منذ عام ولم تستقر المعارضة اليمنية على رأي حول مشاركتها الانتخابية.. يوم تقبل، وعشرة تهدد بالمقاطعة.. فياترى هل سمعت أحزابها بقصة ابن آوى والحمل الوديع!؟ يروى أن حملاً صغيراً «طلي» وقف على شاطئ نهر متردداً في النزول إلى الماء وعبوره مخافة الغرق.. فرآه ابن آوى على تلك الحال، وتقدم نحوه قائلاً: ما بالك أيها الحمل الوديع لا تعبر، يبدو أنك تخاف الغرق، لذا سأساعدك وأجعلك تركب على ظهري وأجتاز بك النهر.. توجس الحمل نية سوء في نفس ابن آوى فرد عليه: أنت محتال ونصاب ولا أحد يأمنك يابن آوى، فكيف لي أن أصاحبك في طريق محفوف بالخطر.. وكيف لي أن أثق أنك لن تغدر بي!؟ رد ابن آوى بصوت خاشع: أعوذ بالله ياهذا من ظنك السيئ، لقد تبت لله، وأسعى لفعل الخير وتكفير ذنوبي.. وصار يقسم الأيمان، ويعطي العهود حتى وثق به الحمل وصعد على ظهره ونزلا الماء.. وبعد قطع ربع المسافة صاح ابن آوى: ما بالك أيها الحمل تتحرك على ظهري وتكاد تغرقني!؟ فاعتذر الحمل وتعهد بعدم التحرك.. وبعد قطع ثلث المسافة صاح ابن آوى مجدداً! ما بالك ياأبله تشد قبضتيك حول عنقي حتى تكاد تقطع أنفاسي وتقتلني!؟ فاعتذر الحمل مجدداً وتعهد بأن لا يمسك برقبته ثانية ولا بأي جزء من جسمه حتى لو مال أو كاد يسقط! وعندما وصلا إلى منتصف النهر حيث المياه العميقة جداً التي كان الحمل يهابها، صرخ به ابن آوى مجدداً قائلاً: أعوذ بالله منك، ما بالك تحرك قدميك في الماء فتعكره ويعميني الرمل الذي فيه!؟ وفي هذه المرة تأكد الحمل الوديع من حدسه بأن ذلك كله مجرد ذرائع ليغدر به ابن آوى ويأكله، وها هو قد أصبح في وسط الخطر وقد يغرق.. فرد عليه قائلاً: اسمع يابن آوى.. كف عن التذرع والحجج الباطلة، إن تريد كنت للتهامي والغدر بي فلن يكون لك ذلك لأنني أفضل الموت غرقاً على أن يلتهمني جبان مخادع مثلك.. وقفز في الحال إلى الماء وبدأ يحرك أطرافه يميناً وشمالاً حتى وجد نفسه على بر الأمان.. ومن يومها تعلم الحمل السباحة بينما المفاجأة صعقت ابن آوى وشلته عن الحركة فغرق. أعتقد أن على أطراف اللعبة السياسية في اليمن أن تتعلم الدرس من ابن آوى والحمل الوديع فها نحن على أبواب الانتخابات الرئاسية والمحلية ولا تفصلنا عنها سوى شهر تقريباً، ولم تعد الذرائع والحجج تنفع أحداً، إذ أن السلطة لن تتراجع وقد أصبحت في موضع التحدي ونقطة الحسم، ولا شك أنها ستضطر للمغامرة بغير مشاركة أحد مثلما فعل الحمل مع ابن آوى وبلا شك أنها ستنجح لأنها ستكون أمام خيار مصيري يحتم عليها سلك كل السبل المتاحة لكي تتفادى رؤية نفسها تحترق رويداً رويداً بين براثن من ظنوا أنهم قادرون على تركيعها في لحظة الحسم، وابتزازها، واستلابها إرادتها الوطنية في إكمال مسيرتها الديمقراطية. الشيء الأهم في كل ما تشهده الساحة من تهديدات بالمقاطعة هو الذي يغفله البعض من حساباته، وهو أن اليمن خلال الأيام القادمة ستغرق بالمراقبين الدوليين، سيتجاوز عددهم عدد أعضاء أفضل الأحزاب المعارضة.. وهو الأمر الذي سيقطع طريق المراهنة على الخارج أمام أية قوى تحمل هذا الشعار، وبين الحين والآخر تهدد به. أتمنى أن لا تتكرر قصة ابن آوى والحمل في الانتخابات اليمنية، وأن لا نخسر أي طرف أو فئة من أبناء الوطن.. فالديمقراطية ليست حرباً وإنما أسلوب للعمل الوطني.