هل هناك مؤسسات تعنى بتثقيف الشعوب وتنويرها وتعريفها بالزائف والصحيح، بالحق وبالباطل، إن المنطقة كلها تعيش واقع احتقان وتفجير معاً غير مسبوق، لقد أصبح كل فرد وكل جماعة مجرد متلقٍ ساذج لهذا الواقع المرير، المعمد بالقتل والفتنة التي هي أشد منه. في القرن الفائت عرف الوطن العربي على امتداده صراع الاستقطاب، وانقسم هذا العالم العربي إلى قسمين: عروبي قومي، وأممي عالمي.. وكان هذا الانقسام سبباً في سفك دماء كثيرين من أبناء هذا الوطن العربي المسكين، وفي هذا القرن بدأ الصراع يأخذ منحنى أشد خطورة، وفتكاً ودموية. لقد أصبح هذا الانقسام دينياً، فهناك سنّة وهناك شيعة، وهذا الانقسام أخطر الانقسامات؛ لأن السنّة أىضاً طوائف، والشيعة طوائف كذلك، وهناك دول كبرى تغذي هذا الصراع بكثير من التناقض، فهذه الدول الكبرى تدعم الشيعة في منطقة وتتآمر عليها في منطقة أخرى، وتغذي السنّة فترة وتضر بها فترة أخرى، بحجة أن هناك سنّة متطرفة سلفية وأخرى معتدلة. لبنان الآن مرشح للتقسيم، وأخطر منه الاقتتال الديني، وعمرو موسى الطيب النية لا يستطيع أن يظهر الجامعة العربية بالشكل المطلوب.. والشعب اللبناني كأخيه الشعب العراقي وشقيقه الشعب الفلسطيني يستنجد بالحكماء فلم تجدهم. إن المواطن العربي ضائع بين هذه الدعاوى النقيضة، وهو لم يستطع أن يميز الخبيث من الطيب ولم يعد يهتدي للحق، فالزيف الإعلامي من هنا أو هناك، والزيف الفكري لم يعد يترك المجال لمعرفة الحقيقة. إن الحقد الطائفي والحقد الديني هو وحده القادر على استئصال الشعوب.. آن لنا أن نقوم بعملية مراجعة لمعنى الديمقراطية ولمعنى حرية الكلمة. إن بداية الحرب الطائفية، تبدأ مساجلات إعلامية، ثم هي بذرات شيطانية يبذرها الذين في قلوبهم مرض لإحداث الفتن بين الشعوب. إن الذي يفوتنا، مثقفين ومفكرين وجهالاً أيضاً، أن هناك جهات تعمل حثيثاً، ليل نهار لإحداث الفرقة والفتنة بين أبناء الشعب الواحد. أين المثقفون والمفكرون والإعلاميون ليقفوا على هذه الحقيقة المرّة.. وأخيراً فإن قلوبنا على لبنان كما هي على العراق وفلسطين.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.