اتفق الفلسطينون للمخرج من مآزقهم الكثيرة أن يختاروا الديمقراطية لتكون هي المرجع والحكم، فعزموا على انتخابات برلمانية أشرفت عليها منظمات دولية، ومن بىن هؤلاء المشرفين «جيمي كارتر» الرئيس الأمريكي السابق الذي شهد كما شهد زملاؤه بنزاهة هذه الانتخابات وحياديتها وانضمامها للحقيقة. اختار هذا البرلمان حركة حماس لتشكيل حكومة فلسطينية، كان برنامج حماس مؤكداً للثوابت الفلسطينية، ومنها عدم الاعتراف بالاحتلال الاسرائيلي، نال هذا البرنامج ثقة البرلمان المنتخب، فرأس اسماعيل هنية رئاسة الوزراء، وحشدت اسرائيل نصرة الاستكبار العالمي وقوى الاحتلال الحديثة التي رأت أنه لابد من إسقاط حماس، قال شعب فلسطين إن هذا تدخل سافر في الشئون الفلسطينية، قال هذا العالم المستكبر: أنتم أحرار، ولكنا سنقطع المساعدات ونلغي الدعم الذي قررناه في «أوسلو» وغير «أوسلو». بدأ الشعب الفلسطيني يرزح تحت وطأة الجوع الممض، فالأطفال بلا حليب، والكبار دون خبز.. سارع «بعض» العرب بحشد المساعدات نجدة لإخوانهم الجائعين.. قالت أمريكا الحرة ودول أوروبا الحرة: لا.. وفرضت تعليمات تحرم نجدة الشعب الجائع، ومنعت البنوك من إرسال الودائع لأهلنا في فلسطين؛ لأن الفلسطينيين عازمون على عدم الاعتراف باليهود وبالاحتلال الاسرائيلي الظالم. إن المعايير تفرضها أمريكا وأوروبا، فما هو حلال يصبح حراماً، وما هو ديمقراطية يصبح ديكتاتورية.. أمريكا وأوروبا تعاقب الشعب الفلسطيني بالجوع حتى الموت لأنه لم يعترف بالاحتلال الاسرائىلي، ولم تعاقب اسرائيل كونها احتلت أرض فلسطين وشردت أهلها وما بقي منهم تنسفهم بغاراتها الجوية بطائرات صنعت في أمريكا ودبابات صنعت في ألمانيا وتغطية سياسية من فرنسا التي صرّح وزير خارجيتها قبل يومين أن فرنسا لن تساوم بحق اسرائيل في الوجود.. بينما غابت المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني العالمية فلم تنبس ببنت شفة نجدة لصراخ الأطفال وبكاء الكبار وهم يرون أهلهم يفقدون وتطمر عليهم بيوتهم، وبالفعل كانت القاذفات هي التي أسكتت صراخ الأطفال طلباً للحليب حيث ناموا ممزقة أشلاؤهم إلى الأبد. قال «الحكماء» العرب: لابد أن تأتي حكومة «وحدة وطنية» فتكون «مرنة» والمرونة تقضي الاعتراف باسرائيل. والسؤال: لماذا لم يعترف هذا الكيان الاسرائيلي بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني؟! سؤال موجّه «للحكماء العرب» وللعالم.