف المعارضة فإن مشاركة المرأة الترشيحية في حد ذاتها تعد مكسباً نفيساً بكل المقاييس تحسب للنساء، ليس للمرأة الكويتية فحسب بل وعلى صعيد المرأة العربية على وجه العموم. إن ما يجب أن يلفت أنظارنا ليس ذات الحدث نفسه وإنما يلزمنا الاعتبار من أن التطور التاريخي في هذه العملية الانتخابية ما كان ليكتب له النجاح لولا أن المجتمع الكويتي يدرك بالخصوص أن المرأة الكويتية تستحق هذا المكسب لما أثبتته من كفاءة في العمل الوظيفي وإجادة في تناول المشكلات ووضع الحلول والتصورات والإسهام في خدمة المجتمع بما لا يقل في ذلك عن مستوى دور الرجل، حتى أنها بلغت بذلك أعلى المناصب السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فالمرأة باعتبارها صنو الرجل يستحيل إغفال دورها الفاعل الذي تحظى به في سياق عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية في كل المجتمعات والحضارات، ولا شك أن التقدم الذي حققته المرأة اليمنية في شتى الميادين والمجالات، قد وفر لها المناخ الملائم للنهوض وساعدها على القفز خطوات متقدمة تحسد عليها، في ظل قيادة حكيمة تشجع شراكة المرأة في بناء المستقبل الواعد، حتى نالت أعلى الأوسمة والامتيازات سواءً على الصعيد العلمي أو الاجتماعي أو الوظيفي، بل وحتى مسك حقائب وزارية بالدولة. ورغم اعتقادنا بالجدوى التي توليها الجمعيات اليمنية واتحادات النساء التي تنادي بحقوق المرأة والتعريف بها وتطالب بأهمية أن تدرك المرأة حقها السياسي الذي كفله لها الدستور في الواجبات والحقوق، لكن السواد الأعظم للأسف من نساء الأرياف يعشن الجهل في كل صوره المقيتة، جهل بالقراءة والكتابة، وجهل بحقوقهن، جهل بواجباتهن، جهل بأهمية دورهن الفعال.. ويكاد يكون دور المؤسسات والجمعيات واتحادات النساء التي تتولى قضية المرأة ينحصر في نساء المدن اللواتي وصلن إلى مستوى علمي وثقافي معين، فالمرأة الريفية لا تعلم شيئاً عما يسمى بالجمعيات النسوية ولا باتحاد ولا بأي من المسميات التي تنادي بقضايا المرأة وتخليصها من الجهل، ذلك أن هذه التنظيمات والاتحادات بعيدة جداً في أصواتها وحضورها عن القاعدة العريضة للنساء اللواتي يستحققن اهتمام وجهود هذه التنظيمات أو الجمعيات، الأمر الذي يستدعي الغوص في أعماق المجتمعات الريفية والمدن الصغيرة والقيام بتوعية حقيقية للمرأة بحقوقها وواجباتها تجاه مجتمعها، ومساعدتها في تحقيق ذاتها. لهذا السبب فإننا لا نستغرب أن يأتي حجم ومشاركة المرأة في أية انتخابات دون المستوى المأمول، ناهيك عن كونه لا يجسد مبدأ المساواة والتي ضمنتها النصوص الدستورية والقانونية. - المكلا حضرموت