الثلاثاء , 5 سبتمبر 2006 م قد يكون من المفيد ، بداية وضع تعريف إجرائي لما يمكن أن يعتبر تحولاً اجتماعياً، بحيث تتضح منه الشروط الأساسية اللازمة لهذا التحول. وبهذه الرؤية يمكن تعريف التحول بأنه : «وجود تيار عام أو حالة عامة تعبر عن الرفض لأوضاع معينة وعن الرغبة في تغييرها من خلال مطالب معينة ، مما يدفع بالأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني إلى الالتفاف على القيام بعمل مشترك ، يتسم بدرجة من القبول بالآخر .. وقد يتجه هذا العمل إلى تغيير أو تعديل أو إلغاء نظام اجتماعي قائم، أو الإبقاء على نظام اجتماعي والدفاع عنه في مواجهة قوى اجتماعية أو سياسية مضادة. ويوضح هذا التعريف أن التحول الاجتماعي يجب أن تتوفر له بعض الشروط. ومن هنا لا يمكن اعتبار الجهود التي تبذلها الأحزاب السياسية ، تحولاً اجتماعياً أو ديمقراطياً ، وذلك مع الاعتراف بأن هذه الشكليات يمكن أن تكون إرهاصات أو مقدمات لهذا التحول : فالأحزاب السياسية تشكل ظهورها في تفاعل جدلي مع عدد من العوامل أو المتغيرات التي يرتبط بعضها بظروف المجتمع بشكل عام ويرتبط البعض الآخر بظروف خارجية وعلى سبيل المثال حركة الإخوان المسلمين التي تحولت إلى حزب الإصلاح فيما بعد والحزب الاشتراكي اليمني فقد كانت ظروف نشأتهما ، هي الحرب الباردة التي جعلتهما في مواجهة بعض ، حيث كانت حركة الإخوان تتحرك بدعم من الولاياتالمتحدةالأمريكية ، والحزب الاشتراكي بدعم من الاتحاد السوفيتي ونحن نلمس اليوم أن أولويات هذين الحزبين تغيرت ، تبعاً لظروق وشروط اللحظة التاريخية في السيرورة السياسية .. لكنهما مازالا يحملان من نقاط الفرقة أكثر من نقاط الالتقاء وهما يؤجلان شروط المواجهة لحينها. فمشاعر الرفض والمعارضة لدى قواعدهما مازالت تتغذى من ثقافة الماضي. لذا يصبح من الضروري في هذه اللحظة على المثقفين المستنيرين أن ينصهروا مع زملاء لهم في تيار المستقبل .. ليبلوروا مجموعة من المبادئ ، تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات وبين الدولة والدين ، إلى جانب المناداة بالتحول الديمقراطي .. لأن الأحزاب بوضعها الحالي يجهض مثل هذه المبادئ عملياً ويحول الديمقراطية إلى صراع على السلطة على الجميع أن ينخرطوا في إطار الصحوة الفكرية التي تبناها تيار المستقبل، مالم فإن التجربة الديمقراطية ستظل مفرغة من مضمونها. وبرغم أن التجربة الديمقراطية مر عليها ستة عشر عاماً حتى الآن إلا أنه لم يحدث تحول حقيقي حتى الآن للأسباب التالية : 1) برغم مشاركة الجماهير في الانتخابات البرلمانية وغيرها إلا أن الحركة الديمقراطية مازالت حركة صفوية تتكون أساساً من مراكز القوى وبعض قيادات الأحزاب. 2) ازدواجية الثقافة وتحولها حسب المصالح إلى كثير من الصراعات. 3) ارتفاع نسبة الأمية ساعد حزب الإصلاح على الانتشار وتضليل الناس واستغلالهم. وتأسيساً على ذلك ، يبرز أمامنا سؤالان : الأول هل يمكن القول بوجود تحول اجتماعي وديمقراطي ؟ وفي اعتقادنا أن الإجابة عن هذا السؤال يجب أن تكون بالنفي حيث أن الأحزاب السياسية لم تكن تسمح بظهور النقابات المستقلة، حيث النقابات المسموح بها أو المعترف بها تقع في إطار الحزب. أما السؤال الثاني فمؤداه أنه برغم الانجازات الديمقراطية التي تمثلت بثلاث انتخابات برلمانية واثنتين رئاسيتين ، فإن المجتمع اليمني لم يصل بعد إلى مرحلة الوعي بالحقوق والواجبات لماذا؟ وللإجابة على هذا السؤال : نقول أن السلطة هدفت إلى تحقيق الديمقراطية ، فانبرت لها أحزاب من تحت الأرض ، لم تستطع أن تستوعب حتى الآن الفرق بين ثقافة العمل السري والعملي العلني .. يظهر ذلك واضحاً عندما تدعي الأحزاب إلى أي حوار ، فإنها تتهرب وتشكك في أصحاب الحوار وقد توصمهم بأنهم مع السلطة .. وكان هذه الأحزاب لا تعترف بالسلطة أو بشرعيتها لذلك يظل التقسيم لدى هؤلاء على أساس : سلطة /معارضة. برغم أن التغييرات التي حدثت وأضافت الكثير من الرصيد الموضوعي للديمقراطية إلا أن ذلك كان نتيجة لقرارات قوية حققتها السلطة دون نضال ديمقراطي من المعارضة. وفي النهاية ، فبرغم قناعتنا بأن ما يوجد في اليمن الآن يمكن أن يعد تعبيراً عن الديمقراطية ، إلا أن معرفتنا بجدلية التغيير الاجتماعي وبالظروف الموضوعية والذاتية للشعب اليمني، يوجب علينا كمثقفين أن نواجه الواقع بروح ناقدة وبوعي ورؤية تحدد الحق والواجب .. ولابد من أن نصل في يوم ما.