العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نافخ البوق
قصة قصيرة لتوماس إتش رادال
نشر في الجمهورية يوم 01 - 06 - 2007

يمتد الوادي مخضراً تحت حرارة شهر يونيو ويلتمع الطين الأحمر على ضفتي النهر وكأنه لون زيتي.
يبدو منظر الماء المتدفق كما لو كان نهراً من النبيذ الأحمر الشفاف.
يمتد عبر النهر من الجانب الغربي حبل متين مشدود إلى شجرة صنوبر موصولاً إلى مرسى خشبي مطلي باللون الأصفر حيث تنتهي الطريق من هاليفكس إلى ضفة النهر.
ثمة عبارة خشبية هشمت ألواحها حوافر الخيول الجامحة.مربوطة إلى الضفة الغربية، وعلى بعد أمتار من الضفة يرتفع منزل خشبي تنفث مدخنته في السماء أعمدة من الدخان.
من خلال الممر الواقع بين الأشجار برز فجأة إلى هذا المكان الأسطوري من بين ركام الغبار الذي أثارته الحوافر،رجل يعتلي صهوة جواد.
صاح الرجل وهو يشد اللجام متوقفاً خارج باب المنزل،ناشراً الذعر بين الدجاج الآمنة:
هالو
سكت لحظة ،ثم عاد صوته يجلجل من جديد.
جُوب.
لم يسمع أي جواب فعاود النداء مرة أخرى:
تنكفول ...ياتنكفول روجرز
ظهرت فتاة تسير الهوينا قادمة من موضع المرساة.
كانت فتاة من النوع الذي يمكن أن يصفها السيد دوكنز أيام شبابه وقبل أن يصير قاضياً «بأنها كاملة الأوصاف» كانت ترتدي تنورة هادئة اللون ذات رقع نظيفة.
كان وجهها مصبوغاً بسمرة دافئة وشعرها شلال من خصلات متموجة هفهافة يميل لونه إلى البني الغامق ويبدو في ضوء الشموع وكأنه حالك السواد.
سألت وهي تومئ نحو العبّارة: هل تريد العبور؟
كلا ياعزيزتي أريد أن أرى السيد جوب ولكني أعتقد أنك قادرة على القيام بالمطلوب.
أنت بالفعل تقومين بمعظم رحلات العبارة ،على أية حال دعينا من كل هذا الآن فالدوق قادم على الطريق.
الدوق؟
نعم الأمير دوق مقاطعة كِنت قائد القوات في هاليفكس ،هو الآن قادم من أعالي الوادي مع ثلة من مرافقيه، فهو شيطان جوال،انه حصان جامح لايتوقف عن العدو يجوب المناطق المحيطة بالمدينة على نحو مستمر أتعب تجواله أصائل الخيول وهو لايحب التأخير أريدك أن تظهري الجد عندما يصل إلى هنا.
تساءلت تنكفول:كم عدد الركب المصاحب له؟
خمسة رجال ولكن لاتطلبي أجراً أعلى مما ينبغي فالدوق يعرف كل شيء وإلا نالك الجزء الحاد من لسانه مثلما يحدث لنا نحن .سيدفع لك عن نفسه ستة بنسات مثله مثل الآخرين.
كيف يبدو شكله؟
لا أعرف .قالها السيد وهو ينسحب ورفع قبعته بحركة ملوكية ثم أضاف:لم يحصل لي شرف رؤية سموه. عليك أن تكوني منتبهة انظري فدائماً يسبق ركبه نافخ بوق بمسافة كبيرة،رددت الفتاة:
نافخ بوق ..إن هذا الأسلوب يعجبني.
كوني حذرة قالها السيد دوكنز ناصحاً فليس لدى نافخ البوق وقت للغزل ولكن الجنود مستعدون دائماً لأخذ وضع الرماية وإشعال نار مجنونة.
كانت تفترش الحشائش على مقربة من المرسى عندما أقبل أحد الخيالة مدمدماً قادماً من الضفة البعيدة،كان يلبس معطفاً أخضر وقبعة عليها ريش،استرعى ناظريها لمعان البوق المصنوع من الصفر والمعلق حول رقبته،مد الرجل يده لتناول البوق فصاحت به من الجانب الآخر وفر عليك أنفاسك ياهذا.
وقفزت إلى سطح العبّارة وسيرتها عبر النهر مستخدمة يديها بالتناوب للشد على الحبل الممتد إلى الضفة الثانية،وحين اقتربت نظرت إليه وانتابها شيء من الشعور بالخيبة فقد بدا عليه أنه في الخامسة والثلاثين من العمر،على الأقل كانت بدلته تناسبه تماماً وثمة شيء من القسوة تلتمع في عينيه، أثناء العبور سألته تنكفول:متى أتوقع وصول صاحب السمو؟
صاحب السمو؟ ليس قبل ساعة على الأقل..هل هذه عبارة السيد روجرز..؟ وهل لديكم نزل؟وكم يبعد حصن «أأن» من هنا.
نعم هذه عبارة السيد روجرز ولدينا نزل أما حصن «أأن» فيبعد حوالي عشرين ميلا من هنا.
وماذا لديكم من طعام ياعزيزتي..؟
أستطيع أن أذبح دجاجة إذا استطعت الانتظار بعض الوقت،أستطيع أيضاً أن أقدم بعض السمك الطازج مقلياً،ثم استلطف جندياً شاباً وسيماً،ولكن ليس أنت.
وهل هناك ما يعيبني يا آنسة؟
اسمي تنكفول ،تنكفول روجرز جوب روجرز هو والدي أما ماهو عيبك أنت فأنا لاأعرف ،أعتقد انك مثل بندقية الموسكت كل مافيها هو زناد قداحة ودوي انفجارات،إنني أحلم بجندي
شاب وسيم أستطيع الحديث معه أن يكون ودوداً ولكن ليس مستهتراً.
ضحك الرجل وتلاشت من على وجهه سيماء الصرامة.
تبدين جميلة وواثقة من نفسك،من أجل ماذا تريدين جندياً؟
أريده زوجاً على ماأعتقده،أريده رجلاً قوي الساعدين يعرف كيف يستعملهما، ذلك كل ماأريد ،اعطني رجلاً من ذلك الصنف و قليلاً من أدوات العمل استطيع بعدها أن أجعل من هذه المزرعة أفضل مزرعة مابين ويلموث وحصن«أأن».
هذا فقط ولاشيء آخر؟
لمحت نظراته فرفعت رأسها قائلة: أوه أريده أن يمارس الحب معي بعد الانتهاء من العمل،هذا إذا وجدت الرجل الذي أحبه،أردفت متسائلة وهي تحرك أرنبة أنفها:لماذا؟
ولكن زوجات الجنود يعشن في ثكنات،هل فكرت في ذلك؟
سأبقى هنا وسأستمر في ممارسة عملي ليبقى النزل مفتوحاً إلى أن تنتهي الحرب ،ليس هناك من يطمع في زوجة محبة وقطعة أرض أكثر من الجندي؟
حين صعدا العبارة لاحظت تنكفول أن المهماز قد ترك أثراً على جانبي بطن الخيل.
هل يعلم الأمير كيف تعامل خيلك؟
سموه لايبقي على أي رجل في خدمته إذا تلطف في معاملة حصانه،فهو يؤكد دائماً بأنك إذا ما أردت أن تحصل على أفضل مافي الحيوان والإنسان فإن عليك ألا تظهر الرحمة لا لهذا ولا لذاك.أقول لك بأن سموه لم يكن متسامحاً معي أبداً؟
توووت صرخت تنكفول بحدة ،الأقاويل منتشرة هذه الأيام ،إن لسانك قد يتسبب في سلخ جلد ظهرك.
هز عازف البوق رأسه وسأل:ماذا تقول هذه الإشاعات؟
أوووه. لن تصدق حتى نصف الحكايات المتداولة في الطريق الغربي يقولون إنه كان فظاً جلفاً إلى أن جاء إلى كندا ووقع في حب المدام؟
المدام؟
المدام سانت لورين،لا أحد يعرف الكثير عنها،إنها من مقاطعة كيبك،هل فهمت؟ ويقال إن زواجهما قد تم على يد قس روماني،البعض يقول إنها مجرد عشيقة له،على أية حال لقد أسكنها في منزل ريفي رائع على شاطئ حوض بيدفورد مع حاشية من الخدم ويتبع المنزل حديقة كبيرة تقوم المدام بالتنزه فيها،ولكن لابد أنك على علم بكل هذا؟
نافخ البوق ياعزيزتي لاينظر أبعد من طرف بوقه هذا إذا كان حكيماً ،ولكن اخبريني مارأيك أنت بسموه وبالمدام؟
مطت شفتيها الحمراوين وقالت بوقار:لدي انطباع بأنهما
يحبان بعضهما،وسمعت أنها قصيرة وبدينة،وهناك ما يجعلني متأكدة من ذلك،فلو كانت جميلة لساورني شك،يقولون أيضاً إنها متواضعة ومحترمة وإنها تبتعد عن الحياة الراقية المستهترة في هاليفكس وإنها تحافظ عليها من الانغماس فيها،أما فيما يتعلق به فهو جندي ممتاز كما يقولون:فإذا سألتني عن رأيي فيه فهو أفضل من الأوغاد الآخرين أبناء صاحب الجلالة ولكنهم يقولون إن والده الملك لن يسمح له بالعودة إلى وطنه انجلترا مع المدام وإن سمو الدوق لن يتركها ولهذا يرسل من حامية إلى أخرى في المستعمرات حتى وصل إلى هنا..هل تريد أن تأكل شيئاً؟
أعتقد أنني لاأريد..سأتناول العشاء في حصن «أأن».
سأكون في انتظار سيدك الدوق.. هل هناك شيء آخر؟
نظر نافخ البوق إليها فاحصاً وسأل:هل تستطيعين القراءة؟
نعم ولماذا تسأل؟
أرغب أن أترك مظروفاً صغيراً لأحد مرافقي صاحب السمو.
أرشدته إلى الممشى الصغير وأجلسته إلى طاولة وفيما مضت إلى الخارج كان صوت قلمه يصر بعنف ،وعندما خرج كانت ماتزال تمسح عن حصانه غبار الطريق ،وضع يدها مظروفاً وقال:هذا لزميل يدعى بيور أحد مرافقي صاحب السمو،له وليس لأي شخص آخر تذكري هذا جيداً.
امتطى صهوة حصانه
وماذا عن بنساتي الستة أجرة العبّارة؟
أووه تلك وضحك ستأخذينها من بيور قال ذلك وانطلق بحصانه إلى الطريق.
هذا جزائي لأنني وثقت بجندي.
الآن تذكرت الأمير فأسرعت إلى غرفتها حيث لبست بعناية وارتدت حذاءها ذا الابازيم الذهبية الذي اشترته من هاليفكس وراحت تدعك جلده حتى صار لامعاً.
أخيراً صارت راضية بمظهرها،وانطلقت إلى الخارج .نزلت إلى العبّارة وجرتها عبر النهر ولم يدم انتظارها طويلاً فقد ندت عن الطريق القادمة من الأحراش حركة عند المنحنى ،وفجأة تصاعدت إلى السماء سحب من الغبار أثارته حوافر الخيول القادمة،كان أحد الرجال يرتدي معطفاً أزرق اللون والثاني يرتدي معطفاً أخضر فيما كان الثلاثة الآخرون يرتدون معاطف حمراء، توقفوا عند حافة النهر وترجلوا عن خيولهم،تناهى إليها نداؤهم : أين السيد اتيكراتيك؟
تعنون نافخ البوق لقد رحل من هنا قبل نصف ساعة.
كان عليها أن تقوم برحلتين بالعبارة لنقلهم وخيولهم
تساءلت في ذات نفسها ترى من هو فيهم. ثلاثة منهم مايزالون في عنفوان الشباب يدعى أحدهم ريكبرتون والثاني ويندرفيلد وثالثهم يدعي جيمي،صاحب المعطف الأزرق كان أكبرهم سناً وكان الآخرون يسخرون من الطريقة التي يحمل بها المدفع على ظهر الحصان،لاشك أن الخامس هو الأمير إدوارد دوق مقاطعة «كنت».
كانوا يدعونه بالفريق بصوت مفعم بالتبجيل.كان رجلاً كبيراً ذا وجه مستطيل
وأنف طويل معقوف ،كان يبدو رجلاً عديم الصبر،سأل الفتاة ببرود:
هل توقف اتيكراتيك لتناول العشاء في نزلك.؟
كلا ياسيدي.
قال جيمي : إنه لن يتوقف قبل أن يصل إلى حصن «أأن».
« ولانحن أيضاً» قالها الرجل ذو الأنف الطويل وهو ينتزع زمزمية من خلف حزامه ويجرع منها بشراهة ،وفعل الآخرون فعله.
أيها السادة من منكم السيد بيور؟ سألت تنكفول.
كانوا يعيدون زمزمياتهم إلى أماكنها ويتهيأون لركوب خيولهم .قال واحد من ذوي المعاطف الحمراء: السيد بيور؟إنه مايزال خلفنا ،الشيطان المسكين أضاف أحدهم سيجد في حصانه الأعرج مبرراً لتأخره،ولكن لن يعدم حظه من التعنيف عندما يصل إلى حصن «أأن» ناول الضابط تنكفول قطعة ذهبية ثم انطلق الجميع.
كانت الشمس قد مالت نحو الغروب والتمعت أشعتها الغاربة على أعلى أشجار البتولا عندما ظهر المسافر الأخير يقود حصانه الأعرج،بدا متعباً عندما جاءت تنكفول لاستقباله ،عبرا النهرصامتين وعندما وصلا إلى الجانب الغربي سأل هو:ترى كم تأخرت عن ركب أصحابي أعني الأمير والآخرين؟
لكنته ذكرتها بالمستوطنين الألمان خلف النهر.
لن تلحق بهم أما عن عازف البوق الذي يدعونه اتكراتيك فهو الآن قد بلغ الحصن ولا شك أنه يتربص الآن بأحد المتخلفين عن ركبه ويدعى بيور..هل أنت هو؟
نعم أنا هو.قالها الرجل بصعوبة.
حسناً أعتقد أن من الأفضل لك أن تمضي الليلة هنا وتدع الحصان يستريح.
ألتفت ينظر إلى الطريق كما لو كان سيمضي مواصلاً رحلته سيراً على الأقدام.
إنني نافخ بوق الأمير.
بلد عجائب أخرى إذا كانت رحلات سموه تسير على هذا النمط بواق في المقدمة وآخر في الخلف وأربعة .من المرافقين ذوي الشرائط الذهبية حسناً أين بوقك؟
بوقي أخذه اتيكراتيك عندما تخلفت.
كانت يداه عريضتين وقويتين وكانت أكتافه تملآن معطفه الأخضر المعفر بالتراب ،ولكن كان له وجه حالم حزين.
يالها من أرض طيبة همهم بصوت خافت وهو يجيل بصره على الأرض المترامية حواليه هذه الأرض غنية مثل الدم الشمس تسطع هنا تماماً مثلما تسطع على ضفاف نهر أيدر عند المغيب.
نظرت إليه تنكفول وهي تضع يديها على خاصرتها لاتقل لي انك فلاح ماذا تفعل داخل هذه البدلة؟
نعم أنا قادم من مزرعة،يمتلك أبي في وطني الأصلي قطيعاً من الماشية والبط وقد أرسلني إلى المدرسة لدراسة الموسيقى،في المدينة أخذوني للانضمام إلى كتيبة ذاهبة إلى الملك الانجليزي؛وهكذا ذهبت إلى انجلترا ومن ثم أخذوني إلى حيث يعلم الله، وأخيراً أخذوني إلى هاليفكس كي أعمل بواقاً للأمير بوبمب...بوبمب صعوداً ونزولاً إلى ظهر الحصان
أنفخ في بوقي لاستدعاء العبارات،هذا ماأفعله في بدلتي هذه.
إنك محتاج لشيء من الشراب الطيب وطبق من السمك ،هلم إلى المنزل.
دلف إلى الداخل مطاوعاً. أوقدت الفتاة النار وملأت إناء فخارياً بالماء الدافئ وبدأت تغسل قدميه المتعبتين.بدأ الشعور بالحنق ينتابها شيئاً فشيئاً إذ إنها كانت تتوقع سماع عبارات الامتنان منه،إلى أن رفعت رأسها ورأت عينيه الزرقاوتين مغرورقتين بالدموع.
أنت لطيفة أيتها الفتاة، نطق تلك الكلمات بصعوبة مامن أحد كان لطيفاً معي منذ أن فارقت أمي المسكينة على جانب نهر أيدر.
توهجت النار في الموقد،وضعت الفتاة المقلاة على النار وألقت فيها قطعة من الزبدة ثم أتبعتها بالسمك أحضرت زجاجة من الشراب وطلبت منه أن يشرب ثم تذكرت المظروف.
هاك هذا من عازف البوق الآخر إنه لم يدفع ماعليه.
فتح ورقة ملفوفة تغطي وجهها خربشة عازف البوق ثم فتح ورقة أخرى بداخلها،وفيما كان مستغرقاً في القراءة كانت تراقبه وقد غمر محياه علامة الشعور بالدهشة أخيراً غمغم قائلاً:
هذا المظروف الآخر موجه للآنسة تنكفول روجرز ،ناولها المظروف وبدأت تقرأ:الرجل الشاب الذي أعطاك هذه الرسالة معروف حق المعرفة وأنا أوصيك بالاهتمام به اسمه ديدريك بيور يتكلم الانجليزية بطلاقة ويستطيع أن يعزف أنغاماً جميلة بالبوق الفرنسي ولكن الأهم من هذا كله أنه يتمتع بصحة جيدة وينحدر من أصل فلاحي في ألمانيا حيث تلقيت معظم دراستي العسكرية ،لقد سمعته أكثر من مرة وهو يعبر عن رغبته في الحصول على قطعة أرض في هذه المقاطعة عندما تضع الحرب أوزارها ولكن السلام يبدو أنه مايزال بعيد المنال،وبما أن هذا الشاب لن يصلح أن يكون جندياً أبداً ربما يصلح أن يكون زوجاً، وقد أعطيته رسالة تضع في متناول يديك القويتين والاختيار الآن لك أنت ،ولكن عندما أمر من هذه الطريق مرة أخرى آمل أن أجدك وقد صرت السيدة بيور أو ماما بيور.
التوقيع نافخ البوق.
حسناً صرخت قائلة وماذا في رسالتك؟هات ماعندك ياديدريك بيور: بدأ يقرأ بصوت مرتفع وببطء وقد أذهلته المفاجأة تماماً:
«إلى من يهمه الأمر»:
هذه شهادة بأن ديدرك بيور قد خدم صاحب الجلالة بكل إخلاص لمدة ثماني سنوات كمرافق خاص في كتيبتي وكنافخ بوق في الفترة الأخيرة، وإني هنا أمنحه تسريحاً مشرفاً كاملاً ،شريطة أن يطلب يد الآنسة تنكفول روجز للزواج حال تسلمه هذه الوثيقة.
حررت بيدي وبختمي في هذا اليوم السادس عشر من يوليو من عام 1798م إدوارد.
التقت عيونهما من أعلى الورقة المرتعشة،سحب ديدريك بيور نفسه من على الكرسي إلى الأرض في جو غلبت عليه الجدية والمهابة نظرت تنكفول إلى أسفل بتواضع حيث وقعت عيناها على ملاحظة مكتوبة على الرقعة التي على حجرها ،تقول الملاحظة:
كتذكار للبقاء السعيد الذي منحني صوت الثقة المفعم بدفء القلب أرفق بهذا بعض القطع المفيدة التي تحمل كل واحدة منها على وجهها الخلفي صورة والدي المبجل الملك جورج،
إدوارد
في تلك اللحظة انفلت من يدها منديل تدحرجت منه خمسة جنيهات ذهبية التمت على الأرض حول ركبتي ديدريك بيور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.