تاريخ 30 / 9 / 2006م الصوم يهذّب النفوس، ويجعل للروح أجنحة لتحلّق في عالم أنوار الله الساطعة البهاء، والجميلة الضياء، ورمضان مناسبة جميلة تعشقها النفوس الجميلة التي أراد لها الله أن تصفو وتسمو.. وهو "أي رمضان" مائدة الله الكريم؛ ولا يأبى الكرامة إلا لئيم. يتعرض المسلمون الصائمون في هذا الشهر الكريم لنفحات الله ورضوانه، بينما لا يناله المعرضون عن شريعته وآداب إسلامه والمخذولون الذين لا حظ لهم ولا نصيب، لأن قلوبهم ليست أوعية مناسبة لتتعرض لشراب المودة، وليست عقولهم قادرة على أن تستوعب أن أيامهم باتجاه المصير المحتوم جد قريبة. وكان السلف الصالح لا يستطيع أن يجهر بقراءة القرآن في هذا الشهر الكريم، خوفاً وحياء من المولى القدير واللطيف الخبير، فهم يعتبرون أن كل نهي نهى الله عباده عنه في قرآنه الكريم هم مقترفوه، وأن كل دعوة إلى خير دعا إليها القرآن هم مقصّرون عنه.. وكان هذا السلف الصالح الكريم يعيش كل لحظات دهره خوفاً وفزعاً من أن يتخطفه الموت بينما هو سادر في الإعراض عن الورع والتقوى. وفي حديث سمر كان هناك بعض العوام الذي استثقل رمضان؛ لأنه حجب القضاة عن العمل وصرفهم إلى العبادة، ويعرف أصدقائي كما أعرف أن هذا الرجل لم يستثقل رمضان لأنه أوقف النظر في التقاضي، قدر ما توقف نشاطه عن الدعوى على غريمه بالباطل، وكان أجدر به وأحرى أن يكون رمضان مناسبة لعودته إلى الحق وانصرافه عن الباطل. إن المشكل الخطير الذي أصاب كثيراً من المسلمين هو أنهم يظنون أن القرآن الكريم إنما خاطب به الله سلفهم الصالح وانتهى أمره عند هذا الحد، مع أن هذا الكتاب الكريم والشرع المبين يخاطب الله به المسلمين إلى قيام الساعة، فما أحوجنا أن نقف عند أحكامه تسليماًَ، وعند آدابه توقيراً وطاعة. رمضان مائدة الله لعباده برهم وفاجرهم، مطيعهم وفاسقهم، فيا فوز التائبين.