يقف الإنسان المنصف مذهولاً لهول ما جرى للبنان الشقيق جراء الدمار الذي ألحقته به القوات الاسرائيلية الجبانة. ويزيد ذهوله ضخامة إسقاط تلك الأسطورة الخرافة الجيش الاسرائيلي وترسانته المدعومة من الولاياتالمتحدة وبأحدث ما أنتجته أسلحة البنتاغون ومصانعها الجهنمية ليحل بعد ذلك ليل حالك بصبح صبوح وشمس مشرقة يتطفح بها المقاومون اللبنانيون في حزب الله البواسل، الذين رفعوا رؤوسنا وأعادونا إلى عهود الانتصارات في الخمسينيات والستينيات.. عندما حرر الفدائيون والثوار أراضينا المحتلة من الاستعمار الأوروبي الغرب. نعم تعيدنا المقاومة الإسلامية في لبنان إلى معارك زمان الرجال، صناع الحضارة والمجد والسؤدد، وهل نسينا أو تناسينا الخليفة عبدالرحمن الناصر لدين الله والمنصور محمد بن أبي عامر المعافري «اليماني» عندما كانا سنداً ودرعاً واقياً للمسلمين وغير المسلمين ممن كانت حياتهم نهباً للغزاة من «قوط ونفاريين وفرنجة...إلخ؟! وصدق الشاعر القائل: وطن تشيده الجماجم والدم تتحطم الدنيا ولا يتحطم وهذا هو لبنان الذي وإن حطم العدوان مبانيه وجسوره ومشافيه ومصانعه ومدارسه، وقتل أطفاله وشيوخه ونسائه الآمنين، هذا لبنان المنتصر وحزب الله سنده وحامي حماه، وسماحة الشيخ حسن نصر الله يتجلى كزعيم متفرد لا يقول كلاماً إلا وتم تطبيقه بالواقع.. فأين نحن من هذه الروح التي لو وجدت مثيلاتها في دولنا وأنظمتنا العربية لكانت اسرائىل قد دفنت أو ذهب قادتها إلى البحر لتأكلهم الحيتان؟ إن استساغت لحومهم النتنة! لقد قلب حزب الله الموازين تماماً واستطاع أن يقهر بني صهيون وحماتهم بعد أن لقنهم درساً لم يعهدوه من قبل، إذ لم تفلح أساطليهم وحشودهم من تحقيق مأرب واحد، رغم مليارات الدولارات التي خسرها في تدمير لبنان إلا أنه خرج مدحوراً ممزقاً تلاحقه لعنات الشعوب المحبة للسلام والحرية وهزيمة نكراء، ما كان يتوقع لها أن تحدث، وممن؟ من مقاومة لا تملك إلا سلاحاً بسيطاً لا يرقى إلى أن يكون سلاح مواجهة حربية لدويلة أو دول بالأصح؟! وصدق بالوعد هذا الحزب وانتصر جنده، جند المقاومة بإرادة الله الذي نصرهم لإيمانهم بأن الصهاينة ليسوا أصحاب حق، ولا يقوون على مواجهة الموت.. وأن جند الله هم الغالبون، لأنهم يتخذون شعار «اطلب الموت توهب لك الحياة» خاصة والموقف لا يحتمل التخاذل أمام عدو يجب مقاتلته حيثما يدرك ويوجد في أراضينا المحتلة وتلك التي يراد لها الاحتلال! وبإجماع دولي وغير مسبوق نال حزب الله الاعتراف به كقوة حية تدافع عن الوطن والأمة من خلال القرار «1701» الداعي لوقف الحرب بين «اسرائىل وحزب الله»، وهل أعظم من شهادة المجتمع الدولي في هذا العصر ليوثقها التاريخ في موسوعاته الذهبية كشاهد على قوة العربي الذي لم تضعفه قيادته أو حكام بلاده، بل تركته يختار طريق الحرية والاستقلال والذود عن الكرامة المهدورة!